الخميس، 9 أكتوبر 2008

حول كتاب سينسيوس القوريني ... للاستاذ روك



Roques,D., Synesios de Cyrene et la Cyrenaique du Bas-Empire, Paris:1987.



يهتم كتاب أ. روك بدراسة اقليم كيرينايكي من الناحية التاريخية و الاثرية ودراسة احواله الدينية و الاقتصادية والعسكرية في عصر الاسقف سينيسيوس الذي عاش ما بين 370-413 م ، اعتمادا على رسائل هذا الاسقف البالغ عددها مائة وستة و خمسون رسالة ، اضافة الى كتاباته الاخرى ، و يفهم من العنوان الرئيسي للكتاب انه يعالج تاريخ الاقليم و أوضاعه المختلفة في عصر سينيسيوس و لكن الواقع ان الكتاب في مجمله هو دراسة للاقليم في العصر الروماني المتأخر (البيزنطي) و تحديدا ما بين 300-645 م ، من خلال التركيز على سينيسيوس و عصره في المقام الاول اعتمادا على غزارة الوثائق الادبية و المادية التي يمكن الاعتماد عليها في دراسة تاريخ كيرينايكي و حضارته و المتوفرة حول ذلك العصر، اما دراسته للفترة التالية لموت سينسيوس فهي بمثابة عرض للمعلومات المتاحة عن الاقليم و تحليلها بهدف تعميق معرفة تاريخ الاقليم في العصر الروماني المتأخر من خلال المصادر المتاحة .
وقد قسم هذا الكتاب الى ستة ابواب او اجزاء ،على النحو الاتي :
استعرض في الجزء الاول الناحية التاريخية (ص ص.13-52) حيث اهتم بتاريخ الامبراطورية الرومانية المتأخرة واقليم كيرينايكي من خلال التطرق الى موضوع سقوط الامبراطورية الرومانية واسبابه ، ومن خلاله ناقش نظرية سقوط كيرينايكي و انهياره (المفترض) اعتمادا على تمحيص ما ورد في كتابات سينسيوس ، وما يذكره المؤرخ اميانوس مارسيللينوس ، وعبارته الشهيرة عن قوريني بانها(( مدينة قديمة ولكنها مدمرة )) ، اضافة الى ادلة اخرى اخذ بها دعاة انهيار الاقليم منها الاسباب الطبيعية مثل الزلازل ، والنظر الى حالة الاثار في تلك الفترة ووضعيتها التي قد تؤكد نظرية الافول ، ومن خلال شكاوي سكان الاقليم من الفوضى الادارية والعسكرية ، اضافة الى الدور الذي لعبته القبائل البربرية في زعزعة أمن و استقرار الاقليم في صورة الغزوات التي تعرض لها هذا الاقليم ،كما ان المشاكل الدينية الناتجة عن الصراع بين الوثنية والمسيحية ثم الانشقاقات الدينية التي حدثت بعد ان اصبحت المسيحية الديانة الرسمية في الامبراطورية ، و لايخفى دور التدهور الاقتصادي و انه من العوامل الرئيسية التي اخذ بها بعض الدارسين للتأكيد على انهيار الاقليم ، و قد ناقش أ. روك اسطورة الانهيار تلك وفقا للشواهد الادبية ، تلك الشواهد التي عدت عند الكثير من المؤرخين قرائن مادية على سقوط كيرينايكي ، الا ان روك عدها قرائن ايجابية تدحض السقوط او الانهيار المزعوم للاقليم من خلال إعادة قراءته لتلك النصوص الادبية قراءة جديدة لعل اهمها تفسيره لمقولة مارسيللينوس عن قوريني انها (( مدينة قديمة ولكنها مدمرة )) انها عبارة منسوخة من كتابات سابقة تتحدث عن الاقليم بعد شغب اليهود 115-117 م ، و لا ترجع الى نهاية القرن الرابع أي فترة كتابة لمارسيللينوس لكتابه ، كما ناقش العبارات السلبية التي اوردها سينيسيوس حول الاقليم ، واعاد قراءتها و تفسيرها من جديد وفقا لتفسيره لبعض الكلمات الواردة في تلك النصوص و التي تحمل اكثر من معنى ، اضافة الى ان نصوصه تلك محشوة بالمبالغات ، و يخلص روك ان عبارة سينيسوس ان قوريني اصبحت كومة من الاطلال ان تلك الاطلال ليست اطلالا مادية ولكنها دمار ثقافي و حضاري للمكانة التي كانت عليها في السابق في مضمار الفلسفة والثقافة ، كما ناقش روك ما يذكره سينيسيوس من مصاعب اخرى واجهت الاقليم مثل الجراد والحرائق و الفقر و عد بعضها مبالغات و ان حدثت فعلا ففي فترة محدودة ما بين 411-412 م ، مع التذكير بالتفسيرات الدينية لهذا المصائب التي يخرجها عن الاطار المادي لوقوعها ، و ان وقعت فهي مشاكل ومصاعب مر بها الاقليم في فترة محددة لا يستشف منها انهيار الاقليم ، ومن ثم فان روك دحض بشكل مطلق نظرية سقوط الاقليم في القرن الخامس الميلادي وفقا لتفسيره الجديد للنصوص الادبية التي تقول بدمار الاقليم وسقوطه ( ص ص. 27-40) ، وعزز نظرته الجديدة بدراسته للاثار المادية لبقايا مدن الاقليم لاسيما مدينة قوريني واثر زلازال 262 ، وزلازال 365 على تلك البقايا وان اضرارها لم تكن بالصورة المبالغ فيها التي ظهرت عند بعض الكتاب القدامى ، ومن شأن ذلك يعزز نظريته بعدم سقوط الاقليم في تلك الفترة (ص ص.41-52).
وخصص المؤلف الجزء الثاني من كتابه للناحية الجغرافية (ص ص. 55 -122) فتعرض للتسميات التي مر بها الاقليم واوضاعها الجغرافية الطبيعية ، ثم تطرق الى تطور التقسيم الاداري للاقليم و حدوده سواء بالنسبة لليبيا العليا او ليبيا السفلى وعلاقة هذه المنطقة بالمناطق المجاورة لها .
اما الجزء او الباب الثالث من كتابه (ص ص. 123- 213) فيهتم بالحياة المدنية الذي يعد بمثابة استعراض تاريخي للوضع السياسي للاقليم من خلال المعلومات الواردة في كتابات سينيسيوس أي تاريخ الاقليم في القرن الخامس الميلادي .
واختص الجزء الرابع بالحياة العسكرية في الاقليم (ص ص.215-295) متعرضا للتطور العسكري له من القرن الرابع الى السابع من حيث تنظيم الجيش والقوات العسكرية وانواعها وفقا لوردها عند سينيسيوس وفي مصادر اخرى ، وتعرض لهجوم قبائل الاوسترياني وغيرهم عن الاقليم وتنظيم الاوضاع العسكرية إبان ذلك .
و افرد روك للناحية الدينية الجزء الخامس من كتابه (ص ص. 296-383 ) وقد استعرض من خلاله سينيسوس بين الوثنية والمسيحية ، ثم تاريخ الاقليم من الناحية الدينية وتطورها حتى القرن السابع الميلادي مع التركيز على تاريخ المسيحية به و التعرض لاسماء اساقفة الاقليم ومشاركتهم في المحافل الدينية المسيحية ، واخيرا مناقشة تبعية الاقليم من الناحية الدينية وما ترتب على ذلك من نتائج .
اما الجزء الاخير من هذا الكتاب فقد خصص لدراسة الناحية الاقتصادية للاقليم (ص ص. 385-431) من حيث مقومات الاقليم الاقتصادية من مياه وخصوبة اراضيه ، مما ادى الى قيام اقتصاد محلي قائم على الزراعة والرعي في المقام الاول .
وفي الختام توصل روك للكثير من النتائج الجديدة لم تكن متوفرة قبل بحثه اعتمدت بشكل كبير على دراسة رسائل سينيسيوس وكتاباته باللغة التي كتبت بها (الاغريقية) ، وادى هذا الى اعادته الى ترتيب الرسائل من الناحية الزمنية مما ادى الى اعادة سرد الاحداث التي مرت بالاقليم سردا جديدا بتواريخ جديدة صححت الكثير مما ورد عند كتاب سبقوه اهتموا بتاريخ الاقليم في تلك الفترة .

من آثارنا في المتحف البريطاني


كأس باناثيني من بنغازي في المتحف البريطاني


يعرض هذا الكأس في المتحف البريطاني تحت رقم 1903. 2 ـ 17.1 ، وقد جلب من بنغازي ووصل إلى ذلك المتحف عام 1903 حيث تم إهداؤه للمتحف من قبل السير هـ .كامبيل – بانيرمان (H. Campbell- Bannerman)بعد شرائه من بنغازي . والكأس كامل وفي حالة جيدة من الحفظ ، يبلغ ارتفاعه 57 سم .
و هذا الكأس ذو بدن بيضوي الشكل منتفخ من الأعلى ومستدق قليلا من الأسفل ، كما أن حافة الفوهة مستوية من الأعلى ، والرقبة قصيرة وهناك حز بارز يفصلها عن الكتف ، أمّا القاعدة فهي اسطوانية ذات نهايات محدبة .
وقد زخرف الجانب أ بمشهد للمؤلهة اثينة المحاربة تخطو ناحية اليسار وهي ترتدي كامل عدتها الحربية المعتادة وتقف بين عمودين دوريين يعلو كل منهما ديك ، تمثلت زخرفة الترس الشعارية في مؤلهة النصر المجنحة تتجه ناحية اليسار وتمسك حزام طويل (إكليل المنتصر)بكلتا يديها، ويلاحظ أن اثينة ترتدي ثيابا بسيطة لا توجد بها بهرجة و لا زخارف كثيرة ، ويوجد النقش الرسمي في مكانه المعتاد أي على الجهة الداخلية للعمود الأيسر . أمّا الجانب ب فقد زخرف بمشهد داخل منطقة شبه مربعة تتوسط البدن ، يمثل المشهد لعبة رمي الرمح نحو هدف حيث صور فارسان يلعبانها ، نصب الهدف في مركز المشهد وتمثل في قرص يشبه الترس يحتوي على دائرة في مركزه ، وقد علق القرص على عمود ، بينما يعدو الفارسان المتجهان ناحية اليمين حيث تجاوز الفارس الأول الهدف بعد أن رمى رمحه رمية ناجحة حيث يظهر الرمح في مركز الهدف ، ويمسك هذا الفارس لجام الفرس بيده اليمنى بينما اليسرى يلوح بها عاليا خلف رأسه بعد أن قذف بها الرمح ، أمّا الفارس الآخر فهو يواجه الهدف مباشرة ويرفع يده اليمنى ليقذف رمحه الطويل ناحية الهدف ، يلاحظ التشابه في وضعية الجوادين وكذلك فإن لباس الفارسين متشابه, فكل منهما يرتدي رداء الصيد (الخلاموس) وينتعل حذاء العدائين (إيندروميديس) ذا العنق الطويل ، وقبعة منخفضة مشقوفة الجانبين (بيتاسوس) تشبه القبعات التي كان يظهر بها المؤله هرميس ، يلاحظ أن الفارس الثاني صور مرتديا القبعة على رأسه بينما قبعة الآخر تظهر خلف ظهره. يؤرخ الكأس الأول بأواخر القرن الخامس وتحديدا بحوالي 400 ق.م. ، وهو ينسب إلى مجموعة كوبان .