الصفحات

السبت، 20 سبتمبر 2008

الاحتفال باليوم العالمي للمواقع الآثرية


كتب خالد الهدار في موقع قسم الاثار بجامعة قاريونس تفاصيل ذلك الحفل على النحو الاتي :


صادف يوم الثامن عشر من شهر الطير ابريل عام 2004 اليوم العالمي للمواقع الآثرية وبهذه المناسبة قام قسم الاثار بالاحتفاء بهذه المناسبة وإحياؤه في احتفال متواضع في شكله العام غني بمعانيه وما قدم فيه ، وذلك بمدرج المرحوم د.رجب الاثرم ( مدرج 3 بكلية الاداب) وقد افتتح الحفل الذي حضره مجموعة من طلبة القسم و الاقسام الاخرى ولفيف من اساتذة الكلية و وبعض المدعوين من مراقبة آثار بنغازي و على رأسهم أ. ابراهيم الطواحني مراقب آثار بنغازي ، وبعض افراد البعثة الآثرية الفرنسية في ليبيا و على رأسهم البرفسور اندريه لاروند رئيس البعثة ، والذي تمت دعوته من قبل امين قسم الاثار (أ. خالد محمد الهدار) للمشاركة بمحاضرة على هامش هذا الاحتفال ، كما حضر الاحتفال أ.د. محمد المبروك الدويب امين اللجنة الشعبية لكلية الاداب ، وقد بدأت مراسم الاحتفال بوقفة حداد و قراءة الفاتحة ترحما على ارواح شهداء الفالوجة والعراق و شهداء الارض المحتلة . وقد احتفل بهذه المناسبة بطريقة مختلفة حيث سٌلط الضوء على المواقع الآثرية في ليبيا على وجه الخصوص من حيث ابراز اهميتها ووضعيتها الراهنة والتركيز على الاضرار التي تتعرض لها وسبل حمايتها وذلك من خلال مشاركة اعضاء هيأة التدريس بالقسم باوراق تتناول هذه المواقع و طرق حمايتها . وقد استهل الاحتفالية أ. خالد الهدار بالحديث عن المواقع الآثرية بالجماهيرية على النحو الاتي :

الجماهيرية من البلدان الغنية بالمواقع الآثرية وتنتشر هذه المواقع على رقعة جغرافية ممتدة على غالبية الاراضي الليبية و تتميز بتنوعها الحضاري وهي مرآة صادقة لتاريخ وحضارة الشعب الليبي الموغلة في القدم منذ عصور ماقبل التاريخ مرورا بالحضارات التاريخية المتنوعة الاغريق في الشرق و الفينقيون في الغرب ثم السيادة الرومانية على الساحل الليبي ثم البيزنطيين ثم المسلمون ، وقد تركت تلك الحضارات اثارا لتدل عليها تمثلت في المواقع الآثرية التي كشفت عنها معاول الاثريين ودرستها وحولتها الى تاريخ مكتوب لحضارة وتاريخ الشعب الليبي ، وقد تنوعت الفترات الزمنية التي ترجع اليها تلك المواقع وفقا لتنوع الحضارة التي تنسب اليها.
لدينا مواقع ما قبل التاريخ و مواقع الحضارة الاغريقية و المواقع الرومانية والمواقع الاسلامية و غيرها وكل هذه المواقع لها طبيعة خاصة من حيث طبيعة آثارها وموقعها والظروف البيئية التي تتعرض لها ومن ثم فان حمايتها والمحافظة عليها يختلف من موقع الى آخر على سبيل المثال المواقع الآثرية الصحراوية و المواقع الآثرية الموجودة في الشمال.
من الضروري الاشارة الى ان تلك المواقع قد تعرضت للكثير من الاخطار بدأ منذ الكشف عنها بواسطة الرحالة الاجانب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين اتبعوا اساليب خاطئة للكشف عن آثارها والوصول الى اللقى المختلفة من منحوتات ونقوش و عملة وغيرها وكان من نتائج اعمالهم ان دمرت الكثير من الطبقات الآثرية للوصول الى غاياتهم.
ترتبط بداية الكشف المنظم عن الاثار في ليبيا بالاحتلال الايطالي حيث يرجع الفضل للايطاليين في الكشف عن الكثير من آثار المواقع الآثرية بعد تأسيسهم لادارة خاصة بالاثار تولت اعمال الكشف و التنقيب في الكثير من المواقع الآثرية الواقعة شمال الجماهيرية ، وتركزت اعمالهم على الكشف على المباني ومعالم المواقع الآثرية دون استعمال اساليب علمية دقيقة اهمها التسجيل و التوثيق ودراسة التسلسل الطبقي وغيرها مما ادى الى تدمير الكثير من الطبقات الحضارية مما انعكس على متابعة التسلسل الزمني الدقيق للكثير من المواقع الآثرية.
من الضروري التذكير على الاثار السلبية التي تركتها الحرب العالمية الثانية على المواقع الآثرية في ليبيا .
الاهتمام بالمواقع الآثرية وحمايتها بدأ في ستينيات القرن العشرين او بعد تأسيس مصلحة الاثار في ثوبها الليبي .
وقبل التطرق للتشريعات القانونية التي اصدرتها الدولة الليبية لحماية المواقع الآثرية تنبغي الاشارة الى ان التشريعات و القوانين كفلت حماية المواقع الآثرية على اعتبارها ممتلكات ثقافية و ارث حضاري من الضروري المحافظة عليه وحمايتها بشتى الوسائل ، وبسبب اهميتها الثقافية والحضارية وانها مرتبطة بالهوية الوطنية والقومية للشعوب المختلفة لذا فلم تهملها القوانين والتشريعات الدولية و كذلك المحلية ، ويمكن الاشارة الى المادة 56 من معاهدة قوانين واعراف الحرب التي وقعت في لاهاي بتاريخ 29/7/1899 التي نصت على عدم تدمير النصب و المباني التاريخية والاعمال الفنية ، كما ان المعاهدة التاسعة حول اعمال القصف من قبل القوات البحرية التي وقعت في لاهاي في 18/10/1907 نصت على وجوب الحذر عند القصف من البحر وتجنب ما امكن قصف النصب و المباني التاريخية ، وعلى الرغم من هذا فلم تراع تلك المعاهدات اثناء الحرب العالمية الاولى والثانية حيث تعرضت المواقع الآثرية للتدمير بسبب الحرب ، وهذا دعا اليونيسكو الى عقد مؤتمر في لاهاي ما بين 21/4/ الى 14/5/1954 تبنى معاهدة لحماية الملكية الثقافية اثناء الحرب والسلم معا ، واقرت ان حمايتها لاتكون فعالة الا باتخاذ تدابير دولية ووطنية ، كما اهتمت المنظمة الدولية (اليونيسكو) باصدار قانون دولي لحماية المواقع الآثرية و التنقيب بها صدر في نيودلهي في 5/12/1956 واوصى اليونيسكو ان على جميع الدول ان تضع في تشريعاتها و قوانينها ما تراه مناسبا لتحقيق التوصيات التي صدرت في نيودلهي ، وقد تركزت تلك التوصيات على ضرورة احترام المواقع الآثرية وعدم العمل على العبث بها و تدميرها بل ضرورة المحافظة عليها بشتى الوسائل اهمها ان تكون محمية وفقا للتشريعات النافذة .
وعند النظر الى التشريعات التي صدرت لحماية الاثار في ليبيا فمن الناحية التاريخية يرجع اقدمها الى نهاية العهد العثماني الثاني ، ثم اصدر الايطاليون بعد احتلالهم لليبيا الكثير من التشريعات الخاصة بالاثار نصت على حماية المواقع الآثرية مثل قانون او المرسوم الصادر في نهاية عام 1914 وغيرها من المراسيم الاخرى التي اصدرها الايطاليون اثناء اداراتهم للبلاد وعنت بالاثار والمواقع الآثرية ، وفي عام 1943 اصدرت الادارة البريطانية مجموعة من التعليمات القانونينة بشأن حماية المواقع الآثرية لا سيما بعد الاضرار التي تعرضت لها اثناء الحرب العالمية الثانية ، كما اصدرت الدولة الليبية القانون رقم 11 لعام 1953 التي اهتم بالمواقع الآثرية وحدد المواقع المحمية بموجب هذا القانون ، و قد اجريت عليه تعديلات و اضافات في القانون رقم 40 الصادر عام 1968 الذي الغي بالقانون رقم 2 لعام 1983 ، واخيرا القانون رقم 3 الصادر في 1993 ومازال معمول به حتى الان ، اهتم الفصل الثالث من القانون الاخير بحماية الاثار والمواقع الاثارية حيث اعتبرتها المادة الرابعة والخامسة من الاموال العامة و من الممتلكات الثقافية ونصت المادة التاسعة على الجهات المعنية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الاثار في زمني السلم والحرب ، واعتبار المواقع الآثرية من الاماكن الحيوية الهامة ونظمت بقية مواد الفصل الثالث (10-34 )من هذا القانون الكثير من الاجراءات التي تخص الافراد او الجهات و التي تؤمن حماية الاثار و المواقع الاثارية ، ومن حيث العقوبات فقد نص الفصل الخامس (المواد 51 - 57) على العقوبات الرادعة لكل منتهك لاحكام هذا القانون ، وتمحورت العقوبة ما بين الحبس و الغرامة المالية ، اما الحبس فهو لا يزيد على سنة واحدة ، واقصى غرامة مالية وصلت الى 20000 دينار ، وبصورة عامة فان هذه العقوبات قد تكون غير رادعة و تحتاج الى مضاعفتها وتكون اكثر تفصيلا ودقة في شأن حماية الاثار و المواقع الآثرية .وقد حددت اللائحة التنفيذية لهذا القانون بعض التفاصيل التي من شانها حماية المواقع الآثرية (الفصل الثالث المواد 4- 10) و الفصل الرابع المواد 11- 15 .
وفي الختام فان المشكلة ليست في تشديد العقوبات بل المشكلة في عدم تطبيق تلك القوانين .حتى الجهات القضائية المنوط بها تطبيق تلك القوانين على المخالفين في كثير من الامثلة كان هناك تهاون في تطبيقها . (مشكلة سيدي عبيد ، التعامل مع من يحفر في المواقع الآثرية ، التعامل مع قضايا سرقة الاثار).
اما محاضرة البرفسور لاروند فقد كانت ذات شقين ، تناول في الشق الاول منها ملاحظاته عن مدينة يوسبريدس (سيدي عبيد) و اسباب هجرها في القرن الثالث ق.م. و الانتقال الى موقع جديد و تأسيس بيرينيكي (سيدي خريبيش) ، و الملفت للانتباه ان الاراء التي توصل اليها في هذا الصدد منذ ربع قرن قد أكدتها البعثة الانجليزية المنقبة حاليا في يوسبريدس .
اما الشق الثاني من محاضرته فكان عن حماية المواقع الآثرية في ليبيا و المحافظة عليها ، وقد ركز من مداخلته على تفعيل الوعي الاثري عند المواطنين ، والذي سينعكس على حماية المواقع الآثرية .
و قد اعقب محاضرته بعض التعقيبات من د. محمد الذويب و بعض الزملاء .
وكانت المداخلة الثانية من جانب أ. جمعة كشبور الذي تحدث فيها عن الاخطار التي تهدد المواقع الآثرية في ليبيا و سبل حمايتها و المحافظة عليها .
و ركزت مداخلة أ. أحمد ابوزيان على الحديث عن الاضرار التي تعرضت لها مدينة توكرة الآثرية ، ومدينة يوسبريدس ، وموقع فلينو قرب برسس ووضح من خلال الصور التي استعرضها جسامة تلك الاضرار وتنوعها .
اما مداخلة أ. صالح العقاب فقد تمثلت في ملاحظات عامة عن حماية المواقع الآثرية والمحافظة عليها ، و قد ركز على الوعي الاثري و تطبيق القوانين ، و الاتصال بالجهات المسؤولة ، و تسجيل المواقع الاثرية يعد حماية لها .
كما تحدث أ. سعد ابوحجر في مداخلته عن حماية المواقع الآثرية الى تعود الى عصور ما قبل التاريخ لا سيما في جنوب الجماهيرية ، وما الاخطار التي تتعرض لها تلك المواقع و سبل حمايتها .
وقد تسنى لبقية اعضاء هيأة التدريس بالقسم وبعض الحاضرين من تقديم مداخلات مفيدة عن حماية المواقع الآثرية وواقعها الحالي ، منها مداخلة د. فرج محمود الراشدي ،التي ركزت على توعية المواطن باهمية الموقع الاثري و ضرورة المحافظة عليه ، اما مداخلة د. سعدي الدراجي فقد خصصت للمواقع الآثرية العراقية وما تعرضت له من اخطار اثناء الغزو الامريكي للعراق ، وقد قام أ. ابراهيم الطواحني (مراقب آثار بنغازي) بمداخلة عن الاجراءات التي تقوم بها مصلحة الآثار لحماية المواقع الاثرية في ليبيا ، كما شارك د. ابراهيم المهدوي من قسم المكتبات بمداخلة عن واقع المواقع الآثرية في ليبيا وتقصير مصلحة الاثار في هذا الشأن .

ومما يجدر ذكره ان المداخلات السابقة في مجموعها لم تخرج عن النقاط التالية :

1-مسؤولية حماية المواقع الآثرية لا تقع على عاتق الجهات المختصة فقط بل تتعداها الى المواطنين بالدرجة الاولى .

2-مصلحة الاثار و مراقباتها وهي الجهة المناط بها حماية المواقع الآثرية تحتاج الى دعم مادي و معنوي من اجل المحافظة على المواقع الآثرية وحمايتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق