الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

لوحات منحوتة من قرزة في متحف اسطنبول الاثري




































































































بعض اضرحة مدينة قرزة الاثرية

وصف الضريح ب (B) بالمقبرة الشمالية:
بني هذا الضريح من حجارة جيرية مربعة الشكل تقريبا بيضاء اللون عند قطعها من محجر شعبة القصور قرب المدينة لكن لونها يتحول الى اللون البني المخضب باللون القرنفلي بسبب تأثر الحجارة بالاحوال الجوية ، عموما يتكون الضريح من جزءين جزء علوي فوق سطح الارض منظور للعيان وجزء اخر سفلي غير منظور للعيان ، ويعد الجزء الاول اهم من الجزء الثاني من الناحية المعمارية وهو الجزء الذي كانت تزخرفه المنحوتات موضوع الدراسة ، يمكن ان يوصف هذا الجزء انه ضريح من طراز ضريح المعبد أي استمد شكل ه العام من المعابد الكلاسيكية ، حيث اقيم هذا الضريح على منصة مرتفعة ( Podium ) مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها حوالي 5.40 متر ، وارتفاعها 2.50 مترا، وقد زخرف من الاسفل بقاعدة مقولبة ومن الاعلى بكورنيش يوجد اسفله طُنُف (افريز) مزخرف بزخرفة نباتية حلزونية ، وتوجد دعامة ذات تاج كورنثي في كل زاوية من زوايا هذه المنصة ، يتم الصعود الى الضريح من الناحية الشرقية عن طريق سلم يتكون من سبع درجات ، يتوسط المنصة من الاعلى بناء مصمت مربع الشكل يبلغ طول ضلعه حوالي 2.40 متر، له مدخل وهمي مزخرف في الجانب الشرقي كان في الاصل تحيط به نقوش تذكارية ، أي ان الذي يصعد الى هذا الضريح يواجهه مباشرة هذا المدخل بنقوشه التأسيسية التي تحمل اسم صاحب الضريح .
عموما يحيط بهذا المبنى المركزي رواق معمد يتكون من ستة عشر عمودا ، خمسة اعمدة في كل واجهة من واجهات الضريح الاربع ، ويوجد عمودان اضافيان خلف العمودين الثاني والرابع في الواجهة الغربية ، للاعمدة قواعد اتيكية وتيجان كورنثية كل عمودين يحملان قوسا نصف دائري يتكون من قطعة واحدة بلغ عدد الاقواس ستة عشر قوسا اربعة في كل واجهة اغلبها سقط باستثناء ستة اقواس ، تحمل هذه الاقواس شريط من الاحجار الممتدة على طول الواجهة يطلق عليها اصطلاحا الطُنُف ( F rieze ) ، وقد زخرف هذا الطُنُف من الاعلى ومن الاسفل بصف من زخرفة الاسنان (D entils ) يبلغ مجموع ارتفاع الطُنُف بزخرفته 51 سم ،ويوجد بين هذين الشريطين من زخرفة الاسنان مشاهد من النحت البارز التي نقل جزء منها الى اسطنبول، والبعض الاخر يعرض حاليا في متاحف السرايا الحمراء، وقد انهار هذا الطُنُف ، الذي كان يحمل الكورنيش والسقف الذي تزخرف جوانبه زخرفة السيما التي تظهر في شكل حلزونات اضافة الى تماثيل مؤلهات النصر في زوايا الضريح من الاعلى ، يبلغ الارتفاع الكلي للضريح حوالي سبعة امتار وعرضه 4.40 مترا .

اما الجزء السفلي من الضريح فهو يتكون من غرفة الدفن (القبر) التي توجد اسفل المنصة ، وتقع على محور واحد مع المبنى المصمت، يتم الوصول اليها من الجانب الجنوبي بممر صغير منحوت في الصخر يقود الى عتبة المدخل الذي يسد بكتلة حجرية ، وقد بنيت الغرفة بمهارة معمارية فائقة حيث ان سقفها محمول على قبو برميلي يمتد من الشمال الى الجنوب ، الا ان مسقطها الافقي غير منتظم وتوجد في جدارها الشرقي قرب الزاوية الشمالية قناة تتصل مع قناة اخرى من الاعلى فتحتها العلوية تقع امام المدخل الوهمي على المنصة ، الغرض من هذه القناة سكب السوائل والاطعمة للميت في قبره في المناسبات او عند زيارة الميت من قبل أقاربه .
وقد اقام هذا الضريح ليبي من سكان قرزة يدعى ماركيوس ميتوسان لدفن والده المدعو ماركيوس فيضيل ووالدته فلافيا ثيسيلجوم ( قد يقرأ الاسم ثيفيلجوم)، وقد صرف على بنائه وتجهيزه مبلغ 90.000 فلس ، و استنتج هذا من النقش التأسيسي الذي كان يعلو المدخل الوهمي .


يطلق على هذا الطراز من الاضرحة ضريح المعبد ( Temple– Tomb ) حيث بنيت الاضرحة تقليدا للمعابد الصغيرة ، وقد انتشر هذا الطراز من الاضرحة في العالم الهللنيستي والروماني ، وطراز هذا الضريح ينسب الى الاضرحة ذوات الواجهات المقوسة (أي التي اعمدتها تحمل اقواسا ) وقد انتشر هذا الطراز في مدينة قرزة حيث عثر على عشرة اضرحة من هذا الطراز في المقبرة الشمالية والجنوبية مختلفة الحجم ويتفاوت عدد اعمدة واجهتها من خمسة اعمدة الى اربعة الى ثلاثة اعمدة الى عمودين ، ولم يقتصر ظهور هذا الطراز على قرزة فقد عثر عليه في منطقة نسمة بوادي سوف الجين ، وفي منطقة خنافس بوادي شطاف .
وصف الضريح ج (C):
يقع هذا الضريح بالمقبرة الشمالية بقرزة وتحديدا الى الجنوب من الضريح ب حيث لا يفصلهما عن بعض سوى امتار قليلة ،
ويعد هذا الضريح افضل الاضرحة الشمالية من حيث المحافظة عليه وتماسك أجزائه المختلفة مقارنة ببقية الاضرحة التي تساقطت منها اجزاء كثيرة ، وعند النظر الى الشكل العام لهذا الضريح يلاحظ انه لا يختلف عن الضريح ب إذ ان عناصرهما المعمارية متشابهة وهو ايضا يتكون من جزئين الضريح المقام فوق سطح الارض وغرفة الدفن الواقعة اسفل الضريح ، وقد اقيم الضريح على قاعدة (منصة)مرتفعة مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها حوالي 3.60 مترا وارتفاعها 2.00 مترا ، وقد زخرفت واجهتها بدعامات ركنية ذوات تيجان كورنثية مزخرفة باوراق الاكانثوس المستوية وقد اضيف الى بعضها عناقيد العنب ،وقد اقيمت الدعامات على قواعد دورية ثنائية الحلقات المقولبة ، يعلو الدعامات طنف (افريز) يبلغ ارتفاعه 42 سنتيمترا وقد زخرف هذا الطنف بمنحوتات بارزة داخل دوائر متشابكة مع بعضها تمثلت في زخارف نباتية مثل عناقيد العنب والرمان والتين والكمثرى اضافة الى سعف النخيل والطيور و الفرسان وزخرفة وريدات وغيرها .


ويمكن الوصول الى الضريح عن طريق سلم يتكون من عدة درجات في الناحية الغربية ، و يتوسط المنصة من الاعلى بناء مصمت مربع الشكل يبلغ طول ضلعه حوالي 1.10 مترا يوجد في الجانب الشرقي منه مدخل وهمي محاط بلوحة تذكارية تحمل النقش التأسيسي لهذا الضريح، يحيط بالمبنى المركزي رواق معمد يتكون من اثنا عشر عمودا اربعة اعمدة في كل واجهة من واجهات الضريح الاربع ، يبلغ ارتفاع بدن كل عمود 1.81 متر ومقام كل منها على قاعدة ذات حلقات مستديرة مقولبة يبلغ ارتفاعها حوالي 30 سم وهي اكثر انتظاما فيما بينها اذا ما قورنت بقواعد اعمدة الضريح ب بالمقبرة الشمالية ، اما التيجان التي متوسط ارتفاعها ما بين 40-42 سم فهي من الطراز الكورنثي مزخرفة باوراق الاكانثوس إضافة الى الحلزونات والوريدات ، ويظهر ببعضها اقنعة لاشخاص ملتحين . يحمل كل عمودين منها قوسا نصف دائري يتكون من قطعة واحدة بلغ عدد الأقواس اثنا عشر قوسا اربعة في كل واجهة يلاحظ ان المسافة بين الأقواس مختلفة قليلا خاصة عند مقارنة اقواس الواجهة الشمالية مع اقواس الواجهة الغربية وقد زخرفت واجهة تلك الاقواس بزخارف منحوتة نحتا بارزا لعل أهمها واكثرها شيوعا زخرفة الوريدة . تحمل هذه الاقواس شريطا من الاحجار الممتدة على طول الواجهة يطلق عليها اصطلاحا الطُنُف ( F rieze ) ، يبلغ ارتفاعه 58 سم بما في ذلك الحافة البارزة التي تزخرف الطُنُف من الاعلى والاسفل، وقد زخرف الطنف بمشاهد من النحت البارز يبلغ ارتفاع الجزء المنحوت 47 سم ومازالت اغلب اجزاء ذلك الطنف في مكانها باستثناء بعض لوحاته التي نقلت الى متحف اسطنبول ـ وهي موضوع الدراسة هنا ـ، يحمل ذلك الطنف الكورنيش المدرج والسقف الذي تزخرف جوانبه زخرفة السيما التي تظهر في شكل تماثيل مؤلهات النصر في زوايا الضريح من الاعلى اضافة الى زخرفة الحلزونات ، يبلغ الارتفاع الكلي للضريح حوالي 6.30 مترا وعرضه 3.50 مترا .

ويتم الدخول الى غرفة الدفن التي تقع اسفل المنصة من الناحية الجنوبية عن طريق ممر ضيق منحوت في الصخر مقفل عند منتصفه تقريبا ولهذه الغرفة مدخل اكثر ارتفاعا من مدخل الضريح ب ، سقفت الغرفة بقبو برميلي يمتد من الشرق الى الغرب يبلغ ارتفاعه 2.20 مترا ، توجد في الجانب الشرقي من سقف الغرفة قناة لسكب السوائل والاطعمة القربانية للميت من قبل اقاربه ، وهذه القناة تتصل من الاعلى بفتحة او حفرة تقع امام المدخل الوهمي تماما .
وقد استنتج من النقش التأسيسي الذي كان يعلو المدخل الوهمي ان هذا الضريح أقاماه اثنان من ابناء سكان قرزة هما ماركيوس نيمير واخيه ماكورسان لدفن والدهما المدعو ماركيوس خولام ووالدتهما فارنيشين ، وقد صرفا على بنائه وتجهيزه مبلغ 45.600 فلس بيزنطي ، ومن ثم فان قلة المصاريف التي انفقت على بنائه مقارنة بالضريح ب المجاور له يتناسب مع صغر حجمه ايضا عند مقارنته بالضريح السالف الذكر.

والجدير بالذكر ان هذا الضريح لا يختلف عن الضريح ب من حيث الطراز المعماري الذي يطلق عليه طراز ضريح المعبد (Temple– Tomb ) حيث بنيت الاضرحة تقليدا للمعابد الصغيرة ، وقد انتشر هذا الطراز من الاضرحة في العالم الهللنيستي والروماني ، وطراز هذا الضريح ينسب الى الاضرحة ذوات الواجهات المقوسة (أي التي اعمدتها تحمل اقواسا ) وقد انتشر هذا الطراز في مدينة قرزة وفي اماكن اخرى من منطقة ما قبل الصحراء في غرب ليبيا.
وصف الضريح و (F) بالمقبرة الجنوبية :
يقع هذا الضريح بالمقبرة الجنوبية بقرزة وتحديدا الى الجنوب الشرقي من الضريح ز ( G عند بروجان ) والى الجنوب الغربي من الضريح ج ( C عند بروجان) ، وهو يشكل مع الضريح ز ضريحين منفصلين و متجاورين مقارنة ببقية اضرحة المقبرة الجنوبية ، و لا يفصلهما عن بعض سوى امتار قليلة حوالي سبعة امتار، ويعد هذا الضريح افضل الاضرحة الجنوبية من حيث المحافظة عليه ومظهره العام مقارنة ببقية الاضرحة الاخرى في نفس المقبرة ، الا ان هذا لايعني ان أجزاءه متكاملة بل ان هناك اجزاء مهدمة منها الجانبان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي ، وعند النظر الى الشكل العام لهذا الضريح يلاحظ انه يتميز بصغر حجمه مقارنة ببقية الاضرحة خاصة تلك الموجودة في المقبرة الشمالية ، وبعض اضرحة المقبرة الجنوبية ، وتتفق زوايا هذا الضريح مع الجهات الاصلية الاربعة ، ومن حيث الوصف العام فهو لا يختلف عن بقية الاضرحة إذ ان عناصرهما المعمارية متشابهة وهو ايضا يتكون من جزئين الضريح المقام فوق سطح الارض وغرفة الدفن الواقعة اسفل الضريح ، وقد اقيم الضريح على قاعدة (منصة)مرتفعة مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها حوالي 2.50 مترا وارتفاعها 1.10 مترا ، وقد زخرفت من الاسفل بقاعدة مدرجة (مقولبة) ، ويظهر بها من الاعلى (كورنيش) زخرفة مشابهة ، و يتوسط المنصة من الاعلى بناء مصمت مربع الشكل يبدو في شكل دعامة مقامة على قاعدة مقولبة و هناك تاج به زخرفة مدرجة ، يحيط بهذه الدعامة رواق معمد يتكون من اربعة اعمدة ، يوجد عمود في كل واجهة من واجهات الضريح الاربع ، يبلغ ارتفاع كل عمود 2.00 مترا بما فيها القاعدة والتاج ،وقد شيد كل عمود على قاعدة ذات حلقات مستديرة مقولبة ، اما التيجان التي متوسط ارتفاعها 40 سم فهي من الطراز الكورنثي مزخرفة باوراق الاكانثوس إضافة الى الحلزونات والوريدات ، يظهر الى جانبها احيانا سمك ، ونخلة ، قناع شخصي وغيرها ، وتتميز زخارفها بوجود حافة رأسية بين كل زوجين من اوراق الاكانثوس ، وظهرت هذه الميزة في تيجان اضرحة المقبرة الجنوبية الاخرى . يحمل كل عمودين منها قوسا نصف دائري يتكون من قطعة واحدة بلغ عدد الأقواس اربعة ، قوس في كل واجهة يبلغ متوسط فتحة الاقواس 76.2 سم ، ويبلغ امتداد الواجهات ما بين 1.24 - 1.35 مترا ومتوسط ارتفاعها 68 سم ، وقد زخرفت واجهة تلك الاقواس بزخارف منحوتة نحتا بارزا يمكن تناولها على النحو الاتي : قوس الواجهة الشمالية الشرقية مزخرف بفروع العنب بعناقيده ونخلة وطائر ووريدة ، اما الواجهة الجنوبية الشرقية فقد زخرفت بسمك ووريدات ، و زخرفت الواجهة الجنوبية الغربية (مهدمة) بوريدات وسمكة ، وزخرفت الواجهة الشمالية الغربية (مهدمة) باوراق العنب وطيور .
كانت تحمل هذه الاقواس شريطا من الاحجار الممتدة على طول الواجهة يطلق عليها اصطلاحا الطُنُف ( F rieze ) ، يبلغ ارتفاعه 38 سم ، وهو في الاصل قد زخرف بمشاهد من النحت البارز يبلغ امتداده 6.10 مترا ويتكون من مجموعة من الاحجار سقطت جميعها، نقلت منها ثلاث لوحات الى متحف اسطنبول، والبقية نقل اغلبها الى مصلحة الآثار بطرابلس ، وكان هذا الافريز اوالطنف يحمل الكورنيش المدرج والسقف الذي تزخرف جوانبه زخرفة السيما اضافة الى زخرفة الحلزونات ، يبلغ الارتفاع الكلي للضريح 5.10 مترا تقريبا وعرضه 1.50 مترا .
اما الجزء السفلي من الضريح او غرفة الدفن فيتم الدخول اليها عن طريق مدخل ارتفاعه 47 وعرضه 47 سم يوجد في الجانب الجنوبي الشرقي ، يليه غرفة الدفن (القبر) شبه المربعة في شكلها ابعادها 1.07 × 1.07 × 1.88 × 1.05 مترا ، ويبلغ ارتفاعها 1.23 مترا وهي ذات سقفا مستوي ، وتوجد حفرة او فتحة غير منتظمة في قمة الجدار الشمالي الشرقي يمكن ان تكون قناة لسكب السوائل والاطعمة القربانية للميت من قبل اقاربه ، مع ان بروجان تشكك في وظيفة تلك الحفرة ، و لا تؤكد انها قناة للقرابين ، وقد يكون هذا صحيحا لان بعض الاضرحة لم تحو قناة القرابين مثل الضريح أ بالمقبرة الشمالية .

والجدير بالذكر ان هذا الضريح لا يختلف عن الضريحين ب ، ج بالمقبرة الشمالية ، بيد انه صورة مصغرة عنهما ، ويطلق على هذا الطراز المعماري طراز ضريح المعبد ( Temple– Tomb ) حيث بنيت الاضرحة تقليدا للمعابد الصغيرة ، وقد انتشر هذا الطراز من الاضرحة في العالم الهللنيستي والروماني ، وطراز هذا الضريح ينسب الى الاضرحة ذوات الواجهات المقوسة (أي التي اعمدتها تحمل اقواسا ) وقد انتشر هذا الطراز في مدينة قرزة وفي اماكن اخرى من منطقة ما قبل الصحراء في غرب ليبيا.

اعادة اكتشاف مدينة قرزة الاثرية و نقل بعض منحوتاتها الى متحف اسطنبول


ان قصة اكتشاف لوحات قرزة المنحوتة في العصر الحديث جديرة بالتنويه و ينبغي التعرض لها حتى يتم التعرف على كيفية وصولها الى ذلك المتحف (المتحف الوطني للاثار في اسطنبول). واللافت للانتباه في هذا الشأن ان السكان المحليين المقيمين قرب قرزة كانوا على اطلاع بقرزة واثارها بحكم سكناهم قربها او مرورهم بجانبها بيد انهم لم يدركوا ادراكا صحيحا ماهية تلك الآثار حيث ان خيالهم البسيط حاك حولها الكثير من الاساطير و الخرافات لتفسير المشاهد التي تحملها النحوت البارزة التي تظهر على مباني قرزة خاصة ان تلك النحوتات تجسد مشاهد من الحياة اليومية كالرعي والزراعة تظهر بها اشكال ادمية و حيوانية غير بعيدة عن حياتهم التي يعيشونها ، فيبدو انهم تساءلوا اين ذهب اولئك ولماذا بقيت اشكالهم على تلك المباني ؟ وكان التفسير الذي توصلوا اليه وتنقلوه من جيل الى آخر واشبع فضولهم و تماشى مع بساطة تفكيرهم ان قرزة مدينة مسخوطة سخطها الله بعد ان غضب عليهم و حوٌل سكانها الى اصنام او تماثيل لذا فانهم تجنبوا السكن بقربها او نقل حجارتها المسخوطة خوفا من وقوع اللعنة عليهم وكان هذا مدعاة لحماية اثار هذه المدينة ، وقد سمع الاميرال البحري البريطاني وليام هنري سميث (W .H.Smyth) في عام 1817 ف الكثير من هذا عند اعتزامه زيارة مدينة قرزة الاثرية بعد ان سمع انها مليئة بالتماثيل واستطاع ان يجلب منها بعض المنحوتات البارزة منها لوح يحمل نحت بارز لفارس وميدالية نحاسية رومانية عليها صورة فاوستينا الكبرى اعطاها له احد الاهالي ، أي ان سميث يعد اول من نقل احدى منحوتات قرزة خارجها و اول منحوتة تصل الى اوروبة من قرزة حيث نقلها بواسطة الفرقاطة البريطانية التي تدعى وايماوث (H. M S . Weymouth) في شهر الحرث (نوفمبر) عام 1817 وذلك ضمن الآثار التي تحصل عليها سميث من لبدة و طرابلس والتي وضعت في عشرين صندوقا أرسلت الى بريطانيا .
كما اهتم الرحالة ديكسون دنهام ( D. Denham ) عند زيارته لقرزة في 13/ 1 / 1825 ف بمنحوتاتها حيث قام بعمل رسوم مبدئية (رسم كروكي) لبعض الطنف (الافاريز) و ما تحمله من مشاهد خاصة الافريز الجنوبي في الضريح ب بالمقبرة الشمالية ، والافريزان الشرقي والغربي للضريح ج من نفس المقبرة .


وعمله هذا يعد وثيقة مهمة ساعدت الباحثين على اعادة تركيب المشاهد او لوحات الافريز بعد سقوطها من اماكنها الاصلية ونقل بعضها الى متحف اسطنبول الاثري .
ويبدو انه في منتصف القرن التاسع عشر لم تبقَ بعض اللوحات في مكانها حيث تعرضت بعض الاضرحة لسقوط أجزائها العلوية او انها انتزعت افاريزها مما ادى الى انهيار الجزء العلوي من بعض الاضرحة ، ومن بينها الافاريز التي تحمل المشاهد المنحوتة خاصة في الضريح ب بالمقبرة الشمالية ، أي انه اصبح من السهل نقلها وبالفعل تم نقل مجموعة من المنحوتات الى طرابلس ثم الى اسطنبول تمثلت في ثلاث عشرة لوحة حجرية انتزعت من الضريحين ( ب، ج ) بالمقبرة الشمالية والضريح (و) بالمقبرة الجنوبية، ويبدو ان المسؤولين عن هذا العمل مجموعة من الموظفين الاتراك الذين كانوا يرتادون تلك المناطق لجمع الاعشار و الضرائب من السكان وصادفوا تلك اللوحات فنقلوها الى طرابلس خاصة ان الخرافات التي كانت تحاك على قرزة قد انتهت بعد زيارة الرحالة الأوربيين لها ونقل جزء من منحوتاتها ، عموما قد يكون الهدف من نقل المنحوتات هو ارسالها الى اسطنبول التي بدأ التفكير في انشاء متحف اثري بها و قد ينسب ما حدث في قرزة الى ما قام به سكرتير الوالي علي رضا باشا المدعو كارابيلا افندي بين عامي 1868 - 1869 ف بتجميع مجموعة من الاعمدة والمنحوتات وغيرها من اثار مدينة لبدة وصبراتة ومنطقة طرابلس ، عموما تم الاستحواذ خلال هذه الفترة على عدد ثلاث عشرة لوحة حجرية من اضرحة قرزة ربما بواسطة موظفين اتراك ووفقا لاوامر كارابيلا افندي الذي ارسلها الى اسطنبول مع المجموعات السابقة ، وماتزال منحوتات قرزة تعرض في المتحف الوطني للاثار باسطنبول ، وبصورة عامة وصلت تلك المنحوتات الى اسطنبول قبل عام 1873 حيث تذكر بروجان ان نقشا من قرزة كان معروضا في ذلك المتحف قد نسخ من قبل شخص يدعى ديثييه ( Dethier) قبل السنة المذكورة آنفا ونشره ضمن مجموعة النقوش اللاتينية ( C IL ) اضافة الى نقش لاتيني من قرزة ومن الضريح ب بالمقبرة الشمالية تحديدا قد وصل الى اسطنبول في عام 1868 ف ، ويبدو ان هذين النقشين قد وصلا الى اسطنبول برفقة منحوتات قرزة مع مجموعة كاربيلا افندي ، والجدير بالذكر انه عند وصول تلك المنحوتات الى اسطنبول لم تذكر عنها اية معلومات تتعلق بمصدرها ويرجع الفضل الى الاستاذ ميندل ( G .Mendel)في نسبتها الى قرزة عند اعداده كتالوج منحوتات المتحف المذكور وذلك بعد مقارنتها بما نشره الرحالة الفرنسي ماثزويلكس من صور ضوئية لبعض منحوتات قرزة بعد زيارته لها في عام 1904 ،واستنادا على نصف نقش من قرزة يعرض في ذلك المتحف يؤكد ميندل انه اتى من نفس المكان الذي وصلت منه المنحوتات ، ولقد استطاعت الانسة اولوين بروجان ان تثبت بما لا يدع مجالا للشك انها تنسب الى قرزة بناء على ملاحظات ميندل السابقة اضافة الى الاستعانة بالرسم الكروكي لبعض المنحوتات الذي اعده الرحالة دنهام زد على ذلك العثور على النصف الثاني من النقش المذكور سلفا وملاحظات ترتبط بما تبقى من لوحات الافاريز ومقارنتها بمنحوتات متحف اسطنبول، واستنادا على ما سبق يؤكد نسبة تلك المنحوتات الى قرزة .

الأحد، 28 سبتمبر 2008

مدينة قرزة الاثرية


تقع قرزة على خط طول 14.33 درجة شرقا وعلى خط عرض 30.57 درجة شمالا ، وعلى مسافة 130 كم من خليج السدرة و 250 كم جنوب شرق طرابلس في المنطقة المعروفة باسم ماقبل الصحراء التي تنتشر بها مجموعة من الاودية شهدت منطقة استيطان وحضارة ليبية مزدهرة اثناء الاستعمار الروماني للمناطق الساحلية من منطقة المدن الثلاث (لبده واويا وصبراته).وتقع مستوطنة قرزة جنوب غرب وادي زمزم بمسافة 10 كم شمال وادي صغير يحمل اسم قرزة ، وتشكل هذه المدينة او المستوطنة راس المثلث الذي يتكون من ثلاثة مواقع اثرية مهمة هي قرزة و بونجيم والقريات الغربية، وتعد قرزة من اهم المستوطنات الليبية في منطقة ما قبل الصحراء في العصر الروماني و لا تكمن اهميتها بسبب الحالة الجيدة لاثارها التي لم تتعرض للدمار بسبب جفاف الجو وهجر المدينة ونظرا للاساطير التي حاكها السكان المحليون حولها مما ادى الى عدم حدوث استقرار بها في العصر الحديث كل هذا ساعد على بقاء اثارها بحالة جيدة ، ولكن تكمن اهميتها في المنحوتات البارزة التي تزخرف الكثير من عمائرها والتي تعكس الحضارة الليبية القديمة في ازهى صورها ، زد على ذلك الحفريات و المسوحات المنظمة التي اجريت بالمدينة بواسطة بروجان و سميث في الخمسينيات من هذا القرن والتي تمخض عنها عمل علمي متكامل نشر عن تلك المدينة.

بنيت هذه المستوطنة على جزء مرتفع من الضفة اليسرى من وادى قرزة وتمتد مبانيها وبقايا عمائرها على مساحة تقدر بحوالي 500 × 300 متر ، كما استغل مستوطني قرزة 122 هكتار من الاراضي الزراعية في الوادي لتأمين حياتهم المعيشية والاقتصادية . وقد دلت اعمال المسح والتحري بهذا الموقع على وجود عدد كبير من المباني من اهمها اربعيون مبنى تقريبا منها ستة حصون كبيرة لعل ابرزها الحصنان رقم 31 و 34 اللذان يقعان في منتصف المنطقة السكنية تحيط بهما حصون اخرى اصغر منها حجما من بينها منازل صغيرة وكبيرة يتفاوت عدد حجراتها من حجرة الى ست حجرات ، ومعبد وثني يحمل رقم 32، كما توجد بالمدينة خمس جبانات منها جبانتان رئيسيتان تنتشر بهما اعداد كبيرة من القبور وطرز متعددة لعل من اهمها اربعة عشر ضريحا (قبر تذكاري) تقع سبعة منها في الجبانة رقم 4 وسميت بالمقبرة الشمالية وهي تقع على الطرف الجنوبي من المستوطنة غير بعيدة عن الحي السكني ، وتقع بقية الاضرحة وعددها سبعة في الجبانة رقم 3 بعيدة عن المستوطنة في الجانب المقابل لوادي قرزة وسميت بالمقبرة الجنوبية .

لقد دلت النقوش التي عثر عليها بهذه المستوطنة سواء الليبية ام اللاتينية – البونيقية ان قرزة كانت مركزا كبيرا لبعض القبائل الليبية المتأثرة بالحضارة الكلاسيكية في اواخر العصر الروماني وتحديدا ما بين أواخر القرن الثالث و أوائل القرن السادس الميلادي وان هذه المستوطنة في اصولها الاولى تعد مستوطنة زراعية للسكان المحليين اكثر من كونها مستوطنة رسمية للجنود المزارعين ام المسرحين من الجيش الروماني ثم اصبحت لها مكانة عسكرية مميزة الى جانب حصنا بونجيم والقريات الغربية يدل على ذلك انتشار الحصون والقلاع العسكرية بها . كما تم الاستيطان بقرزة ايضا في العصر الاسلامي وتحديدا ما بين القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد استدل على ذلك من خلال الخزف والعملة الاسلامية التي عثر عليها في المعبد الوثني (المبنى رقم 32)الذي يظهر انه حوٌل الى منزل في العصر الفاطمي . و لقد تميزت الاضرحة التذكارية بمجموعة من اللوحات المنحوتة نحتا بارزا ، وقد تم نهب مجموعة منها ونقلت الى اسطنبول لتعرض في متحفها الاثري منذ القرن التاسع عشر.

الجمعة، 26 سبتمبر 2008

جولة في متحف بني وليد الاثري





نشر في مجلة الثقافة العربية 2007


يعد هذا المتحف من اهم المعالم الحضارية والثقافية في مدينة بني وليد (الواقعة جنوب شرق طرابلس بحوالي 186 كم ) الذي يمكن زيارته و الاطلاع على ما يحويه من مخلفات أثرية وحضارية تعكس تاريخ المنطقة التي يقع بها المتحف ، و قبل ان تقرر مصلحة الآثار إنشاء هذا المتحف كان المبنى الذي اختارته ان يكون متحفاً يشغل مقر مدرسة بني وليد المركزية التي تطل على احد الميادين الرئيسة بمدينة بني وليد ، وقد حوّل المبنى الى متحف بعد إجراء التعديلات المناسبة على مبنى تلك المدرسة ليتناسب مع وظيفته الجديدة ، و قد افتتح المتحف رسميا في 12/9/1999 م ، بعد ان جهزته مصلحة الآثار (مراقبة آثار لبدة) بايدٍ ليبية.
وقبل الولوج من المدخل الرئيسي للمتحف يصادف الزائر عمودين حجريين من الطراز الكورنثي على جانبي المدخل ، كما توجد مجموعة من التيجان الكورنثية تزين السور الامامي للمتحف ، ويلي هذا المدخل حديقة زودت باستراحة صغيرة ومكان للحرس والمراقبة وازدانت ببعض المعروضات ستوصف لاحقاً ، اما مكان العرض او المتحف فمدخله يواجه المدخل السابق كما يوجد عمودين من الطراز الكورنثي على جانبيه ، وعند الدخول منه توجد قاعة صغيرة (ردهة المدخل او صالة الاستقبال) تحوي مكان حجز التذاكر ، كما انها ازدانت بعمودين كورنثيين ، وعلى جانبي هذه القاعة توجد على اليمين ست قاعات (من 1 الى 6) تأخذ شكل حرف (L) اللاتيني ، وتفصل هذه القاعات عن بعضها اقواس نصف دائرية ، ويعاب عن تلك القاعات ان سقفها منخفض بشكل لافت للنظر مما جعلها غير متناسبة مع بعض المعروضات المتميزة بالطول او الارتفاع ، يضاف الى هذه القاعات اربع قاعات (من 10الى 12) بالشكل ذاته تأتي على يسار قاعة الاستقبال (ردهة المدخل) ، وتوجد شرفة كبيرة تقع خلف قاعات العرض استغلت مكانا للعرض ، وتطل هذه الشرفة على فناء مستطيل او ساحة عرض مكشوفة استغلت للعرض ايضاً ، وقد خصصت الاماكن السابقة لعرض مجموعة من المعروضات الأثرية التي عثر عليها في المواقع الأثرية في اودية تلك المنطقة شبه الصحراوية التي تميزت بآثارها الليبية مثل ما في قرزة وام عجرم و غليون ومقدال وخنافس وغيرها ، وقد تميزت تلك المنطقة باضرحتها الأثرية التي رُكز على عرض آثارها في هذا المتحف سواء من خلال بعض منحوتاتها المميزة ام طرازها المعماري الفريد ، وقد بلغ عدد معروضاته حوالي 294 قطعة اثرية ، التي عرض اغلبها في تسلسل زمني باسلوب العرض الحر (اي بدون صناديق عرض) بسبب حجمها ، وقلة منها عرض داخل صناديق (خزائن)عرض فتحت في بعض جدران قاعاته لاسيما تلك التي يمكن نقلها او تحريكها مثل الاواني الفخارية والعملة ...الخ ، ويمكن تناول معروضات المتحف بشيء من التفصيل على النحو الاتي :
القاعة الأولى : وقد خصصت لعرض عينات من عصور ما قبل التاريخ او العصور الحجرية ، عرضت في خزانة حائطية احتوت على عينات من ادوات حجرية صوانية منها فؤوس يدوية ومكاشط ورحى حجرية ترجع تلك المعروضات الى العصر الحجري الحديث ، كما احتوت تلك القاعة على صور وعينات من رسوم لنقوش صخرية من منطقة الاكاكاوس (جنوب غرب ليبيا) ، اضافة الى عينات من اشجار متحجرة .
القاعة الثانية: خصصت لعرض بعض البقايا التي ترجع الى العصرين البونيقي (الفينيقي) و الروماني ، جلبت من لبدة وطرابلس ، تمثلت معروضاتها في خمسة صناديق من الحجر الجيري وضعت في منتصف القاعة ، وقد كانت هذه الصناديق مخصصة لحفظ رماد الموتى بعد حرقهم وهي مزودة باغطية مسنمة نقش عليها اسم المتوفي باللغة البونيقية ، وهي تعود للقرنين الثاني و الثالث الميلاديين . كما عرضت بها مجموعة من الجرار الفخارية التي تعرف اصطلاحاً باسم امفورا (Amphora) منها جرتان ضخمتان على جانبي هذه القاعة من طراز الجرار الافريقية التي تستعمل لتخزين الزيت ونقله وهي تؤرخ ما بين القرنين الثاني و الرابع الميلاديين ، وقد جلبت من احدى المقابر البونيقية في طرابلس ، وقد عرضت في ركنين من اركان هذه القاعة مجموعة اخرى من الجرار البونيقية والرومانية تمثلت المجموعة الاولى في سبع جرار من طرز متنوعة كانت تستخدم في التصدير والاستيراد ثم استخدمت قرابين في المقابر من بينها جرتان من الطراز الرودي (نسبة الى جزيرة رودس) تؤرخان ما بين اواخر القرن الاول ق.م. والقرن الاول الميلادي ، اما المجموعة الثانية فتتكون من اربع جرار جرتان من الجرار الطرابلسية اي مصنعة في طرابلس تؤرخ ما بين القرنين الاول و الثاني الميلاديين ، و جرتان مصنعتان في ايطاليا ، تؤرخ مابين اواخر القرن الثاني ق.م.و القرن الاول الميلادي ، كما يلاحظ وجود نصب حجري عند الحائط الايسر من القاعة تمثل في دعامتين يعلوهما ساكف (لوحة حجرية) زينت الدعامتان بنحت بارز لاشكال آدمية واقفة . وهناك خزانة حائطية عرضت مجموعة من الجرار الصغيرة ذات القواعد المستوية ، من بينها تسع جرار كانت تستخدم لوضع عظام صغار الحيوانات (لاسيما الماعز) المضحى بها ـ عوضا عن البشر ـ بعد حرقها ، وكانت تدفن في مقابر او ساحات مكشوفة عرفت اصطلاحاً باسم التوفيت ، يبدو ان هذه الجرار جلبت من توفيت مسلاته ، كما يعرض في هذه الخزانة مجموعة من جرار او بالاحرى اباريق تستخدم للسوائل يعرف بعضها اصطلاحاً باسم ليجنوس ( Lagynos) تستعمل لسكب الخمر انتشر استعمالها في العصر الهلّنيستي .
القاعة الثالثة ، عرضت بها مجموعة من البقايا الأثرية التي جُلبت من وادي غلبون و مقدال و لذا سميت قاعة غلبون و مقدال ، وقد تمثلت معروضاتها في مجموعة من الكتل الحجرية المزخرفة بنحوت بارزة مختلفة ثلاث منها جلبت من ضريح بوادي مقدال زخرفت احداها بمشهد لبوة تطارد آيل ، وزخرفت اخرى بمشهد سمك منحوت نحتا بارزا ، و زخرفت الكتلة الاخيرة بمشهد تمثل في مجموعة من النساء الباكيات اربع على الضلع الطويل و اثنثان على الضلع القصير للكتلة وهي تؤرخ بتاريخ ضريح وادي مقدال ما بين القرنين الثاني و الثالث الميلاديين، اما المنحوتات التي جلبت من وادي غلبون (شمال بني وليد) فتمثلت في كتلة مستطيلة الشكل مشذبة بشكل جيد زخرفت بمربعات نحتت داخلها مشاهد متنوعة لعل ابرزها وجه شابة او امرأة يحيط به من الجانبين زخرفة زهرة كبيرة الحجم داخل مربع ، يعرض الى جانبها كتلة اخرى تمثل جزء من افريز(Frieze) زخرف باغصان نباتية تنتهي باوراق اللبلاب ، يضاف الى ذلك كتلة اخرى عليها نحت بارز لعربة كبيرة يجرها ثوران يتتقدمها فلاح جالس على صخرة ، ويلاحظ الدقة في نحت هذا المشهد ، اما اهم معروضات هذه القاعة و اكبرها حجما فهو الضريح المجلوب من وادي غلبون ، وهو ضريح صغير بواجهة معمارية مزخرفة بعمودين كورنثيين يعلوهما ساكف او افريز مزخرف بنحت لحيوان مفترس يهاجم حيوان آخر يتقدمه ، و يتوج الضريح بكورنيش متدرج ، وقد زينت واجهة الضريح من الاسفل بمشهد للبطل هيراكليس ، تعلوها مشاهد اخرى منها رأس ثور و سيدة مدثرة بلباسها تظهر في اكثر من مكان .وتوجد في هذه القاعة خزانة حائطية عرضت بها مجموعة من الاكواب و الاطباق من الفخار الروماني (من الفخار الاحمر اللامع و فخار السيجلاتا) تؤرخ ما بين القرن الاول والرابع الميلاديين.
القاعة الرابعة : خصصت هذه القاعة لعرض بعض البقايا الأثرية التي عثر عليها في موقع طويل عنتر من وادي عنتر غرب تينيناي عام 1999، و سميت القاعة باسم طويل عنتر ، وقد تمثلت معروضاتها في كتل حجرية و اجزاء معمارية من الضريح ( أ ) زخرفت بنحوت بارزة متنوعة منها مشهد يمثل صورة نصفية لسيدة (صاحبة المقبرة) و ابنتها ، ومما يلفت النظر تصفيفة الشعر المتقنة للسيدة وابنتها اللتان تظهران بملامح محلية (ليبية) ، ويبدو ان الكتلة التي نحت عليها المشهد كانت تمثل جزء من تاج كورنثي كان يعلو احد دعامات الضريح ، الذي لايختلف عن تاج آخر زخرف برؤوس رجال ملتحيين بملامح محلية تبرز مابين اوراق الاكانثوس ، وهناك تاج آخر زخرف برأس شخص متوج باكليل من الزهور ، وفي احد اركان القاعة تعرض كتلة حجرية عليها نحت بارز يمثل مشهد مؤلهة النصر فيكتوري المجنحة التي تتجه نحو اليسار حاملة بيدها اليسرى سعفة نخيل و باليمنى اكليل من الغار، وهناك مشهد حرث الارض على كتلة اخرى حيث نحت عليها فلاح يدفع امامه محراث ، كما تعرض كتلة معمارية تمثل جزء من افريز نحتت عليها سمكة تتجه نحو اليسار ترمز لروح الميت ، اضافة الى زخرفة وريدة قد ترمز للبعث ، و هناك كتلة حجرية زخرفت بنحت يمثل مشهد فلاح يحصد حيث يجمع السنابل و يضعها في سلة امامه ،كما تعرض كتلة تصور مشهد اسد يهاجم حيوان امامه ، وفي احد اركان القاعة يعرض تمثال اسد او لبوة فاقد الرأس ، ويعرض في ركن آخر تمثال سيدة جالسة تعلوها كوة مزخرفة بزخرفة البيضة والرمح و زخرفة السبحة وغيرها ، كما عرض في منتصف القاعة تاج عمود من الطراز الايوني ، وآخر من الطراز الكورنثي و كلاهما جلب من وادي البنيّة . كما توجد خزانة حاطية يعرض بها تسعة اطباق مختلفة الاحجام من الفخار الروماني الاحمر اللامع يتراوح تاريخها ما بين القرنين الاول و الرابع الميلاديين عثر عليها في مقابر مدينة لبدة ، وتعرض خزانة اخرى كمية من الاواني الزجاجية والفخارية عثر عليها في مقابر طرابلس تؤرخ ما بين القرنين الاول و الرابع الميلاديين.
القاعة الخامسة : خصصت هذه القاعة لعرض معروضات جلب أغلبها من مدينة قرزة الأثرية و موقع ام العجرم لذا فقد سميت هذه القاعة باسم قاعة قرزة وام العجرم ، و تعد هذه القاعة اغنى قاعات المتحف بمعروضاتها المتعددة ، وعلى خلاف بقية معروضات المتحف المتمثلة في المنحوتات البارزة يلاحظ ان معروضات هذه القاعة خصصت لعرض نماذج و اشكال معمارية جلبت من اضرحة قرزة ومن ام العجرم حيث يتوسط القاعة زوج من تيجان الاعمدة الكورنثية الكبيرة الحجم التي كانت تعلو قمة ضريح من طراز المسلة من المقبرة الجنوبية بقرزة و آخر من ام العجرم ، وكان يتوج كل تاج ثمرة صنوبر التي كانت ترمز للخلود ، وفي احد اركان القاعة ينتصب عمود كورنثي يقابله في ركنها الآخر عقد نصف دائري محمول على عمودين كورنثيين ، ويظهر العقد متدرج مزخرف بزخارف متنوعة لعل اهمها زخرفة وريدة بجانبها سمكة و ذات الزخرفة تتكرر على جانبي العقد ، وهي ترمز لروح الميت (السمكة) و البعث (الوريدة) ، كما يعرض قربه عقد محمول على تاجين عمودين كورنثيين ، ويعد العقد نسخة جصية من احد عقود الضريح الجنوبي (أ) في قرزة ، وقد زخرف باغصان عنب باوراقها وعناقيدها ، ووريدة ونخلة بثمارها يصعد اليها احد الاشخاص ، وهناك طائر متجه نحوها ، ويعرض بجانبها ، ويعرض قربها نموذج من الجص يمثل لوحة تذكارية تحمل نقش تأسيسي بكتابة لاتينية على جانبيه مشهد عقاب يحمل ارنب وهي ترمز لصعود الروح من الجسد ، اما الكتابة فهي تشير الى ان الضريح هو لماركوس ناصف وزوجته ماركيا ميتاليك اقامه لهما ولديهما ماركوس نامير (نمير) و فضيل ، وتوجد اصل هذه اللوحة على الضريح (أ) بالمقبرة الشمالية بقرزة ، كما عرض اسفل هذه اللوحة مجموعة من موائد القرابين النذرية المجلوبة من قرزة وقليل من شواهد القبور واشكال من الزخارف اللولبية التي كانت تزين الجزء العلوي من اضرحة قرزة ، كما تعلق على جانبي مدخل هذه القاعة من الداخل نموذجين من الجص للوحتين من الضريح (أ) بقرزة صوّر على احداهما صورة نصفية في وضعة مواجهة لسيدة و ابنتها ، وصوّر على الاخرى صورة نصفية لرجل و ابنه بينهما شخص واقف يظهر بطريقة غريبة ، وتعرض اسفل من اللوحة الاولى وفي احد اركان الحجرة كتلة حجرية من قرزة زخرفت باغصان نباتية وبزخرفة البيضة والسهم ، اما معروضات المتحف من منطقة ام العجرم في هذه القاعة فهي قليلة مقارنة بمعروضات قرزة في القاعة ذاتها ، وقد تمثلت في قطع مجلوبة من احد الأضرحة عرضت عند الحائط الايمن للقاعة وقد تمثلت في كتل حجرية (افاريز) عليها اشكال منحوتة نحتا بارزا منها ما يزخرف بوريدة كبيرة الحجم يعلوها زخرفة معمارية اصطلح على تسميتها بزخرفة السبحة ، يليها نسخة جصية من افريز صوّر عليه صورة نصفية لشخص يبدو انه الميت داخل قوس مرفوع على عمودين ، كما صوّر على ذات اللوحة رجل واقف يحمل بين يديه قربان يقدمه للميت او لضريحه ، يليها كتلة اخرى غير منتظمة الشكل عليها زخرفة نباتية (الاكانثوس) وزخرفة البيضة والسهم ، اضافة الى ثلاثة اقواس صغيرة ، و اخيرا افريز مقسم الى قسمين يزخرف قسما منه وريدة كبيرة الحجم ويزخرف القسم الآخر صورة نصفية لسيدة وكلها تؤرخ مابين القرنين الثالث والرابع الميلاديين . كما يوجد في القاعة ذاتها ثلاث خزائن عرض حائطية عرض في إحداها جرة او امفورا صنعت محليا عثر عليها في احدى مقابر الخمس ، اضافة الى ثلاثة صحون (حديثة) تحوي ثمار اللوز والتين عثر عليها في ضريح وادي البنيّة ، ويعرض في خزانة اخرى من المنطقة ذاتها كتلة حجرية صغيرة عليها نحت بارز يمثل رجل يرتقي نخلة مثمرة لجلب ثمارها ، ويعرض في خزانة اخرى مجموعة كبيرة من المصابيح المتنوعة على النحو الاتي : يعرض بالرف العلوي ثمانية مصابيح من مقابر الخمس ولبدة ترجع للقرنين الرابع و الخامس الميلاديين ، ويعرض في الرف الاوسط سبعة مصابيح من المقابر الرومانية في لبدة ترجع للقرن الثالث الميلادي ، ويعرض في الرف السفلي تسعة مصابيح من المقابر البونيقية تؤرخ ما بين القرن الرابع والاول ق.م.اغلبها من مقابر الخمس ، ويعرض على جانب المدخل الفاصل بين القاعتين الخامسة و السادسة تمثال لاسد يفتقد الرأس.
القاعة السادسة : تعد من اكبر قاعات المتحف ،وقد خصصت لعرض مجموعة من اللقى الأثرية المجلوبة من قصور خنافس و سميت القاعة باسم قاعة خنافس ، ويمكن وصف معروضاتها المتمثل اغلبها في لوحات او كتل حجرية منحوتة نحتا بارزا على النحو الاتي : يعرض على يمين الداخل للقاعة ثلاثة افاريز نحت على اولها شجرة عنب باغصانها و اوراقها يتدلى منها عنقود عنب كبير الحجم و على يمين اللوحة هناك نحت للمؤله الروماني كيوبيد (ايروس عند الاغريق) المجنح ، يتقدمه طائر يتجه نحو عنقود العنب ليأكل منه ، اما الافريز الذي يليه فقد صوّّر عليه ثلاثة اشخاص : رجل (صاحب المقبرة) تليه زوجته ثم ابنته ويبدو ان المشهد قد صوّر في مزرعة فهناك شجرة عنب تتدلى منها عناقيد ، اضافة الى تصوير بعض ثمار التفاح ، و يصور الافريز الثالث رجلان يمسك كل منهما محراث (يحرثان الارض) بينما اسفل المشهد يوجد رجل يبذر الحبوب الى جانبه حيوان (جدي او غزال) . اما الحائط المواجه للداخل للقاعة فتعرض بجانبه مجموعة من المعروضات على النحو الاتي: كتلة حجرية او افريز من الضريح (ب) في خنافس زخرفت بزخارف نباتية منها زخرفة اوراق الاكانثوس التي تشكل هنا تاجا لدعامة كورنثية ، اضافة الى اغصان عنب يتدلى منها عنقودان كبيرا الحجم ، يليها تاج كورنثي اضافة الى اوراق الاكانثوس يزخرف بنحت يمثل رأس شاب او رجل في مقتبل العمر ، تليه كتلة حجرية مصقولة بطريقة جيدة جلبت من ذات المكان وكانت تعلو الضريح وقد زخرفت بوريدة متعددة الاوراق ويلاحظ الدقة في نحتها ، يليها تاج آخر من الطراز الكورنثي لا يختلف كثيرا عن التاج السابق الا انه يحوي بعض التشوهات واقل حفظا مقارنة بالتاج الآخر . و يلاحظ وجود ثلاث خزائن حائطية في هذا الجدار معروضاتها على النحو الاتي : يعرض بالخزانة الاولى اربع جرار من الفخار الخشن المصنع محليا كانت تستخدم لحفظ رماد الموتى بعد حرقهم ، تؤرخ ما بين القرن الاول و الرابع الميلاديين. اما الخزانة الثانية و الكبيرة الحجم و التي تتوسط هذا الحائط فقد عرضت بها ثلاثة اوانٍ حجرية كانت تستخدم لحفظ رماد الموتى وقد زخرفت من الخارج بزخارف مضلعة وزخارف اخرى وقد زودت باغطية بعضها نقش عليها اسم الميت ، وهي في الغالب قد جلبت من لبدة ، اما الخزانة الثالثة فقد عرض بها ايضا اربعة اوانٍ لحفظ رماد الموتى ولكنها هنا مصنعة من الزجاج ، وقد زود بعضها باغطية ، وزود احداها بغطاء برونزي رقيق يغطي الغطاء الزجاجي وجزء من البدن ليسهل احكام الاناء ، وقد عثر على هذه الاواني في مقابر طرابلس. ويتوسط الحائط الثالث في هذه القاعة نصب حجري كان يُزين واجهة ضريح خنافس وقد زخرفت هذه الواجهة بعمودين كورنثيين يحصر تاجيهما افريز مسطح غير مزخرف يعلوه نحت حر يمثل اسدين او فهدين في مواجهة بعضهما يحصران بينهما رأس ثور ربما يرمز للثور الذي ضُحي به للميت اثناء مراسم الدفن ، كما ان جذع العمودين السالفي الذكر يحصران قوس بعقد نصف دائري مزخرف بصدفة محمول على عمودين كورنثيين ، يقف داخل العقد نحت بارز لرجل ملتحٍ (الميت) مدثراً بملابسه منتعلا حذائه يمسك بيده اليمنى لفافة (قرطاس) يضمه الى صدره . على جانبي هذه الواجهة يعرض منحوتان احداهما يجسد فارس متجها نحو اليسار يعدو بجواده ، و يجسد الآخر ثور يقفز متجها نحو اليسار ربما له علاقة بقرابين الثيران التي تقدم قربانا للميت . وعلى يسار مدخل هذه القاعة يعرض عند منتصف الجدار جزء من الباب الوهمي الذي كان في احد واجهات ضريح خنافس ، وقد جرت العادة ان ينحت شكل باب على احد واجهات الضريح تعلوه لوحة تأسيسية تشير لصاحب الضريح ومن قام ببنائه ، ربما يكون الغرض من هذا الباب دخول روح الميت عن طريقه لزيارة الجسد ، اما عن النقش الذي يعلوه والمحصور داخل لوحة مستطيلة فقد كتب باللغة الليبية القديمة بحروف لاتينية تشير الى اسم الميت واسماء ابنائه الذين قاموا ببناء الضريح وهي اسماء ليبية. ويتوسط هذه القاعة اربع كتل حجرية كبيرة الحجم من ضريح خنافس زخرفت بزخارف نباتية متنوعة تمثلت في اغصان تظهر منها اوراق نباتات مختلفة وبعض الازهار ، وعلى احداها صورت ثمار الرمان وفواكه اخرى بين الاغصان ، كما ان بعض الاغصان تبرز من كأس كبير الحجم لتنتشر على كامل الكتلة ، وتجدر الاشارة الى معروضات هذه القاعة تؤرخ مابين القرنين الثالث و الرابع الميلاديين وهو تاريخ ضريح خنافس.
الشرفة الخلفية للمتحف (القاعة السابعة):يمكن الوصول الى هذه الشرفة عن طريق مدخل جانبي في القاعة السادسة ، اضافة الى انه يمكن الدخول اليها عن طريق الفناء او الساحة الخلفية للمتحف ، وتمثلت الشرفة في رواق يمثل خلفية لقاعات العرض السالفة الوصف يأخذ شكل مستطيل ناقص ضلع ، اما من حيث معروضاتها فقد تنوعت من حيث المصدر الذي جلبت منه ، فبعضها من قرزة و ام العجرم ، وبعضها من وادي غلبون و مقدال ، ووادي منصور ، ووادي خنافس ووادي شيضاف ووادي عنتر ، الا ان اهم معروضات هذه الشرفة من حيث العدد والقيمة قد جلبت من مواقع اثرية في وادي البنّية احد روافد وادي غرغار ، و القليل من المعروضات من ضريح قصر البنات في وادي نفد ، ويمكن تتبع معروضات الشرفة مع الزائر الذي يدخل اليها من مدخل جانبي بالقاعة السادسة على النحو الاتي : حيث يصادف الزائر على يمينه مجموعة من العناصر المعمارية تحمل مشاهد منحوتة نحتا بارزا بدءاً من جزء من دعامتين جلبتا من احد اضرحة خنافس ، زخرف تاج كل منهما باوراق الاكانثوس اي انها من الطراز الكورنثي الى جانبه مشاهد اخرى حيث زخرف تاج الدعامة الاولى بمشهد لمؤلهة النصر فيكتوري تمتطي حيوان و تمسك بيدها اليمنى سعفة نخيل و بالاخرى اكليل من الغار ، و نحت على الجانب الثاني من التاج حيوان صغير ربما يكون جدي ، اما تاج الدعامة الثانية فقد زُخرف على جانبيه بطائر اسطوري برأس انسان يعرف باسم سيرين (Siren ) الى جانب اوراق الاكانثوس ، ويعتقد ان هذا الطائر الخرافي كان ينقل ارواح الموتى الى السماوات العليا ، يليهما كتلة حجرية مشذبة بطريقة جيدة من اضرحة خنافس زخرفت من الجانبين بزخارف نباتية متشابكة شديدة البروز ، يليها كتلة حجرية عليها مشهد سمكة تتجه يسارا ، جلبت من احد الاضرحة ويبدو ان الاسماك كانت لها معانً رمزية ربما ترمز هنا لروح الميت ، يليها لوحة منحوتة نحتا قليل البروز جلبت من وادي منصور قسمت واجهتها الى قسمين مستطيلين يحمل الاول (على اليمين) مشهد نخلة مثمرة الى جانبها رجل (ربما الميت) وولديه يحاول احدهما صعود النخلة ، اما الثاني فقد زخرف بمشهد فارس يحاول اصطياد غزال بمساعدة كلبه ، يليها وفي زاوية الشرفة يعرض جزء من منحوت يبدو في الاصل كان يشكل زاوية في افريز احد الاضرحة حيث زخرف من الجانبين بشخص واقف غير مكتمل ربما رجل و امرأته ، ويقابل القطعة السابقة بشكل قطري في زاوية اخرى من الشرفة حجر زاوية افريز من الضريح (أ) في ام العجرم ، اقتصرت الزخرفة فيه على جانبين من جوانب الحجر ،وتمثلت في شريط به زخرفة السبحة من الاعلى ، وقسم الجانب الطولي الى مربعين يحصران مستطيل زخرف الاخير بصورة نصفية لسيدة ، ويبدو ان المربعين قد زخرفا بوريدة كبيرة الحجم لكنها غير واضحة الان بسبب تآكل الحجر في هذا الجانب ، اما الجانب الاخر فقد قسم الى قسمين زخرف قسما منها بصورة نصفية لسيدة (الميتة) ، وزخرف الآخر بوريدة وهذا الجانب من الحجر بحالة جيدة على خلاف الجانب الآخر. وهنا تنهتي الشرفة من هذا الجانب وعلى الزائر ان يتجه يمينا حيث يشاهد مجموعة من المعروضات على يمينه منها كتلة حجرية عليها زخرفة نباتية تليها كتلة اخرى زخرفت بوريدة تلتف حولها مجموعة من الاغصان النباتية تظهر من كأس . ثم تتسع الشرفة حيث يوجد المدخل الذي يؤدي للفناء (الساحة الخلفية) وفي هذا المكان عرضت على اليمين مائدة قرابين او مذبح زخرفت بمشاهد من جوانبها الاربعة حيث يشاهد نحت سمكة متجهة يمينا على احد الجوانب واخرى متجهة يساراً على جانب آخر ، ونحت لقناع رجل على احد الجوانب ، ونحت لوردتين على جانب آخر ، وقد عثر على هذا المذبح في مقبرة المرفدة ، ويشاهد الزائر على يساره جزء من كورنيش كان يزخرف احد اضرحة قرزة يتكون من خمس قطع بها زخارف حلزونية ، يعلوها نحت لرأس الجرجون ميدوزا وقد جلب النحت الاخير من لبدة ، وعلى الجدار المقابل تعرض كتلة معمارية عليها زخرفة نباتية وتحمل نقش لاتيني يشير لحماية المقبرة من قبل المؤلهين ، وقد عثر على هذا النقش في قصر البنات بوادي نفذ ، تعرض بجانبه مائذة قرابين من ضريح خنافس زخرفت بزخارف نباتية من جوانبها الاربعة و يعلوها نحت رأس بشري من كل جانب ، ثم تضيق الشرفة ويجد الزائر على يمينه نقش جنائزي بحروف لاتينية باللغة الليبية القديمة يتكون من ستة اسطر احتوى بعضها على اسماء ليبية ، وقد عثر عليه بوادي البنّية، تليه كتلة حجرية او جزء من افريز زخرف الجزء المتبقي منه بسعف نخلة بها عرجون بلح ، تليها لوحة عثر عليها بوادي البنّية زخرفت بصورة نصفية لميت يمسك لفافة بجانبه زوجته ، وعند زاوية الشرفة في هذا القطاع تعرض كتلة معمارية جلبت من ضريح طويل عنتر زخرف احد جوانبها زخرفة وريدة رمزا للبعث ، وعلى جانبها الاخر زخرفت بسمكة متجهة يسارا محصورة داخل مستطيل وهي ترمز لروح الميت وهنا ينتهي هذا القطاع من الشرفة ليجد الزائر نفسه ملتفا يمينا حيث يقابل آخر قطاع في الشرفة والذي عرضت به مجموعة من المعروضات جلبت من ضريح وادي البنّية وهي عديدة و اغلبها مشاهد منحوتة نحتا بارزا على كتل حجرية يبدو انها تنسب الى افريز واحد كان يزين ذلك الضريح وقد زخرفت تلك الكتل من الاعلى بصف من زخرفة تشبه الاسنان او المشط ، ويمكن وصف المشاهد على النحو الاتي : تمثل على اللوحة الاولى(الافريز) مشهد فلاح يحرث الارض بمحراث يجره جمل يمسكه بيده اليسرى بينما اليمنى تمسك عصا لحث الجمل على السير قدما ناحية اليمين ، وهناك فلاح آخر مواجها للجمل يقتلع شجيرة بآلة حادة من امامه ، ويبدو ان هذه اللوحة كان مكانها في زاوية الافريز او الضريح حيث نحت جانبها القصير بمشهد وريدة ، تليها لوحة اخرى تحمل مشهد موسم الحصاد حيث صوّر عدة فلاحين كل منهم يقوم بمهمة فهناك من يقتلع السنابل بيده وآخر يحصدها بمنجل ، وفلاح آخر يجمعها في سلة ، وآخر يضع يضع ما جمع تحت سنابك الخيل ليتم درسه ، تليها لوحة اخرى مكسورة الى جزئين تصور مشهد صيد الغزلان بالشباك بعد ان نصب لها فخا بشبكة و يقوم صياد على حصانه بمطاردتها و توجيهها نحوها ، تليها لوحة اخرى يظهر مشهد فارس يطارد حيوان امامه ، تليها لوحة اخرى (كتلة زاوية) تصور فارس يطارد نعامة تعدو امامه ، وعلى الجانب الاخر هناك نحت لنخلة يتدلى منها عرجونان كبيرا الحجم ، تليها لوحة اخرى تحمل مشهد مصارعة ثيران او ترويضها لتقديمها قربانا او التضحية بها حيث صوّر رجل يمسك ثور من احد قرنيه ، ورجل سقط ارضا بعد ان ضربه احد الثيران ، تليها لوحة اخرى حالتها غير جيدة تصور ثلاثة رجال اثنان يمسك كل منهما عصا ينهال به ضربا على شخص واقف بينهما اي مشهد عقاب ، تليها لوحة اخرى ناقصة تصور ثلاثة فرسان متجهين بسرعة ناحية اليمين ربما كانوا يطاردون بعض الحيوانات التي ضاعت مع الجزء المكسور من اللوحة ، تليها لوحة اخرى تصور مشهد صيد حيوانات مفترسة من قبل بعض الصيادين المجهزين ببعض الاسلحة ، وعلى الرغم من هذا فقد سقط احدهم ارضا و آخر يهاجمه حيوان مفترس ، اما آخر لوحة فهي مختلفة عن اللوحات السابقة اذ انه يمثل افريز يتكون من تريغليف و ميتوب (Triglyph + Metope) يحمل كل ميتوب زخرفة مختلفة احداها زخرف بثعبان وزخرف الأخر بوريدة كبيرة الحجم ، وربما زخرف ميتوب آخر لم يبق منه الا القليل بزخرفة نباتية ، وبهذا تنتهي الشرفة ومعروضاتها.
الحديقة الامامية للمتحف (رقم 8): تمثلت في الحديقة التي تلي مدخل المتحف و التي استغلت لعرض مجموعة من المعروضات في الهواء الطلق ، غالبية تلك المعروضات جلبت من المواقع الأثرية التي سبقت الاشارة اليها ، ومعروضاتها من الدرجة الثانية ، و اكثر مقاومة للعوامل الطبيعية و اغلبها قطع معمارية من ابدان اعمدة وتيجانها وقواعدها ، وافاريز مزخرفة و غير مزخرفة ، والواح حجرية مسطحة (ميتوبات Metopes) والواح ثلاثية الاخاديد (تريجليف) بعضها عليه نحوت بارزة ، منها ما زخرف بمشاهد حيوانات لكن حالتها رديئة ، وقد توزعت تلك المعروضات في اجزاء من الحديقة وعلى سورها .
الساحة الخلفية المكشوفة (القاعة التاسعة): كما استغلت الساحة الخلفية للمتحف او الفناء لعرض مجموعة من المعروضات المجلوبة من المواقع التي سبقت الاشارة اليها ، ويمكن الوصول الى الساحة عن طريق الشرفة ، او من الحديقة بعد الاتجاه يسارا من المدخل الرئيسي للمتحف ، والساحة مستطيلة الشكل وقد توزعت بها بعض المعروضات المعمارية مثل الاقواس الحجرية و تيجان اعمدة وابدانها و قواعدها جلها من الطراز الكورنثي لعل اهمها عمود عرض خارج الساحة قليلا له جذع مزخرف بالكامل بزخارف نباتية متشابكة (ربما عنب او لبلاب) ، كما تعرض بالساحة عناصر معمارية أخرى بعضها يحمل زخارف منحوتة نحتا بارزا مثل عقاب ناشر جناحيه جلب من وادي منصور ، و تعرض لوحة تحمل مشهد من الحياة اليومية (كلاب تعدو خلف غزال ، ورجال يقومون ببعض الاعمال في مزرعة) ، وهناك تريغليف (لوحة ثلاثية الاخاديد) زخرفت بوريدة ، وقد وضعت المعروضات السابقة الى جانب الجدران الخارجية للشرفة ، كما يلاحظ في الجزء العلوي من الجدران السابقة وجود اربعة كتل مستديرة تبرز منها زخرفة رأس جرجون ميدوزا جلبت من مدينة لبدة الاثرية ، ويشاهد الزائر الطريقة التقليدية لعصر الزيتون من خلال معصرة زيتون تتكون من المعصرة و مكان كبس الزيتون لاظهار الزيت، وهما يعرضان بجانب بعضهما في احد اركان الساحة اضافة الى جرار فخارية ضخمة كانت تستعمل لتخزين الزيت عرضت في اماكن مختلفة من الساحة ، الا ان اهم معروضات هذه الساحة ضريح كامل منقول من منطقة ام العجرم تذكر اللوحة الشارحة له ان نقل هذا الضريح ونصبه في مكانه بالساحة كان خلال الفترة من 11/10 – 2/11/1998م بايدٍ ليبية من مصلحة الآثار ، عموما هذا الضريح احد نماذج الاضرحة التي كانت منتشرة في منطقة الاودية الليبية ومن خلاله يمكن فهم الكثير من العناصر المعروضة في المتحف ، عموما الضريح من طراز اضرحة المسلة يتكون من ثلاثة طوابق مقام على قاعدة مربعة الشكل ، يوجد في اركان الطابق الاول المستطيل الشكل اربعة دعامات ذات تيجان قليلة الزخرفة تحمل فوقها افريز من اربع جهات زخرف بزخرفة الوريدة تعلوها زخرفة مسننة ، يلاحظ وجود نقش تأسيسي بين وريدتين على احد جوانب افريز الطابق الاول يذكر النقش المتكون من خمسة اسطر من الكتابة اللاتينية بلغة ليبية قديمة ان الضريح قد اقامه سوكان وسستان لوالدهما المدعو ايلول بن امميليت ، يعلو الافريز كورنيش بارز يتوج هذا الطابق ، اما الطابق الثاني فهو لايختلف عن الاول الا ان الدعامات استبدلت باعمدة كورنثية تحمل افريز مزخرف بزخارف نباتية متشابكة ، ويعلو الافريز كورنيش لا يختلف عن كورنيش الطابق الاول ، اما الطابق الثالث فهو ليس مستطيل بل مستدق عريض من الاسفل ويقل عند الاتجاه الى الاعلى (هرمي الشكل تقريبا) حتى تتوج قمته بتاج كورنثي تعلوه ثمرة الصنوبر ، لا تختلف عن التيجان التي يعلوها الصنوبر التي عرضت في القاعة الخامسة و جلبت من قرزة و ام العجرم ، ويؤرخ الضريح ما بين القرنين الثالث و الرابع الميلاديين ، ويبدو انه ينسب الى زعيم احد القبائل الليبية هناك او احدى الشخصيات التي كانت تحظى بمكانة مميزة.
اما القاعات من 10 الى 12 التي يتم الدخول اليها من ردهة مدخل المتحف فقد خصصت لعرض عينات تعبر عن تراث مجتمع مدينة بني وليد من الناحية الاجتماعية والاقتصاية وغيرها ، اضافة الى حاضرها متمثلا في بعض منجزات ثورة الفاتح من سبتمبر في بني وليد ، ويمكن وصف معروضات تلك القاعات على النحو الاتي :
القاعة التاسعة : خصصت للتعريف بمجمع بني وليد للصناعات الصوفية ومن بينها صناعة السجاد حيث تعرض عينات منه في القاعة مع نموذج لذلك المجمع .
القاعة العاشرة : خصصت لعرض تطور قطاع التعليم في منطقة بني وليد من نظام الكُتّاب الى التعليم المدرسي بتطوراته المتنوعة منذ الاحتلال الايطالي حتى منجزات ثورة الفاتح في هذا القطاع ، كما تعرض بالقاعة مجموعة من السيوف والدروع اهديت للاخ قائد الثورة العقيد معمر القذافي.

الاثنين، 22 سبتمبر 2008

د. ابراهيم نصحي في ذمة الله


نشرت في جريدة جامعة قاريونس بعد وفاة د. نصحي عام 2006


تنعي جامعة قاريونس وفاة د. ابراهيم نصحي قاسم ، أمين الجمعية التاريخية المصرية الذي وافه الاجل المحتوم في المدة القريبة الماضية ، وقد كان رحمه الله احد اعضاء هيأة التدريس البارزين بقسم التاريخ بكلية الاداب خلال السنوات الاولى من تأسيسه حوالي عام 1961 ثم عاد للتدريس بذات القسم في اوائل السبيعنيات من القرن الماضي ، ومما يجدر ذكره ان د. نصحي كان احد اساطين التاريخ الكلاسيكي القديم في الوطن العربي فهو من اوائل المتخصصين في هذا المجال ، على الرغم من ان تخصصه الدقيق كان في مجال الدراسات الاثرية الكلاسيكية اذ كانت رسالة الدكتوراه التي ناقشها في بريطانيا عام 1933 في مجال الاثار الهللنيستية و بعنوان " فنون مصر البطلمية " و قد نشرت في لندن عام 1937 ، وعلى الرغم من ذلك فان اهتماماته قد تركزت فيما بعد على التاريخ القديم لا سيما على التاريخ البطلمي في مصر ، حيث اهتم بتدريسه منذ عام 1934 في جامعة فؤاد الاول (جامعة القاهرة حاليا) ، و قد تمخض اهتمامه بهذا المجال على تأليف كتابه العتيد تاريخ مصر في عصر البطالمة ما بين 1941-1946 باجزائه الاربعة الذي اعيد طبعه مرات عديدة ، وسيعاد طبعه مرات اخرى لاهميته القصوى لتاريخ البطالمة ليس في مصر وحدها و لكن في ليبيا ايضا ، وكان هذا الكتاب خير معين لدارسي هذه الفترة التاريخية ، فانكب الطلاب على دراسته وكثير من الاساتذة على تلخيصه و النهل منه عند كتابتهم عن تاريخ مصر في عصر البطالمة . وبعد هذا الكتاب الجامع بطبعاته المتنوعة و المزيدة والمنقحة ، استراح د. نصحي من التأليف و ركن الى الترجمة فها هو يعود به الحنين الى الاثار فيترجم كتاب لويس ممفورد " المدينة عبر العصور ، اصلها و تطورها و مستقبلها " الذي نشر في جزأين عام 1964 ، ثم يتلوه بكتاب آخر عن مدينة انطاكية القديمة لمؤلفه جلانفيل داوني الذي صدر في عام 1967 ، ويبدو انه قد ترجم الكتابين عندما كان في بنغازي يدرس بقسم التاريخ بها ورئيسا للقسم ذاته ، و اثناء اقامتته تلك شارك في المؤتمر التاريخي الاول (ليبيا في التاريخ) الذي اقامته الجامعة الليبية ما بين 16-23/ 3 / 1968 ، ببحث قيم باللغة الانجليزية عن اركيسلاوس الثالث فند فيه بعض الاراء التي ذكرت عن الحملة الفارسية على اقليم كيرينايكي (قورينائية) ، وهذا يعد باكورة اهتمامه بالتاريخ الليبي القديم في العصر الاغريقي ، عززه بكتاب آخر نشرته الجامعة الليبية عن تأسيس المدن الاغريقية في كيرينايكي الموسوم بـ" انشاء قوريني و شيقيقاتها " الذي صدر عام 1970 ، و اعقبه بكتاب آخر عن تاريخ الرومان صدر في جزأين عن منشورات الجامعة الليبية اولهما عام 1971 و ثانيهما عام 1973 ، والذي تتبع فيه بشكل مفصل تاريخ الرومان منذ اقدم العصور حتى عام 44 ق.م.، وبهذه الاصدارات يكون د. نصحي قد اغنى المكتبة التاريخية العربية باصدارات جد مهمة في التاريخ القديم او التاريخ الكلاسيكي الذي كان حكرا على الكتاب الاجانب بلغات متعددة ، ومن ثم فان د. نصحي وضع اساسا متينا لدراسات التاريخ القديم في المكتبة العربية .
و قد مكث رحمه الله ردحا من الزمن في احضان قسم التاريخ بالجامعة الليبية رئيسا لهذا القسم و استاذا للتاريخ القديم به و بقسم الاثار عند افتتاحه ، ويشهد لهذا الاستاذ القدير بغزارة المعلومات وجزالة الاسلوب وقوة اللغة ، وتعدد اللغات الاجنبية التي يتقنها ، وتبحره في التاريخ القديم بابوابه المتعددة افاد الطلاب الذين تتلمذوا على يديه في الجامعة الليبية و جامعة القاهرة و جامعة عين شمس ، وقد رشحته الجامعة الاخيرة عدة مرات لجائزة الدولة التقديرية ، يرحم الله د. نصحي و يجزيه عما قدم من علم خير الجزاء انه السميع العليم .

مع ترجمة كتاب الوقائع التاريخية البرقاوية

نشر في مجلة المجال العدد 11 (2006) ص ص.58-59.

اتحف د. ابراهيم احمد المهدوي عضو هيأة التدريس بقسم المكتبات في جامعة قاريونس ، المكتبة التاريخية العربية و الليبية على وجه الخصوص باصدار جديد البسه ثوبا عربيا بدلا من ثوبه الايطالي ، تمثل في ترجمته لكتاب الاب فرانشيسكو روفيري الموسوم بـ (CRONISTORIA DELLA CIRENAICA 1551-1911) الذي صدر مرقونا على الالة الكاتبة في بنغازي عام 1961 ، وقد عنون ترجمته بـ( عرض للوقائع التاريخية البرقاوية ، التاريخ الكرونولوجي لبرقة 1551-1911 ) التي صدرت مؤخرا عن منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، ضمن سلسلة الدراسات المترجمة رقم 42 ، في طبعة انيقة بلغ عدد صفحاتها 222 بحجم 24×17 سم، وللكتاب اهمية خاصة لانه يعرض الوقائع التاريخية للجزء الشرقي من ليبيا (برقة) خلال العهد العثماني / التركي ، وتبرز اهميته بسبب قلة الدراسات و المعلومات التاريخية حول هذه الفترة والمتمثلة في شذرات مبعثرة في بطون بعض الكتب الاجنبية ، وقد استطاع روفيري ان يدون المعلومات التي جمعها عن تاريخ برقة من مصادر ووثائق غير متداولة ابرزها ارشيف القنصلية الفرنسية في بنغازي ، ووثائق البعثة الفرنشيسكانية في برقة ، وارشيف المندوبية البابوبية في بنغازي المحتوي على مراسلات مندوبي القناصل الاجانب في بنغازي مع الحكومة العثمانية ، ومن هنا جاء تميز هذا العمل باطلاعه على مصادر نادرة و غير مسبوقة عند كتابته لتلك الحوليات ، وتلك المصادر قدمت معلومات دونت من قبل جهات محايدة الى حد ما كانت شاهدا عيان على الكثير من الاحداث ، ومن هنا جاءت اهمية الكتاب و ما حواه من معلومات تعد مصدرا لاغنى عنه لتاريخ برقة في العصر العثماني ، وعلى الرغم من صدور هذا المرجع منذ ما يقرب عن 44 عاما الا انه لم يستفد منه بشكل كبير بسبب لغته الايطالية و عدم انتشاره فهو مرقونا على الالة الكاتبة ولم تطبع منه كميات كبيرة ، ولعل أ. محمد مصطفى بازامه (رحمه الله) يعد من اوائل الذين عرّفوا بهذا الكتاب و استفادوا منه ايما استفادة في كتابه بنغازي متصرفلك بأجزائه الثلاثة بل ان من دواعي تأليف أ. بازامه لكتابه اطلاعه على كتاب روفيري و قد اشار الى ذلك في مقدمته لكتابه المشار اليه ، و يمكن الاطلاع على الكثير مما جاء في كتاب روفيري في ثنايا كتاب بنغازي متصرفلك بعد نقد و تمحيص أ. بازامه وتقييمه لكثير من المعلومات التي دونها روفيري و تصحيحه بعضها .
وترجمة د. المهدوي لهذا الكتاب العتيد يعد اضافة مهمة مكنت الباحثين من الاطلاع على الكتاب في لغة عربية بترجمته الامينة والدقيقة للوقائع البرقاوية التي انتهج مؤلفه في سردها نظام الحوليات او التسلسل الزمني اذ يذكر السنة ويسرد اهم الاحداث التي وقعت بها وتيسر الحصول عليها ، وفي هذا الصدد هناك الكثير من السنوات شحت المصادر التي اعتمد عليها في تقديم وقائع تلك السنوات ، ومما يجدر ذكره ان الحوليات تبدأ فعليا بعام 1620 على الرغم من عنوان الكتاب يذكر ان مجاله الزمني يبدأ منذ عام 1551 وهي السنة التي بدأ فيها العهد العثماني في طرابلس ، وهذا خطأ من المؤلف وجب التنبيه عليه و عذره في الوقت ذاته بسبب عدم توفر اية معلومات تاريخية تسبق عام 1620 ، كما ان العنوان يذكر عام 1911 نهاية المجال الزمني للكتاب وقد جاءت وقائع هذه السنة مختصرة للغاية و ذكرت وقائع عام 1911 قبل وقائع عام 1908 و يبدو هذا خطأ مطبعي . ومما تجدر الاشارة اليه ان المعلومات التي يقدمها هذا الكتاب قد تندرج تحت تسمية الفانتازيا التاريخية او الكشكول التاريخي فهو يسجل المعلومات التي وجدت موثقة في الوثائق المشار اليها اعلاه بدون تبويب او تصنيف وبدون غربلة تلك المعلومات التي تتلخص في ذكر الاعمال البنائية و الانشائية التي حدثت في بنغازي و المدن البرقاوية الاخرى اهمها بناء المساجد وترميمها والاعمال المدنية الاخرى ، والمعلومات الواردة في هذا الشأن تعد وثيقة لاغنى عنها لدارسي التطور المعماري لمدينة بنغازي و مبانيها ، والكتاب كثيرا ما يستعرض الاحوال الصحية للمدن البرقاوية من خلال التعرض للاوبئة التي اصابت سكان المدن وبعض الاجراءات التي اتخذت حيالها ، ومن ثم فهو سجل لتاريخ الوضع الصحي للاقليم في العصر العثماني ، كما ان الكتاب يعرض تاريخ زيارة بعض الرحالة الى برقة و بعض اعمالهم ، وقد اخطأ روفيري في تاريخ زيارة بعض اولئك الرحالة ـ مثلا لا حصرا ـ تاريخ زيارة جيمس بروس ضمن وقائع عام 1750 والصحيح ان زيارته كانت عام 1766 ، كما ذكر خطأ وفاة الرحالة هانريش بارث اثناء رحلته الاولى (1845-1846) عبر ساحل شمال افريقيا ضمن وقائع عام 1845 ، وزيارة الرحالة هاملتون كانت عام 1852 و ليست عام 1850 ، كما ان الكتاب يستعرض الكثير من الحوادث السياسية منها تولي الحكام الاتراك لمناصبهم و اهم اعمالهم وطرق جبايتهم للعشور و الضرائب (الميري) من القبائل الليبية المنتشرة في البوادي ، و يؤرخ روفيري لوقائع القبائل القاطنة حول بنغازي و في عموم برقة متتبعا حركتها بين فيافي البادية و الصراع الدموي الذي يطرأ من حين الى آخر بين بعضها البعض ، اضافة الى خروج بعضها عن عصا الطاعة العثمانية وما تولد عنه من حملات عسكرية ضدهم اشار اليها روفيري في ثنايا وقائعه ، كما رصد الحركة التجارية في المدينة من حيث الصادرات و الورادات و حركة الميناء كقدوم بعض السفن التجارية وما تحمله من مؤن لاسيما ميناء بنغازي ، كما رصد الكثير من الوقائع المحلية التي حدثت في مدينة بنغازي مثل واقعة نزاع بين صقلي بائع خمور و احد الزنوج بالمدينة و ما نتج عنها من مشكلة كبيرة في المدينة ادت في النهاية الى منع القناصل على رعاياهم بيع الخمور لانها كانت تسبب الكثير من المشاكل ، اضافة الى جنوح بعض السفن الى الشاطىء وموقف الاهالي منها ،و مجيء القبائل الى بنغازي لتقديم ولاء الطاعة لكل حاكم تركي جديد وحصولهم على البرنوس التركي ، كما يؤرخ لوفاة بعض الشخصيات المهمة في المدينة مثل وفاة الحاج رمضان الكيخيا في 30/5/1833 ، ووفاة ابوبكر بوحدوث زعيم قبيلة البراعصة عام 1870 ، و اهتم روفيري بعرض جملة من الوقائع عن المسيحيين وشؤونهم من الطوائف المختلفة واهتم بطائفته الفرنشيسكانية على وجه الخصوص .
ولم يقتصر الكتاب على تلك الوقائع ولكن روفيري اضاف اليها ملحقا شارحا لبعض الامور التي رأى انها بحاجة الى تعليق وافٍ فاسهب في الحديث عن الانكشارية ، والصراعات القبلية بين القبائل لاسيما ما يعرف بتجريدة حبيب ، وعرّف ببعض المرابطين من بينهم سيدي خريبيش و سيدي غازي و سيدي رافع و غيرهم ، ، وقد قام في مقدمة كتابه بوضع قائمة لحكام برقة منذ عام 1863 الى 1911 ارفقها بسرد ملخص عن بعضهم مثل خليل باشا و رشيد باشا و طاهر باشا ، اضافة الى مقتطفات عن النظام الاداري لبرقة وطريقة جباية الضرائب ومن كان مسؤولا عنها من قبل بعض الاسر الليبية ، واشار الى الوظائف الحكومية وتدرجها ومهام كل موظف يتولى احد تلك المناصب ، وقد اضاف المترجم مسردا بحكام برقة منذ عام 1638 الى 1911 ،و كشافا للاعلام و الاماكن يساعد القاريء على التجول في الكتاب ، كما ان الصور الملحقة بالكتاب تعد اضافة مفيدة من المترجم .
ومما تقدم فالكتاب يحوي بين دفتيه معلومات متنوعة عن اقليم برقة ذات طابع سياسي و اقتصادي وعمراني و ديني ويحوي اخبارا محلية وبعض المتفرقات الاخرى ، اذاً فهو كتاب جدير بالقراءة بفضل ترجمة د. المهدوي لوقائعه الممتعة والمفيدة للمهتمين بتاريخ هذه المدينة العريقة ، تحية للدكتور ابراهيم المهدوي لاهتمامه بترجمة العديد من الكتب الايطالية والانجليزية المهتمة بتاريخ ليبيا وحضارتها ، وتحية لمركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية لاسهامه في احياء التاريخ الليبي باصدراته المتنوعة .

حول الاثارالمنهوبة من مدينة شحات الاثرية







دور الرحالة والقناصل الأوربيون في سرقة آثار
مدينة قوريني في القرن التاسع عشر




تعد مدينة قوريني أو كيريني (شحات حاليا) من اشهر واهم المدن التي أسسها الإغريق في شرق ليبيا في حوالي عام 631 ق .م.فهي عاصمة الإقليم التي ازدهرت اقتصاديا وسياسيا و تبوأت مركزا مرموقا في العالم القديم خلال فترة طويلة من الزمن منذ تأسيسها مرورا بالعصر الهللينستي فالروماني فالبيزنطي ، وقد تعاقبت عليها الفترات التاريخية حتى أصبحت هذه المدينة عبارة عن أطلال طمرت بفعل الزمن وظلت هكذا قرونا عديدة الى ان كشف عن بقاياها وآثارها بواسطة الرحالة الأوربيون والهواة ومعاول الأثريين ، وقد نتج عن عملية الكشف تلك ان تعرضت آثار المدينة للسرقة والنهب المنظم من قبل الرحالة والقناصل الأوربيون الذين بدءوا يتوافدون على زيارتها منذ أوائل القرن الثامن عشر .
ولم تكن قوريني -في حقيقة الأمر- وغيرها من المدن الأثرية الأخرى في الإقليم معروفة للأوربيين قبل ارتياد الرحالة لها والكتابة عنها ، وتعد الزيارة التي قام بها الطبيب الإيطالي باولو ديلا شيلا عام 1917 الى مدن الإقليم الأثرية من أهم الزيارات التي قدمت الكثير من المعلومات الأثرية -لأول مرة - للأوربيين ، ودفعت الكثير من الرحالة للمجيء الى زيارة المدن الأثرية وعلى رأسها مدينة قوريني لنهب ثرواتها والعبث بآثارها ،كما ساهمت رحلة الأخوان بيشي عام 1822 ، ورحلة جان ريمون باشو عام1824- 1825 الى التأكيد على غنى المدن الأثرية -خاصة قوريني - بالمنحوتات والآثار ، من واقع ما جمعه الأخوان بيشي من تماثيل ولم يستطاعا نقلها او من الرسومات التي نفذها باشو ، وكانت دليلا لسارقي الآثار الأجانب في قوريني .
يقتضي الأمر قبل التعرف على جهود أولئك الرحالة التخريبية ان تذكر العوامل التي ساعدتهم على تحقيق ذلك ، وتمثلت في عدم اهتمام السلطة العثمانية او من يمثلها في ليبيا بالمدن الأثرية ، ليس هذا فحسب بل أخذت تساوم باثارها وتقوم بإهدائها الى الدول الأوربية ، ويبدو ان هذا الأمر قد شجع على إنشاء العديد من المكاتب القنصلية في بنغازي مثل مكتب القنصلية الإنجليزية والفرنسية لتمويل ودعم الرحالة بل أيضا المساهمة الفعلية في سرقة الآثار مثلما فعل نواب القناصل الإنجليز وود، و ويري ،و كروا ، ودينس ، و نائب القنصل الفرنسي دي بورفييل ، كما أدت حاجة المتاحف الأوربية _التي افتتحت حديثا_ الى التحف الأثرية ، وإقبال الأغنياء في أوربة على شراء تلك التحف أن شجع الرحالة والهواة على المجيء الى ليبيا والبحث في أطلال المدن الغنية بالآثار التي أهمها قوريني .
ويقتضي السياق التاريخي ان يذكر بدايةُُما قام به القنصل الإنجليزي العقيد هانمر وارنجتون الذي أرسل الي قوريني رحلتين الأولى في عام 1826 بإشراف أحد اتباعه وابنه فردريك ، والثانية في عام 1827 بإشراف ابنه الأصغر جورج من اجل جلب المنحوتات التي جمعها الأخوان بيشي في قوريني ، بعد ان أخذ موافقة الباشا واقنعه بانها ستكون هدية مناسبة منه الى المملكة البريطانية ، وقد افلحت الرحلتين في تحقيق النتائج المرجوة ، وتحصلوا من قوريني على مجموعة متنوعة من الاثار ليست التي جمعها الاخوان بيشي فحسب بل قام ابنه جورج بعمل حفريات في معبد ابوللو ،نتج عنها العثورعلى مجموعة من التماثيل الرخامية وشاهد قبر واناء فخاري مزخرف ، وقد وضعت تلك اللقى في خمس صناديق ارسلت الى اسكتلندا ، ومازالت تعرض في المتحف الملكي باستكلندا . وهذه اول اشياء تسرق من قوريني وتصل الى اوربة .كما قام القنصل الهولندي فان برغل عام 1830 بحفر بعض قبور قوريني تحصل منها على مجموعة من الاواني الفخارية المزخرفة تعرض الان في متحفي ليدن وامستردام . وحذا حذوهما نائب القنصل الفرنسي في بنغازي المدعو فاتتيه دي بورفييل خلال الاعوام 1846-1848 الذي مكث شهرين في قوريني منقبا عن اثارها وتحصل على تماثيل ومنحوتات بارزة اهمها تلك اللوحات الحجرية التي انتزعها من احدى واجهات القبور المزخرفة إضافة الى مجموعة من الاواني الفخارية والتماثيل الرخامية والتميثيلات الطينية والتي تعرض الان في متاحف اللوفر والمكتبة الوطنية وسيفر في فرنسة (الصور 1 -3 ).وقد حاول الرحالة جيمس هاملتون عام 1852 فتح مجموعة من القبور لسرقة محتوياتها في قوريني لكن محاولته باءت بالفشل بسبب تردي حالة الطقس .
ومن اهم الاعمال التخريبية في هذه المدينة ما قام به الضابطان :النقيب مردوخ سميث ومساعده الملازم إليوين بورشير من السلاح البحري الملكي البريطاني في عام 1861 بعد ان سمعا بغنى قوريني بالمنحوتات فقررا الحصول على كميات منها لتقديمها للمتحف البريطاني الذي قام بتمويل اعمالهما ، وقد مكثا في قوريني مدة تسعة اشهر من 23/12/1860 الى14/10/1861 منقبين عابثين بالمخلفات الاثرية حيث قاما و بمساعدة مجموعة من العمال المستأجرين بالحفر في العديد من مبان قوريني مثل معبد باخوس في الفورم ، و معبد ابوللو ،ومعبد زيوس ومعبد فينوس وغيرها من الاماكن ، وقد نتج عن اعمال الحفر تلك العثور على كمية كبيرة من المنحوتات الحرة والبارزة بلغت مائة وثمانية واربعون منحوتا(الصورة 4-6 ) وعشرة نقوش من اهمها تمثالا للمؤله باخوس وآخر للمؤله ابوللو حامل القيثارة وعدة تماثيل لإفروديت ، ومجموعة من تماثيل الاباطرة الرومان وغيرها من تماثيل المؤلهين والمؤلهات والتماثيل الشخصية من اهمها راس من البرونز ذو ملامح ليبية او افريفية يرجع الى القرن الرابع ق.م. (صورة رقم 7 ) اما التماثيل السابقة فهي ترجع الى العصر الروماني ،وقد نقلت تلك المنحوتات والنقوش الى بريطانيا على دفعتين : الاولى بواسطة السفينة الحربية ( H.M.S. Assurance) في يوم 8/6/1861 ، والثانية بواسطة السفينة الحربية ( H.M.S. Melpomene) في يوم 14/10/1861 ، والاخيرة حملت معها سميث وبورشير الذان ودعا مرسى سوسة فرحين بما سرقوا من آثار ماتزال تزدان ببعضها اروقة المتحف البريطاني ، والبعض الاخر يقبع في مخازن ذلك المتحف .
تعد هذه الكمية الكبيرة التي سرقت من قوريني اكبر كمية من المنحوتات سرقت منها ، وتعد في نفس الوقت اكبر كمية يستقبلها المتحف البريطاني دفعة واحدة ، وتجدر الاشارة الى ان سميث وبورشير قد تخليا عن الاساليب العلمية للحفر والتنقيب عن الاثار بغية الوصول الى التماثيل واللقى ، وكان الافضل لو تركت تلك المنحوتات في اماكنها حتى يكشف عنها بطريقة افضل ، وتعرض في متحف شحات بدلا من بعض النسخ الجبسية لبعض المنحوتات الي ارسلها المتحف البريطاني لتعرض في شحات مكان القطع الاصلية ، يا لها من مفارقة عجيبة .
وعندما عرضت تلك المنحوتات وغيرها من اللقى في المتحف البريطاني وشاهدها جورج دينس دفعته الى المجيء الى قوريني التي عدها مصدرا لصناعة الفخار المزخرف ، وسعى حثيثا لكي يُعين في منصب نائب القنصل الانجليزي في بنغازي و يمارس ليس مهامه القنصلية بل التنقيب والعبث بالقبور والبقايا الاثرية خلال الاعوام 1864-1867 ، ولم يكن نصيب قوريني منها كبيرا اذا ما قورن بتاوخيرة( توكرة) على سبيل المثال . ولم يقف الامر على هذا النحو فهناك عدة رحالة وقناصل زاروا قوريني لكن لم يسجل انهم قاموا بالسرقة والعبث بيد ان هذا ليس مستبعد فتعرض في متاحف اوربة العديد من اللقى الاثرية مصدرها الاقليم دون تحديد مدينة بعينها قد تكون قوريني غالبا.
ويتضح من خلال العرض السابق الدور السلبي الذي قام به مجموعة من الرحالة والقناصل الاوربيون في سرقة وتهريب الكثير من المنحوتات المهمة والعديد من الاواني الفخارية الرائعة واعداد هائلة من قطع العملة وغيرها من اللقى التي عثروا عليها اثناء تنقيبهم وعبثهم بالبقايا الاثرية في مدينة قوريني ، او اشتروها من بعض الاوربيين واليهود الذين كانوا يتاجرون بالقطع الاثرية ، وعلى الرغم من هذا فمن الضروري الاشارة الى جهود بعض الرحالة في مجال الكشف الاثري ، التي ما تزال كتاباتهم مرجعا مهما للمنقبين والباحثين الاثريين .
وقد اكمل الرحالة والقناصل دورهم على احسن وجه فنقلوا تلك المسروقات الى متاحفهم العالمية مثل: 1- المتحف البريطاني الذي تحوي مخازنه وتعرض اروقته العديد من المنحوتات الرائعة والاواني الفخارية المزخرفة وقطع العملة(صورة رقم 8 ) والتميثيلات الطينية وغيرها من القى التي لا يوجد ما يناظرها في قوريني .
2- المتحف الملكي باستكلندا الذي تعرض به مجموعة من التماثيل الرخامية والاواني الفخارية وبعض النقوش ، وللاسف فقد باع هذا المتحف بعض ما بحوزته من اثار قوريني في المزاد .
3- متاحف فرنسة وتشمل اللوفر وسيفر والمكتبة الوطنية بباريس وتعرض بها مجموعة كبيرة من المنحوتات والاواني الفخارية وكمية هائلة من التميثيلات الطينية وغيرها.
4-متاحف هولندا وتشمل متحف ليدن وامستردام التي تعرض بها مجموعة من الاواني الفخارية والتميثيلات الطينية .
وبعد هذا العرض للاثار التي سرقت من قوريني في القرن التاسع عشر والتي تعد انموذجا معبرا لبقية اللقى التي سرقت من بقية المدن الخمسة مثل تاوخيرة ، ويوسبريدس(بنغازي) وبطوليمايس (طلميثة) وبرقة ( المرج) وغيرها من المدن والمواقع الاثرية الاخرى ، كما انها جزء من المسروقات التي انتزعت من ليبيا بواسطة الرحالة والقناصل وغيرهم وتعرض الان فيما يقرب من خمس وعشرون متحفا في اوربة ،لذا يحق للشعب الليبي المطالبة بعودة تلك المسروقات لتعرض في المتاحف الليبية ، وقد نادت بهذا المطلب القيادة التاريخية في المؤتمر الخامس لدول عدم الانحياز بكلمبو في 18/ 8/1976، كما اثيرت القضية من جديد في مؤتمر آخر اقيم في بلغراد في عام 1989 وقد قررت تلك القمة بالاجماع استرجاع الاثار والممتلكات الثقافية المنهوبة ، وايدت الجمعية العامة للامم المتحدة ذلك في قرارها الصادر يوم 6/11/1989 والذي امتنعت الدول الغربية عن التصويت عليه .
ولم تؤول ليبيا جهدها في المطالبة باسترجاع الاثار المسروقة وليس ادل على ذلك من إنشاء مكتبا في تركيا تابعا للشؤون الخارجية خاص باسترجاع الممتلكات الثقافية المسروقة من ليبيا من بينها اللقى الاثرية ، وحتى الان لم تؤت تلك الجهود ثمارها ، ويبدو انه من الافضل ان يقام متحفا كبيرا مجهز باحدث التقنيات العلمية في العرض والحماية حتى تعرض به الاثار المسروقة من هذه المدينة اذا قدر لها ان تعود ، كما انه من الضروري ان تستغل تلك الاثار طيلة بقائها في المتاحف الاوربية للدعاية السياحية لاثار قوريني وليبيا بصورة عامة وتراثها الحضاري الموغل في القدم .

حول المتاحف الاثرية في ليبيا و علاقتها بالسياحة

نشرت الدراسة في كتاب د. سعد القزيري (تحرير) السياحة في ليبيا – الامكانيات و المعوقات ، الزاوية : دار اساريا : 2002 ، ص ص.235-262 .

المتاحف الأثرية في ليبيا ودورها في السياحة بين الواقع والطموح


توطئة :
ليس من الصعب إيجاد أو تقديم تعريف للمتحف فحتى غير المتخصصين يعرفون بأن المتحف هو ذلك المبنى الذي يعرض مجموعة من الأشياء قد تكون من الأشياء التاريخية أو العينات العلمية أو المنتجات الصناعية بغرض اطلاع الجمهور عليها أي أنها تفتح للمشاهدة بغرض التسلية والترفيه والدراسة أيضا يتميز هذا التعريف بالشمولية والعمومية وهناك العديد من التعريفات برزت من قبل المتخصصين تعد اكثر علمية فقد عرفتها المنظمة الأمريكية للمتاحف (AAM) " أنها تلك الأماكن التي تهتم بجمع التراث الإنساني والطبيعي والحفاظ عليه وعرضه بغرض التعليم والثقافة " أما منظمة المتاحف العالمية (ICOM) فتعرف المتحف على أنه معهد دائم لخدمة المجتمع لا يهدف إلى ربح مادي يعمل على جمع وحفظ وعرض التراث الإنساني والطبيعي والعلمي بغرض الدراسة والتعليم والمتعة "[1] وهذا التعريف يشمل جميع المتاحف على اختلاف أنواعها ، التي تتمثل في أربعة مجالات أساسية هي 1- الآثار والتراث الشعبي ،2- الفنون الجميلة ،3- الصناعات ، 4- التاريخ الطبيعي .ويتفرع منها عدة فروع وأنواع تخدم الهدف الرئيسي من المتاحف .
* * *
والمتاحف الأثرية هي بيت القصيد هنا حيث تُعد من أقدم أنواع المتاحف ،وهي الأصل الذي اشتقت منه جميع أنواع المتاحف فيما بعد ، ويمكن تعريفها بأنها الأماكن التي تعرض بها البقايا والمخلفات الأثرية التي نتجت من الحفريات في المواقع والمدن الأثرية ،والتي ترجع إلي حضارات الأمم السابقة ، تشمل المعروضات الأدوات والأواني والمخلفات التي تبرز تاريخ شعب من الشعوب وحضارته سواء من الناحية الاقتصادية والدينية والاجتماعية والفنية .والزائر لهذا النوع من المتاحف يخرج بحصيلة ثقافية ومعلومات قيمة عن تاريخ الشعوب السالفة وحضارتها إذا ما توفرت في المتحف الإمكانات المادية من وسائل عرض تقنية و أيدٍ فنية مدربة تدرك الهدف الحقيقي الذي بنيت من أجله المتاحف . وهذا النوع من المتاحف لا تقتصر مهمته على العرض فقط ،فهو مؤسسة علمية تعليمية ثقافية مهمتها التنقيب عن الآثار لجمع المادة الأثرية بطرق علمية ، وصيانة اللقى والمخلفات الأثرية المعروضة في المتحف والمحافظة عليها من السرقة والعبث بها ،وإعداد الدراسات العلمية حول تلك الآثار . وإعداد البرامج التثقيفية والتعليمية والتربوية وفقا لاحتياجات المراحل التعليمية المتعددة ، والمستويات الثقافية المختلفة بحيث يكون المتحف على صلة وثيقة بالمجتمع وهذا من أسمى الأهداف التي من الضروري أن تبنى من أجلها المتاحف في الوقت الحاضر .
وانطلاقا مما سبق فإن المتاحف تقدم للمجتمع خدمات تعليمية ،وتحافظ على التراث الحضاري ، وتقوم بتفسير الماضي للمجتمع و تغذي غريزة الانتماء للوطن ، كما أنها تقدم الخبرات الفنية والجمالية ، وتهيئة الجو الترفيهي للمجتمع[2] ،وهذه هي أهم وظائف المتاحف [3].
وبناءََ على أن المتاحف الأثرية هي أماكن تعكس ماضي المجتمع الذي تخدمه ، ومرآة تبرز الحضارة التي كان عليها ذلك المجتمع ، إذا فهي من الأماكن التي يحرص السائح على زيارتها ، وبسبب أهميتها فهي تعد من أهم المعالم السياحية التي يحرص منظمو الرحلات السياحية أن يزورها السياح ، كما أن دوائر السياحة والحكومات تسعى إلى التعريف ببلدانها عن طريق المتاحف ،ويتمثل ذلك في الإنفاق على بنائها والحرص على انتشارها خاصة في المدن الرئيسية ،حيث أصبحت كل دولة تقيم متحفا وطنيا خاصا بها تحاول من خلاله إبراز تاريخ بلادها وحضارتها من خلال معروضاته التي تنتقى من اغلب المدن والمواقع الأثرية فالسائح الزائر للعاصمة فقط عند زيارته له يطلع على الكثير من آثار تلك المدن والمواقع دون الحاجة أن يزور تلك الآثار في مواقعها الأصلية ، وفي نفس الوقت تمثل المتاحف الوطنية العامة نوعا من الدعاية السياحية لتك المواقع بحيث يشحذ السائح همته ويزور تلك الآثار ، لذا يوصى بأن لا تعرض في المتاحف الوطنية جميع القطع الأصلية إنما نسخ عنها ، وتزود بالصور والمخططات للمواقع الأثرية البعيدة لكي يشتاق ويرغب السائح أن يزورها ، كما أن أسلوب العرض التشويقي من شأنه أن يعزز رغبة السائح في زيارتها .أما إقامة المتاحف الإقليمية فهو ضروري حيث أن السائح على الرغم من زيارته للمدن الأثرية والاطلاع على ماضيها العريق من خلال التجوال بين معالمها المعمارية من معابد ومقابر ومسارح وأسواق ومباني عامة وخاصة تعد زيارته ناقصة ومعلوماته مبتورة فهو لم يطلع على الحياة اليومية للسكان ماذا يفعلون ؟ ما أدواتهم ؟ أين الأشياء التي كانت تدفن معهم في قبورهم ؟ ما الذي عثر عليه أثناء التنقيب و الحفر في المدينة ؟ هذه أسئلة تدور في ذهن السائح ، ولايستطيع الإجابة عنها إلا وجود متحف تعرض به تلك الأشياء ، فمن خلال المتحف يتعرف السائح على الحياة اليومية ، والسياسية والتاريخية والاقتصادية وعلى العادات الاجتماعية والطقوس الدينية ويشاهدها عن قرب ، ويفضل الكثير من السائحين زيارة المتاحف مقارنة بزيارة المواقع الأثرية نفسها خاصة كبار السن أو من لا يستطع مجاراة الأدلة السياحيين بسبب صعوبة فهم اللغة أو ضيق الوقت ، بينما توجد في المتاحف وسائل الإيضاح السمعية والبصرية ومتوفرة بعدة لغات ، كما أن السائح له الحرية المطلقة في اختيار المعلومات التي يرغبها ، أو الأشياء التي يريد الاطلاع عليها ، وكلما كان أسلوب العرض ممتعا ومشوقا اقبل السياح على زيارة المتاحف والإفادة منها واستمتعوا بزيارتها ، وهي تعد في نفس الوقت ضرورية ومكملة لزيارة المواقع والمدن الأثرية .
* * *
لم تكن المتاحف بطبيعة الحال ابتكاراً حديثاً فأصولها ترجع إلى عصور عتيقة موغلة في القدم ،اتفق مؤرخو المتاحف على أن المبنى المسمى موزايون (Mouseion) الذي بناه بطليموس الأول (325-285 ق.م.) يعد أقدم متحف في التاريخ انطلاقا من انه كانت تعرض به بعض التماثيل ،إضافة إلى كونه مركزا علميا.بيد أن المفهوم الحديث للمتاحف لم يتبلور إلا في القرنين السابع عشر والثامن عشر عندما افتتحت بعض المتاحف في أوربة مثل متحف جامعة اكسفورد (1671) ومتحف الفاتكان (1750) ، والمتحف البريطاني (1753) ، ومتحف اللوفر (1793) وغيرها من المتاحف التي تعد تطورا لقاعات العرض الخاصة بأشكالها المختلفة التي شهدتها أوربة خلال العصور الوسطى وعصر النهضة [4] .وعرفت المتاحف في الوطن العربي عن طريق المستعمرين الأوربيين وكان ذلك ما بين أواخر القرن التاسع عشرواوائل القرن العشرين .
وليس بمستغرب أن يقوم الإيطاليون-إبان احتلالهم لليبيا - بالاهتمام بإنشاء المتاحف خاصة بعد تزايد الاكتشافات الأثرية بعد البدء في الحفريات في الكثير من المواقع والمدن الأثرية مثل بنغازي ،و شحات ولبدة وطرابلس ،وزليطن وغيرها .ويُعد متحف مدينة بنغازي أقدم متحف أنشأه الإيطاليون في ليبيا وكان ذلك في عام 1912 م ، وقد عرضت داخله مجموعة من اللقى الأثرية تمثلت في منحوتات وشواهد قبور من منطقة الصابري ، واللقى التي عثر عليها في المفلوقة بسيدي حسين ، وبعض المنحوتات من شحات قبل إنشاء متحف بها ، وقد اقفل هذا المتحف الصغير عام 1928 عندما تزايد الاهتمام بآثار شحات ونقلت إدارة الآثار الإيطالية إليها. وينسب إلى هذه الفترة المبكرة أيضا إنشاء متحف للآثار في طرابلس في أوائل عام 1919 م داخل مبنى صغير يقع في الناحية الجنوبية من السراي الحمراء ، وقد عرضت به التحف الأثرية التي عثر عليها في أماكن متفرقة من منطقة طرابلس مثل قبور برج الدالية ،وفسيفساء دار بوك عميرة في زليطن ،وتماثيل عثر عليها في لبدة وصبراتة وغيرها ،وسريعا ما أقفل هذا المتحف ما بين الأعوام 1920-1923 م [5]. وعندما تزايدت أعمال الحفر والتنقيب في المدن الأثرية وما نتج عنها من لقى أثرية تستأهل العرض نشطت السلطات الإيطالية في بناء المتاحف في المدن الأثرية الرئيسية مثلما حدث في شحات ،وصبراتة ،ولبدة في عام 1935 م ،وإعادة افتتاح متحف طرابلس فيما بين 1930-1935م ، و كانت توجد متاحف قبيل اندلاع الحرب الكونية الثانية مثلما في سوسة و شحات و المرج وطلميثة وبنغازي ولبدة وطرابلس وصبراتة ،والتي أقفلت و ضاعت الكثير من معروضاتها أثناء تلك الحرب .
ومن الضروري تقويم تلك المتاحف ،والتعريج على أسباب بنائها،وجدير بالقول في هذا الشأن إن المتاحف التي أنشأها الإيطاليون لم تؤسس لإغراض سياحية بل كانت ذات أهداف سياسية ثقافية من اجل ترسيخ فكرة الاستعمار وزرع فكرة أن ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا منذ العصور القديمة ، حيث تم التركيز على عرض الآثار الكلاسيكية (الرومانية بصورة خاصة ) محاولة لمحو الجذور العربية والإسلامية لهذا الشعب ، كما كانت تلك المتاحف تبرز النشاط الأثرى لإدارة الآثار الإيطالية فظهرت متاحف في مواقع أثرية صغيرة لا يرجو منها تقديم الكثير باستثناء أنها تعد رافدا من روافد السياحة الداخلية إن جاز التعبير.وعند النظر إلى تلك المتاحف من الناحية التقنية والإنشائية ، يلاحظ أنها لم تقم في مباني أعدت لهذا الغرض، فقد استغلت مباني سابقة لم تكن مناسبة بأية حال أن تكون متاحف فمتحف طرابلس أقيم في البداية في مبنى كان يستغل مركزا للشرطة في العهد التركي ، وبعض المتاحف الأخرى لم تكن سوى صالات مسقوفة بألواح من الزنك أو الصفيح مثل متحفي طلميثة وسوسة ، ولم تزود بوسائل العرض المناسبة ،ويمكن أن يستثنى متحف الآثار الذي في السراي الحمراء حيث استغل هذا المبنى التاريخي متحفا واهتم به اهتماما كبيرا باعتباره المتحف الرئيسي في ليبيا ، ولم يكتب عن تلك المتاحف أي دليل سياحي أو اثري ، ولم تسجل محتوياتها تسجيلا علميا مما أدى إلى ضياع الكثير من المعروضات ، وعدم معرفة مصدرها الأصلي حتى ألان .
وقد أعيد افتتاح اغلب المتاحف في عهد الإدارة البريطانية (بعد عام1943) ،وأضيف لها متحف توكرة الذي افتتح لفترة مؤقتة خلال عام 1945 ليعرض اللقى التي وجدت في حفريات القبور التي أجراها ضباط من سلاح الجو البريطاني .ولم تكن تلك المتاحف احسن حالاً من مثيلاتها الإيطالية .
ويجدر الآن استعراض المتاحف الموجودة في ليبيا[6] والتعليق على معروضاتها ووسائل عرضها،وما مدى أهليتها لتكون مصدراً لجذب السياح فهناك حاجة ملحة لإعادة دراستها بتحديد الوضع القائم وإدراك مدى فاعليته وإبراز مواطن الضعف والقصور ليتم تداركها :
1-المتحف الجماهيري بطرابلس:
يعد هذا المتحف من أضخم [7] و أحدث المتاحف الموجودة في ليبيا والوطن العربي[8] ،وقد بني في شارع استحدثه الإيطاليون داخل السراي الحمراء بتصميم اعد خصيصا لمتحف [9] ،وقد أشرفت على بنائه وتجهيزه منظمة اليونسكو[10] ،و افتتح للجمهور في 10/9/1988م، وجمع في داخله متاحف السراي الحمراء التي تكونت من المتحف الكلاسيكي (1919-1937)، ومتحف ما قبل التاريخ (1952) ، ومتحف الأزياء والعاديات (1953) ، ومتحف الجهاد الوطني (1970)، ومتحف التاريخ الطبيعي(1936)[11] ، ومتحف النقوش الكتابية (1952)، إضافة إلى ذلك مجموعة من اللقى والآثار من اغلب المدن والمواقع الأثرية في ليبيا والتي تعبر عن التاريخ الحضاري للشعب الليبي ، لتحقيق الهدف الذي أنشيء من اجله هذا المتحف ليكون شاهدا على حضارة الإنسان الليبي عبر العصور حتى العصر الحديث . وقد قسم المتحف إلى أجنحة وصالات وفقا للتسلسل التاريخي ، فهناك جناح لما قبل التاريخ ، وآخر لفترة القبائل الليبية يليها التراث الليبي في العصر الفينيقي ثم العصر الإغريقي فالروماني والبيزنطي ، وهناك جناح خاص للحلي والمسكوكات ، ثم الاثار الإسلامية ،وجناح ليبيا عصر الجماهير ،وأيضا متحف التاريخ الطبيعي [12]. وجدير بالذكر أن المتحف أعيدت له التسمية القديمة ،ويطلق عليه الآن مجمع متاحف السراي الحمراء.


2- المتحف الإسلامي بطرابلس :
يقع هذا المتحف بشارع سيدي خليفة بمدينة طرابلس ، وهو يشغل أحد المباني التركية (1832-1835) ،ويعرف محليا بقصر الكونتيسة ، وتم افتتاحه في 1/9/1973م ، وكانت تعرض به معروضات تعبر عن الحضارة الإسلامية في ليبيا من نماذج معمارية ومسكوكات وخزف ،ومخطوطات ، إضافة إلى النقوش العربية والتركية ،وأضيف للمتحف قسم خاص بالجهاد الليبي ،ولكن للآسف فقد نقلت اغلب معروضاته إلى المتحف الجماهيري عند الشروع في إعداده ،ولم يبق منه إلا بعض الأثاث والأشياء التي تخص الكونتيسة التي كانت مولعة بالآثار الإسلامية [13].
3-متحف صبراتة الكلاسيكي:
يقع داخل المدينة الأثرية في صبراتة ، وقد أسس عام 1934، وأدخلت عليه الكثير من الإصلاحات والتعديلات في الفترة الأخيرة ، وتعرض فيه مجموعة كبيرة من اللقى المنقولة التي عثر عليها في الحفريات التي أجريت بالمدينة ، مثل الفخار والعملة والزجاج ، والعديد من المنحوتات الحرة والبارزة ،ونقوش لاتينية ،ولوحات جدارية ، وارضيات فسيفسائية ، وترجع كلها إلى العصرين الروماني والبيزنطي.
4- المتحف البونيقي بصبراتة :
هو متحف صغير يتكون من قاعتين فقط ، ولا يبعد كثيرا عن المتحف السابق ، وقد افتتح خلال عام 1985م ، وكانت اغلب معروضاته تعرض في متحف صبراتة الكلاسيكي ،والغاية من إنشائه إبراز التراث الفينيقي في هذه المدينة ، وتمثلت المعروضات في مجموعة من التماثيل وشواهد القبور البونيقية ، ومنحوتات بارزة نقلت من الضريح البونيقي ، ومقبرة بونيقية بكامل أثاثها الجنائزي من جرار وأواني فخارية مستوردة ، إضافة إلى لوحات القرابين النذرية [14].
5-متحف جنزور الأثرى :
يقع هذا المتحف الصغير في جنزور عند الكيلو متر 13 غرب مدينة طرابلس ، وأقيم في منطقة الحفائر التي أكتشف بها مجموعة كبيرة من القبور البونيقية-الرومانية ، وبسبب أهمية تلك القبور واحتوائها على رسوم جدارية ، وتعدد أنواع اللقى التي وجدت بها تقرر إقامة متحف يشمل القبور نفسها بحيث يمكن النزول إليها ومشاهدة أسلوب الدفن الذي كان مستعملا آنذاك ، وتكون المتحف في الأعلى من مجموعة من الخزانات الجدارية عرض بها أنواع مختلفة من الأثاث الجنائزي ( جرار ، أواني فخارية ، مصابيح ،أدوات معدنية وغيرها )، افتتح المتحف عام 1977م [15].
6- متحف لبدة الأثرى :
يرجع وجود متحف في هذه المدينة إلى عام 1927م،وبسبب ضيق المتحف القديم ،وكثرة المكتشفات الأثرية اصبح المتحف غير كاف لعرض التاريخ الحضاري لمدينة لبدة عبر العصور لذا ظهرت الحاجة الماسة لإنشاء متحف جديد يستوعب تلك المعروضات ، ويخطط وفقا لمتطلبات المتاحف الحديثة .عرض بهذا المتحف الذي افتتح في 18/9/1423، مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية تمثل- في تسلسل تاريخي - الأدوار الحضارية التي مرت بها مدينة لبدة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، أبرزت تلك المعروضات الحياة السياسية والاقتصادية والدينية والترفيهية واليومية لهذه المدينة [16].
7-متحف سرت:
يقع هذا المتحف بمنطقة المدينة (تصغير مدينة) التي كانت تسمى قديما سرت ، و تبعد عن سرت الحالية مسافة 55 كم ناحية الغرب ، وقد بني حديثا داخل المدينة الأثرية ،بغرض عرض اللقى الأثرية التي وجدت في حفائر المدينة التي بدأت منذ 1963 وما زالت مستمرة حتى الآن . تم افتتاح هذا المتحف في عام 1987م ، وتشمل معروضاته مجموعة من الآثار المنقولة مثل الأدوات الحجرية والأواني الفخارية والزجاجية ومجموعة من المسكوكات والنقوش والمصابيح ، اغلب تلك المعروضات ترجع إلى الفترة البيزنطية والإسلامية ، والقليل إلى الفترة البونيقية ، وعصور ما قبل التاريخ [17].(المتحف مغلق الآن بسبب عدم توفر الحراسة ) .
8-متحف بنغازي :
على الرغم من أن هذه المدينة كانت تملك أقدم متحف أنشيء في ليبيا ، إلا أنها الآن لاتملك أي متحف ، كان يوجد بها متحف قرب ضريح عمر المختار تم افتتاحه عام 1977 وأغلق عام 1979، وكانت تعرض به مجموعة كبيرة من اللقى الفخارية والمصابيح وشواهد القبور والتماثيل وغيرها من المعروضات التي عثر عليها في حفريات سيدي خريبيش وفي قبور السلماني وسيدي حسين ،وأغلبها يمثل تاريخ المدينة منذ تأسيس يوسبريدس ثم برنيكي التي استمرت حتى العصر الإسلامي .
9-متحف العقورية (توكرة) :
أقيم هذا المتحف الصغير داخل المدينة الأثرية عام 1967 عقب اكتشاف كمية كبيرة من الأواني الإغريقية التي ترجع إلى فترة مبكرة وساهمت في التعرف على التاريخ الحقيقي الذي أسست فيه تاوخيرة ، وعلاقاتها الخارجية ، وهذا ما أبرزته المعروضات الفخارية بالمتحف ، وعرضت به أيضا مجموعة من النقوش ألقت بعض الأضواء على تاريخ المدينة .وقد فتح المتحف أبوابه للزوار في 18/4/1972م[18] . (اقفل المتحف عام1990 بسبب تعرضه للعديد من السرقات ، وينتظر افتتاحه في الفترة القريبة ).
10-متحف طلميثة (الدرسية) :
مبنى صغير استغل متحفا قبيل الحرب الكونية الثانية ، ثم أعيد افتتاحه عام 1952م وحدثت عليه الكثير من التطورات خاصة في المعروضات ، التي شملت مجموعة من المنحوتات والأرضيات الفسيفسائية الرائعة والنقوش التي اكتشفت خلال الحفائر التي أجريت بالمدينة ، وتوضح التاريخ الحضاري لمدينة بطوليمايس .كما تعرض بالمتحف مجموعة من الأواني الفخارية الإغريقية ، وبعض التماثيل المبكرة ، ونقوش إسلامية عثر عليها بالمرج [19].
11-متحف قصر ليبيا :
يقع هذا المتحف بمنطقة قصر ليبيا التي تقع الى الشرقمن مدينة البيضاء ، وافتتح هذا المتحف رسميا في 18/4/1972 م[20] ،وقد خصص لعرض الأرضيات الفسيفسائية التي كشف عنها في الكنيسة الشرقية التي لا تبعد كثيرا عن المتحف ، وتعد الفسيفساء المعروضة اجمل ما عثر عليه من فسيفساء في ليبيا في العصر البيزنطي .


12-متحف البيضاء :
يقع عند مدخل مدينة البيضاء ، وقد افتتح في عام 1988م ليعرض مجموعة من اللقى الأثرية عثر عليها في موقع مدينة بلجراي تمثلت في أواني فخارية مختلفة الأحجام والأنواع ترجع إلى العصرين الإغريقي والروماني ، كما تعرض به أجزاء من منحوتات ونقوش رومانية ، إضافة الى عينات من التاريخ الطبيعي ، والمقتنيات الشعبية .
13- متحف النحت / شحات :
أعيد افتتاح هذا المتحف عام1945 م ، وكان يشغل مكان مبنى إيطالي يتكون من عدة قاعات خصصت لعرض المنحوتات التي عثر عليها في حفائر المدينة ، من بينها مجموعة رائعة من التماثيل الرومانية المنسوخة عن أصول إغريقية ، وعرضت به مجموعة من النقوش التاريخية مثل وصية بطليموس ، وقرارات أغسطس وغيرها ، إضافة إلى عينات من المسكوكات الإغريقية والرومانية والإسلامية ، واقفل المتحف في أواخر الثمانينات بسبب تصدع جدران المتحف .
14- متحف الحمامات / شحات :
متحف صغير أقيم في حجرة خلع الملابس بحمامات تراجان لعرض مجموعة من المنحوتات عثر عليها أثناء حفائر الحمامات لعل أهمها تماثيل الحسناوات الثلاث وتمثال الاسكندر الأكبر[21] ، وقد اقفل المتحف بعد تعرضه للسرقة في أواخر الثمانينات .
(معروضات المتحفين السابقين موجودة ألان في المخازن ولا يوجد متحف بهذه المدينة الأثرية الهامة ) .
15-متحف سوسة :
كان يوجد هذا المتحف داخل أسوار المدينة الأثرية في قاعة كبيرة ترجع إلى العهد الإيطالي ، وتمثلت معروضاته آنذاك في مجموعة من النقوش والمنحوتات التي عثر عليها في حفائر المدينة وتلقي بعض الأضواء على تاريخها ، إضافة إلى لوحات فسيفسائية جلب بعضها من كنيسة رأس الهلال [22]. وقد نقلت محتويات هذا المتحف لتعرض في متحف جديد اكبر حجما من سابقه ، أضيفت إليه العديد من المعروضات الجديدة لعل أهمها كمية كبيرة من الأواني الفخارية المختلفة الأنواع والأشكال ، التي عثر عليها في القبور الإغريقية بالمدينة ، إضافة إلى العديد من اللقى والنقوش التي تعود إلى العصر الهللنستي وحتى العصر الإسلامي ، ويمكن أن يشاهد الزائر له مجموعة من المكتشفات عثر عليها في البحر ، والكثير من الآثار الي تعبر عن انتشار المسيحية بهذه المدينة .
16- متحف القيقب :
شغل هذا المتحف قلعة القيقب التركية [23] ، بعد ترميمها وإجراء الإصلاحات عليها حتى تصبح مناسبة أن تكون متحفا ، واحتوى المتحف على قسم للتاريخ الطبيعي من أحياء وجيولوجيا ، وقسم للعاديات والمقتنيات الشعبية والجهاد الليبي [24].وافتتح المتحف للجمهور في 15/ 4/1975م .
17-متحف جرمة الأثرى:
بني هذا المتحف في مدينة جرمة الأثرية جنوب ليبيا ،وافتتح في أوائل السبعينيات ، وذلك ليكون سجلا حافلا لجميع المظاهر الحضارية والأثرية لوادي الآجال ومدينة جرمة القديمة [25] منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الإسلامي . وقد تم إغلاقه منذ فترة ، وتجرى الاستعدادات على قدم وساق لإعادة افتتاحه قريبا .
هذه هي المتاحف الأثرية التي تضمها الأرض الليبية ، إضافة الى بعض المعروضات الأثرية التي تضمها معارض الجمعيات الاستكشافية مثل جمعية الهيلع في درنة ، ومعارض المقتنيات الشعبية مثل ما في غدامس ،ومكاتب الآثار مثل زليطن ومعارض الجامعات مثل معرض قسم الآثار بجامعة قار يونس ، و هذا لا يدخل في سياق موضوع هذا البحث .
ويمكن تقسيم المتاحف الأثرية سالفة الذكر الى عدة أنواع :
1- المتاحف العامة : والتي تعبر معروضاتها عن تاريخ ليبيا وحضارتها منذ أقدم العصور ، باختيار عينات أثرية من مدن ومواقع مختلفة ترجع للعصور التي مرت بها ليبيا ، تعرض وفقا التسلسل التاريخي ، وخير مثال على ذلك المتحف الجماهيري .
2- المتاحف الإقليمية :وهي المتاحف التي تعرض بها أثار مدينة او اقليم بعينه ، وهذه ترتبط عادة بالمدن الأثرية وتقام فيها مثل متاحف صبراتة ولبدة وشحات وطلميثة… وغيرها .
3- المتاحف التخصصية :وهي التي تختص بإبراز فترة حضارية واحدة مثل المتحف الإسلامي بطرابلس والمتحف البونيقي بصبراتة .
4- المتاحف الأخرى :ويمكن أن يندرج تحتها تلك المتاحف التي أقيمت بسبب اكتشافات مهمة ، وخير مثال على ذلك متحف قصر ليبيا ،ومتحف العقورية ومتحف جنزور .
وجاء الآن دور تقويم تلك المتاحف وإبراز سلبياتها وإيجابيتها ، وانعكاس ذلك على الحركة السياحية ، ومن الضروري أن يكون التقويم وفقا للمفهوم الحديث للمتاحف وللرسالة المرجوة من وراء إقامتها ، وسوف يكون التقويم من عدة جوانب عامة وخاصة :
أولا: التوزيع الجغرافي :
يلاحظ عند النظر الى التوزيع الجغرافي للمتاحف في ليبيا أنها تتركز في المنطقة الشمالية منها مقارنة بالجنوبية (تراجع الخارطة المرفقة)، فلا يوجد في الجنوب إلا متحف واحد هو متحف جرمة ،وهذا من شأنه أن يعمق الإحساس بأهمية الحضارات الشمالية_التي أغلبها قام بها غرباء عن أصحاب البلاد الأصليين-مقارنة بالحضارات التي شهدها الجنوب التي يغلب عليها الطابع الليبي الصرف ، ومن هنا وجب إعداد خطة طموحة بإنشاء عدة متاحف في الجنوب .
كما إن التوزيع الجغرافي لها لا يرتبط بالكثافة السكانية ،بقدر ما يرتبط بوجود آثار في المدينة أو القرية من عدمه فالكثير من المدن الرئيسية لاتملك متاحف مثل مصراتة والزاوية وسرت وبنغازي وطبرق وسبها ، مقارنة بالمدن الصغيرة التي تملك متاحف مثل جرمة و العقورية والدرسية والمدينة وسوسة وغيرها، وكان يفترض أن تقام متاحف في المدن ذات الكثافة السكانية حتى ولو لم تملك أية معالم أثرية بسبب أن تلك المدن تملك المرافق الأساسية للسياحة ، وتوجد بها كثافة سكانية فتكون محط أنظار السياح لزيارتها ومثلا على ذلك مدينة سبها عاصمة مدن الجنوب كان الأجدى أن يقام بها متحف بسب كثرة زوارها وأنها رمزا لمدن الجنوب ، يهتم بالحضارات العريقة التي شهدتها هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الإسلامية [26] .وعلى الرغم من أهمية إقامة المتاحف في المدن الأثرية إلا انه يفضل في بعض الحالات إقامة متاحفها بعيدا عنها إذا كانت هي تقع في منطقة نائية وبجانبها مدينة رئيسية الأفضل إقامة المتحف بها على سبيل المثال متحف المدينة ( سرت القديمة) كان من الضروري إقامته في سرت ذلك أن هذه المدينة يأتي إليها الكثير من الزوار على المستوى الدبلوماسي والسياسي والمحلي ، ويلاحظ المتتبع لحركة متحف المدينة أن الإقبال على زيارته غير شديدة ويظل أياما مقفلا ، وهذا ينطبق على متحف جرمة أيضا ،ولكن على وجه التقريب.وعند النظر كذلك الى مدينة بنغازي ثاني مدينة في ليبيا فانه لا يوجد بها أي متحف الآن على الرغم كثافتها السكانية ووجود آثار بها ، ويوجد مشروعان لإقامة متحفين بالمدينة ولكن لم يتحقق أيا منهما ، ويفترض في هذا الصدد أن تتضافر الجهود لإقامة متحف واحد بالمدينة على غرار المتحف الجماهيري بدلا من تشتيت الجهود في متحفين ، أو إقامة متحف اثري وآخر عسكري فالمدينة وليبيا في حاجة لهذا النوع من المتاحف . وليس هذا فحسب فمن الضروري إقامة متاحف عامة مثل المتحف الجماهيري في المدن الرئيسية لتوضيح التاريخ الحضاري لهذه البلاد . كما يجب استغلال المدن التي يقبل عليها السياح بسبب بعض المعالم السياحية ولا يوجد بها معالم أثرية بارزة مثل مدينة طبرق وبناء متحف اثري ضخم بها بحيث يكون قبلة للسياح الذين يأتون إليها لزيارة مقابر الحرب الكونية الثانية ، وهذا نوع من الدعاية لآثار ليبيا وحضارتها لان بعض أولئك السياح يزرون طبرق فقط ويرجعون عن طريق مصر دون أن يعرفوا أي شي عن الماضي العريق لليبيا وآثارها .كما يجب الاهتمام بالمتاحف في المدن الأثرية الرئيسية ،وأن تصبح عامل جذب للسائح عند زيارته لتلك المدن فيقبل على زيارتها ، ولكن يلاحظ عند النظر الى مدينة شحات أنها الآن لا تملك أي متحف على الرغم من الثروات الأثرية التي توجد بها وتعد عامل جذب للسياح فلو تم إنشاء متحف كبير بهذه المدينة لازداد عدد السياح ، وزاد إقبالهم على زيارة معالمها .كما يجب أن يتبوأ المتحف موقعا مميزا في المدينة بحيث يمكن الوصول إليه بسهولة ، وألا يكون في مكان نائي ومعروف لدى الجميع ، واغلب متاحف ليبيا تقع داخل المدن الأثرية باستثناء المتحف الجماهيري _الذي بني داخل السراي الحمراء _ وعلى الرغم من شهرة هذا المبنى ألا أن المتحف يكاد يختفي داخلها ، ولا يطل على الخارج إلا بمسافة ضيقة تتمثل في باب ضخم في أحد جوانب السراي ذات الجدران المرتفعة ، ومدخل المتحف لا يكاد يرى لكل داخل للساحة الخضراء التي تطل عليها السراي الحمراء ، لذا كان من الأفضل أن تقام المتاحف في أماكن بارزة حتى يصل إليها السياح بسهولة ودون معاناة .
إذاُ تحتاج المتاحف الى إعادة توزيع من جديد من الناحية الجغرافية وفقا لما ذكر أعلاه ( تراجع الخارطة المرفقة) ، ببناء متاحف جديدة وتطوير المتاحف القديمة ، وإعادة إفتتاح المتاحف التي اقفلت بسبب عدم حمايتها بشكل مناسب ، وتعرضها لسرقات عديدة ، وذلك حتى تساهم في تنشيط الحركة السياحية .
ثانيا:عمارة المتاحف وتصميمها :
لقد جرت العادة أن تستغل المباني التاريخية من قلاع وقصور لإقامة المتاحف بعد إجراء التعديلات والإصلاحات عليها حتى تكون ملائمة للمعروضات ، وعلى الرغم من أن هذا قد يأتي على حساب تلك المباني فقد لايهتم السائح أو الزائر بالأثر المعماري ، وينصب اهتمامه بالأشياء المعروضة ، كما أن التعديلات تضر كثيرا بالشكل العام لتلك المباني ويفضل في هذا الشأن أن تقام متاحف بها ترتبط بالمباني التاريخية مثل أن تستغل القلاع في إقامة المتاحف العسكرية والمنازل القديمة للمقتنيات الشعبية التي تعود إلى نفس الفترة ، والمحافظة على المبنى كتراث تاريخي من حق الجميع الاستمتاع برؤية ما كان عليه في الماضي، وقد استغلت العديد من المباني القديمة كمتاحف في ليبيا مثل قلعة القيقب والسراي الحمراء وقصر الكونتيسة …وغيرها وهذه ينطبق عليها ما قيل أعلاه .كما أن الكثير من المتاحف قد شغلت مباني كانت تستخدم لإغراض أخرى مثل متاحف صبراتة وطلميثة وقصر ليبيا والبيضاء وسوسة ، إذاً هي غير مهيأة أن تكون متحفا ، وهذا ينعكس على نجاح المتاحف في أداء رسالتها وما مدى ملاءمتها لاستقبال السياح . وهناك نوع آخر من المتاحف بني أساسا ليكون متحفا مثل متاحف جنزور و المدينة والعقورية وجرمة والمتحف الجماهيري ومتحف لبدة ، باستثناء المتحفين الأخيرين يلاحظ إن تلك المتاحف بسيطة جدا لا تعدو أن تكون إلا مساحات مربعة مسقوفة ومقسمة من الداخل إلى قاعات صغيرة ، ومثل هذه المتاحف لا يوجد بها مرافق ملحقة بها ، ولا تستوعب الكثير من السياح دفعة واحدة ، والبعض منها لا يملك أي شكل مميز حتى تجذب المتاحف الأنظار ليس بمحتوياتها فقط بل أيضا بشكلها الخارجي المتميز سواء من حيث ضخامة المبنى أو من حيث طرازها ، فالشكل الخارجي قد يعد عاملا مهما في الدعاية للمعروضات التي داخل المتحف والإقبال على زيارته.ويعد متحفا لبدة والجماهيري من افضل المتاحف التي خططت وفقا لمخطط حديث مدروس روعيت به المعايير الأساسية في تشييد المتاحف [27] . لكن يلاحظ على هذه المخططات الحديثة أنها غير منسجمة في عمارتها مع الطابع المحلي ، الشكل العام لها قد تصادفه في أية دولة ، لذا يفترض أن تعبر المتاحف عن طابع العمارة المحلية ، وهذا يجعلها مباني مميزة وكلما كان طرازها لافت للانتباه و مستمد أصوله من العمارة المحلية كان إقبال السياح عليها إعجابا بطرازها المعماري أولا وبما تحويه ثانيا ، ومن جهة أخرى فهي بهذا تساعد في تعميق الإحساس بالذات القومية لأفراد المجتمع[28] .
ثالثا : طريقة العرض المتحفي :
إن المتاحف ليست مهمتها حفظ الآثار فقط ، وإذا كانت كذلك فهي مخازن للاثار وليست متاحف ، وفي الحقيقة فان الكثير من المتاحف في ليبيا لا تعدو كونها مخازن للتحف الأثرية بسبب ان المتحف عبارة عن أروقة مزودة بخزانات عرض توضع بها المعروضات أو تخزن بها ، أو بسبب احتواء المتحف على كميات كبيرة من التماثيل والأواني الفخارية واللقى الأخرى وضعت دون نسق محدد وعرضت في أسلوب مشوق حيث تبدو مكدسة مثل المخازن مثل متحف صبراتة وبعض قاعات المتحف الجماهيري ومتحف لبدة ، وطريقة العرض هذه لا تجذب السياح بل الأمر خلاف ذلك ، إذاً من الضروري ان يكون العرض المتحفي مبنيا على قواعد علمية وفنية صحيحة تتلخص في الاتي :
1- عدم تكديس المعروضات في خزانات العرض لان ذلك يفقدها قيمتها العلمية والجمالية و لا يهتم بها السائح .
2- تصنيف المعروضات وفقا للنوعية أو المادة أو الاستعمال ، وتكون منسجمة معالهدف الذي وضعت من أجله مما ييسر على السائح سهولة الاتصال بها ويدرك أهميتها .
3- توفير الإضاءة المناسبة سواء طبيعية أو صناعية لإظهار قيمة وجمالية الشيء المعروض التي ترتبط بمكانه وزاويته .
4- استعمال وسائل الإيضاح السمعية والبصرية المناسبة للمعروضات .وغيرها من الأمور التي لا يسع المجال لذكرها هنا .
وعند النظر الى الشروط السابقة وتطبيقها على المتاحف في ليبيا يمكن ملاحظة الآتي:
1- إن اغلب المتاحف تعرض معروضاتها وفقا للتسلسل الزمني سواء من حيث القاعات أو من حيث الخزانات مثل المتحف الجماهيري ، أو تقسم المعروضات الى مجموعات مثل النحت كمجموعة والفخار مجموعة.. وهكذا مثل متحف صبراتة ، وهناك طريقة أخرى طبقت في متحف لبدة وهي تقسيم المعروضات وفقا لوظيفتها بحيث تكون قاعة للحياة الدينية وأخرى للحياة الاقتصادية وهكذا بحيث تعرض في كل قاعة أنواع مختلفة من الآثار تربط بينها وظيفتها وليست نوعيتها أو مادتها .وكل نوع من أنواع العروض السابقة له مميزات وعيوب فالبعض منها قد يتفق مع السائح ولا يتماشى مع الدارس أو الباحث ، عموما يجذب السائح -في الغالب - الطريقة الأخيرة التي يطلع من خلالها على الحياة اليومية القديمة .
2- طريقة العرض المتحفية في الكثير من المتاحف غير خاضعة لأية قواعد علمية أو فنية فهي عبارة عن أماكن عرض لبعض الآثار فقط ،إذا هي لا تجذب السائح إليها مطلقا .
3- أما الإضاءة فيفضل ان تكون طبيعية لانها لاتضر بالأشياء المعروضة لان مهمة المتحف المحافظة على معروضاته وليس إتلافها ، ولتوفير الإضاءة الطبيعية يجب ان تؤخذ في الحسبان عند تصميم المتحف منذ البداية إلا انه يصعب التحكم في تلك الإضاءة وتوجيهها في صالح العرض والزائر معا ، أما إذا لم تتوفر فيلجأ الى الإضاءة الصناعية التي تضر بالآثار خاصة على مدى بعيد على الرغم من وجود إضاءة صناعية اقل ضررا يجدر استعمالها في المتاحف وتوجيهها بما يخدم طريقة العرض المتحفية .وقد لوحظ ان اغلب متاحف ليبيا تستخدم الإضاءتين الطبيعية والصناعية جنبا الى جنب وبدرجات متفاوتة ، إلا ان الكثير من المتاحف تستعمل الإضاءة الصناعية في إبراز المعروضات بتسليط الضوء المباشر عليها وعلى الرغم من ان هذه الطريقة تكسب الشيء المعروض جمالا آخذا إلا ان هذا يضر بالأثر على المدى البعيد ، وقد طبق هذا في المتحف الجماهيري والمتحف البونيقي بصبراتة ، ومن الضروري ان تكون المصابيح مناسبة لأثاث المتحف ومخفية قدر الإمكان فلا تستعمل الثريات المبهرجة اللافتة لانتباه السياح اكثر من المعروضات نفسها مثل ما في متحف لبدة ، وكلما استعملت الإضاءة بطريقة سليمة فهذا ينعكس على سلامة العرض والمعروضات [29]، وتعد من مظاهر الجذب للسياح تظافرا مع العوامل الأخرى .
4-ان الوسائل التوضيحية المستعملة في اغلب المتاحف في ليبيا لا تعدو كونها لوحات توضيحية مقروءة مثل الخرائط و المعلومات التاريخية المكتوبة وبعض الوسائل الأخرى المكتوبة باللغة العربية فقط ، وهذا يجعل السائح من الصعب ان يتعامل معها ، وعلى الرغم من بساطتها الا انه يجب ان تكتب بعدة لغات لو أريد بها ان تكون ذات نفع للسياح ،وحتى تكون وسائل الإيضاح ذات جدوى يفضل استعمال التقنية السمعية والبصرية ( Audio-Visual Media) [30] ، حيث تزود المتاحف بشاشات عرض في أروقتها تعرض لتاريخ وآثار المنطقة المعنية ، او تعرض أفلام وثائقية عن المناطق الأثرية التي أتت منها المعروضات ، او شرائح ملونة عنها ،او الحاسب الآلي المبرمج بمعلومات يمكن للسائح الحصول عليها بضغط زر واحد فقط ،إضافة الى الوسائل السمعية المتمثلة في معلومات مسجلة تذاع في القاعات بمكبرات الصوت او الهواتف ،ويفضل ان تكون تلك الأجهزة في متناول السائح ويتعامل معها لوحده ، وذلك حتى لا تفرض عليه فرضا وتعد من وسائل جذب السياح للمتحف ، لم تطبق هذه الطريقة المتطورة الا في المتحف الجماهيري وبشكل اقل في متحف لبدة ، وبعد مضي عدة سنوات على افتتاح هذين المتحفين تحتاج تلك التقنية الى تطوير وصيانة فاغلب الأجهزة عاطلة . ويفترض ان تطبق هذه التقنية في اغلب متاحف ليبيا وبعدة لغات حتى يمكن بواسطتها الدعاية لحضارة ليبيا وأثارها ومن شأن هذا ان يحفز السياح على زيارة المتاحف والاستمتاع بمعروضاتها ومن ثم التشوق لزيارة المدن والمواقع الأثرية .
5- تحتاج المتاحف الى الدعاية حتى تكون قبلة للسياح وللزوار ، تتمثل هذه الدعاية في ابسط صورها في إصدار الادلة الاثرية عن معروضات تلك المتاحف وان تكون بعدة لغات ومتيسرة للسياح وباسعار معقولة ، والمتاحف في ليبيا فقيرة جدا في هذا الجانب ، من الضروري ان تتكفل مصلحة الاثار اوالهيئة العامة للسياحة بإصدار كتيبات سياحية عن المتاحف وأن تتم مراجعتها من قبل المتخصصين ، إضافة للإعلان عن المتاحف في وسائل الاعلام المختلفة مرئية و مسموعة في الداخل والخارج ، كذلك إصدار ملصقات عن بعض معروضات المتاحف وتعليقها في المكاتب السياحية المشهورة لجذب السياح ، وإستغلال وسائل الاتصال الحديثة في الدعاية للمتاحف والترغيب في زيارتها مثل الاقمار الصناعية ،وشبكة الانترنيت . كما ان من شأن إقامة المعارض المؤقتة في المتاحف بإستجلاب او استعارة معروضات من متاحف اخرى والدعاية لها ان يجعل السياح يقبلون على زيارتها ، وكلما زاد عنصر التشويق في المعروضات زاد عدد الزائرين ، كما أن ثبات طريقة العرض والمعروضات من شأنه ان ينفر السياح من إعادة زيارتها فمن الضروري التجديد في المعروضات وأسلوب عرضها .وهذا لا يوجد في متاحف ليبيا فكل زائر لمتحف من النادر ان يعيد زيارة نفس المتحف مرة أخرى .
رابعا :علاقة السياح بالمتاحف :
وإذا كان واقع المتاحف في ليبيا هكذا ،ومازالت السياحة في بدايتها فلا يتوقع ان يكون إقبال السياح شديدا على المتاحف ، اغلب السياح يأتون الى ليبيا من خلال مكاتب في شكل أفواج سياحية برنامجها محدد وكثيرا ما تستبعد المتاحف من برامجها إما جهلا من المنظمين بتلك المتاحف واهميتها ، او ان المتاحف في حد ذاتها لم تستطع أن تشد اليها انظار المشرفين على البرامج السياحية والذين كثيرا ما يحددون برنامج الزيارة قبل مجيئهم الى ليبيا ، لذا لم تشهد المتاحف اقبال السياح عليها بسبب واقعها ،وللأسف لا توجد إحصائيات لزوار المتاحف من السياح[31] حتى يمكن إجراء المقارنات اللازمة الا ان المتتبع لحركة المتاحف يدرك ان زوارها من السياح قلة ولو طبقت البرامج الطموحة المقترحة للمتاحف التي ذكرت أعلاه لزاد الاقبال على المتاحف ليس من قبل السياح فقط بل حتى من قبل الزوار المحليين ..
خامسا : دور العناصر البشرية :
يعول على العناصر البشرية المدربة كثيرا في إدارتها للمتاحف ، فهذه المؤسسات ذات الرسالة العلمية والتعليمية والثقافية ما كان لها ان تؤدي رسالتها على احسن وجه إذا لم تتوفر العناصر الكفوءة لإدارتها والإشراف عليها سواء من الناحية الإدارية أو الفنية أو التنشيطية وذلك بإعداد البرامج للرفع من مستوى أداء المتحف ومواكبته لتطور العصر ، وهذه العناصر لن يتأتى لها ذلك إلا إذا كانت مؤهلة في هذا المجال ، وفي غياب المتخصصين في علم المتاحف - مثلما في ليبيا - لن يستطع المتحف ان يؤدي رسالته حتى إذا توفرت الأموال لبنائه والأنفاق عليه بسخاء ، فالبناء المادي من الضروري ان يتبعه أو بالأحرى يسبقه بناء وتطوير العنصر البشري لان الأخير سيخطط للمتحف منذ كان فكرة حتى يصبح واقعا ملموسا ، وان وجود المتخصصين بالمتاحف في ليبيا من شأنه ان يحقق البرامج الطموحة التي تهدف الى تطوير تلك المتاحف وتكون عامل جذب للسياح .
ومما تقدم يمكن القول إن نجاح المتاحف في أداء رسالتها على احسن وجه يتوقف على عدة عوامل منها قيمة الأشياء المعروضة وارتباطها بالهدف الأصلي من المتحف ، وحسن العرض ،والقدرة على التشويق ، وسهولة الإرشاد وقوة الدعاية والقدرة على اجتذاب السياح والزوار .وحتى يحدث ذلك يتطلب الاهتمام بها والإنفاق عليها لتظهر بالمظهر اللائق وتلعب دورا في النهوض بالحركة السياحية التي زادها الآثار والمتاحف .
[1] -يراجع للمزيد عن تعريف المتاحف ومفهومها :عبد الرحمن الشاعر ، مقدمة في تقنية المتاحف التعليمية،( الرياض : 1992) ص ص.4 ومايليها.
[2] -يراجع عن دور المتاحف في الترفيه: عياد العوامي ،"المتاحف ودورها في مجال الترفيه " آثار العرب ،7-8 (1995)ص ص.27-29.
[3] -يراجع للمزيد عن ذلك : صالح ونيس ، " مفهوم المتاحف وطرق حمايتها " الثقافة العربية 3 (1986) ص ص.8-23 .
[4] -يراجع عن تاريخ تطور المتاحف :فوزي الفخراني ، "متاحف الآثار نشأتها وتطورها " مجلة الحصاد ص ص.1-5؛ عياد العوامي، مقدمة في علم المتاحف ( طرالبلس: المنشأة العامة للنشر والتوزيع، 1984 )، ص ص.13-26.
[5] -محمود النمس و محمود ابوحامد ، دليل متحف الآثار بالسراي الحمراء بطرابلس ( منشورات مصلحة الاثار،طرابلس :الدار العربية للكتاب ، 1977 ) ص.33.
[6] -تختلف قائمة المتاحف هذه عن القائمة التي وردت في كتاب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، دليل المتاحف في الوطن العربي ،( القاهرة :1973 ) ص ص.65-78 .
[7] -تبلغ المساحة الإجمالية للمتحف حوالي عشرة آلاف متر مربع ، ويتكون المتحف من أربعة طوابق متناسبة مع ارتفاع مبنى السراي .
[8] -يراجع عن ذلك :M. Bouchenaki, "The Libyan Arab Jamahiria Museum: a first in the Arab World" MUSEUM 164(1989) 230-232 .
[9] -يعاب على هذا التصميم انه غير منسجم مع الطراز المعماري للسراي الحمراء فهو ذو تصميما حديث داخل مبنى قديم .
[10] -يعد العقد الذي أبرمته ليبيا مع اليونسكو عام 1980 من اضخم العقود الودائعية ، فقد اودعت ليبيا لحساب تلك المنظمة مبلغ (34344000 دولار) لإنشاء ذلك المتحف ، يراجع في هذا الشأن :حسن نافعة ، العرب واليونسكو ،( الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ، رقم 135: 1989)ص.262 .
[11] -يراجع عن هذا المتحف : عياد العوامي ، دليل متحف التاريخ الطبيعي ، (طرابلس :منشورات مصلحة الآثار ، 1976).
[12] -يراجع للمزيد عن هذا المتحف :عبد الله شيبوب (وآخرون ) ، المتحف الجماهيري ،(منشورات مصلحة الآثار ومنظمة اليونسكو:1988) ؛ محمد فكرون ، "المتحف الجماهيري" آثار العرب 3 (1991) ص ص.108-116.
[13] -يراجع عن هذا المتحف : سعيد علي حامد ، المعالم الإسلامية بالمتحف الإسلامي بمدينة طرابلس ،(منشورات مصلحة الآثار:1978) ؛ جمعة عبد الصبور، "جولة داخل المتحف الإسلامي بطرابلس " الثقافة العربية 2 (1985)ص ص.92-98.
[14] -يراجع للمزيد عن هذا المتحف : محمد ابوعجيلة ، " المتحف البونيقي بصبراتة "، آثار العرب 4 (1992)ص ص.90-94.
[15] -يراجع عن تلك الحفائر والمتحف : محمود النمس ، دليل منطقة حفائر جنزور الأثرية، (منشورات مصلحة الآثار:ب ت.) .
[16] -يراجع عن هذا المتحف :مراقبة آثار لبدة، "نبذة عن المتحف الجديد لمدينة لبدة" آثار العرب 1(1990)ص ص.54-57؛مصلحة الآثار، دليل موجز عن متحف لبدة،(منشورات مصلحة الآثار:1423).
[17] -يراجع عن هذا المتحف : مسعود شقلوف ، " إنشاء متحف المدينة ، سرت القديمة، " الثقافة العربية 8 (1985) ص ص. 76-77.
[18] -يراجع عن معروضات المتحف : خالد محمد الهدار ، "جولة دراسية داخل متحف توكرة " آثار العرب ، 2 (1991) ص ص.70-74 .
[19] - يراجع عن هذا المتحف : عبد الكريم الميار ، دليل متحف طلميثة ، ( منشورات مصلحة الآثار :1976) .
[20] -مركز التوثيق التربوي ، إنجازات وزارة التعليم والتربية في سنوات ما بعد الثورة /في مجال الآثار، ( طرابلس :1973 ) ص ص .77-83 .
[21] -يراجع عن معروضات متحفي النحت والحمامات : عبد الكريم الميار، دليل متحف شحات ،( منشورات مصلحة الآثار :1976).
[22] -يراجع عن هذا المتحف : عبد الكريم الميار ، دليل متحف ابولونيا / سوسة ، ( منشورات مصلحة الآثار: 1977).
[23] -تقع القيقب بالجبل الأخضر شمال الطريق الممتدة من الفائدية إلى لملودة ، وجنوب مدينة الابرق بحوالي 8 كم .
[24] -يراجع عن هذا المتحف: بريك عطية و صالح ونيس ، دليل متحف القيقب ، ( منشورات مصلحة الآثار :ب ت ).
[25] -محمد سليمان أيوب ،" أخبار أثرية/ المحافظات الجنوبية " ليبيا القديمة 3-4(1966-1967)ص .130 .
[26] - لقد وضعت تصورات لاقامة متحف في سبها منذ السبعينيات ، لكن المشروع لم يشهد النور حتى الآن .
[27] - يراجع عن تلك الأساسيات : عبد الرحمن الشاعر ، مقدمة في تقنية المتاحف التعليمية ، ص ص. 21 وما يليها ؛ يراجع كذلك العدد رقم 164 من مجلة Museum الصادرة عن اليونسكو عام 1989 والذي خصص لعمارة المتاحف ، وتراجع أيضا الملاحظات التي اوردها فوزي الفخراني في مجلة الحصاد ص ص.6-8.
[28] - يراجع عن علاقة المتحف بالذات القومية : عبد الوهاب المسيري " المتحف والذات القومية في الغرب " المتحف العربي ، السنة الثالثة العدد الأول (1987) ص ص .6-10 ؛ نفس المؤلف " متحف النيجر و الذات القومية السمحة " المتحف العربي ، السنة الثالثة العدد الرابع (1988) ص ص . 6-11 .
[29] -يراجع عن أهمية الإضاءة في المتحف : : عبد الرحمن الشاعر ، مقدمة في تقنية المتاحف التعليمية ، ص ص.53وما يليها .
[30] -يراجع عن أهمية هذه التقنية في المتاحف :J. Benes,"Audio-Visual Media in Museums" MUSEUM 28(1976) 121-124.
[31] -لم يهتم احد بإجراء احصائية لزوار المتاحف من السياح مع انه يمكن حساب الزوار من خلال التذاكر المصروفة مثلما حدث في الست الشهور الاولى من افتتاح المتحف الجماهيري عندما بلغ الزوار 50000 شخص ، ولكن لايعرف عدد السياح من بين الزوار ، كما يلاحظ ان الكثير من افواج السياح يدخلون مجانا لذا يصعب حصرهم ، وكان يفترض ان تكون تذاكر السياح خاصة سواء من حيث القيمة او الشكل لتساعد في عملية الحصر ومعرفة ما مدى إقبال السياح عليها لإعداد الدراسات اللازمة .