الثلاثاء، 23 فبراير 2010

ملخص محاضرة أ. خالد محمد الهدار عن الاثار المسروقة والمهجرة في مصلحة الاثار بتاريخ 23/12/2009

الآثار المسروقة والمهجّرة

نشرت في صحيفة اويا

متابعة: طارق السنوسي-صلاح التواتي السبت, 02 يناير - إي النار 2010 21:26




حصيلة أربعة عشر عاماً من البحث والتحري، وتتبع فصول قصص تعود بجذورها إلى قرون متعاقبة في القدم، منذ زمن القناصل، والرحالة الأوائل، والرواد المستكشفين، الذين ألهبهم غنى وغزارة ماتختزنه الأراضي الليبية من آثار، تعبر عن أحداث وفصول حضارات.. في رحلة غوص بين آلاف الوثائق.. والتدقيق في أرفف الخزائن بمختلف أشهر المتاحف العالمية التي اكتسبت شهرتها بماتقتنيه من لقى وتماثيل وقطع أثرية ليبية المنشأ .. تحمل هوية التراث الليبي، في رحلة البحث عن كنوز الإرث الحضاري الليبي.. أفردها الدكتور خالد محمد الهدار عضو هيئة التدريس بجامعة قاريونس في محاضرته التي أقيمت بمسرح متاحف السراي الحمراء في اليومين الماضيين، ضمن الموسم الثقافي لمصلحة الآثار.. بحضور الدكتور صالح العقاب الأمين الإداري للمصحلة، والأستاذ ادريس قطنش رئيس قسم الأبحاث والدراسات بالمصلحة، ومحمد الشكشوكي مدير قسم الشؤون الفنية، وعدد من المهتمين والأثريين الليبيين.

و أشار الهدار في بداية محاضرته إلى أن أكثر من 50 متحفاً في بريطانيا، والأسكندرية، ومالطا، والنمسا، وهولندا، والولايات المتحدة، واسبانيا، واليونان، وتركيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، والسويد، وبلجيكا، وأسكتلندا، ولبنان، وبنسلفانيا، ونيويورك، وسيفر، وغيرها تحوي آثار ليبية، سرقت أو هجرت خلال فترات تاريخية متعاقبة، نتيجة حزمة من العوامل أبرزها، جهل الولاة العثمانيين بقيمة تلك الكنوز، وسماحهم بالعبث في المواقع الأثرية نتيجة لامبالاتهم بتلك الكنوز التاريخية، ماأدى إلى انتشار حمى الكشف والتنقيب عنها من قبل الرحالة والمستكشفين، والقناصل الأوروبيين، بداية من القرن السابع عشر، وماقبله، وقد نتج عن ذلك تعرض عدد من المواقع الأثرية الليبية للسرقة والنهب المنظم، وهذا ماخلص إليه الهدار عبر تصفح الوثائق التاريخية، التي من بينها وثيقة تشير إلى اتفاقية بين والي طرابلس محمد شائب العين، والحكومة الفرنسية سنة 1692 منح بموجبها الفرنسيون أحقية نقل أعمدة من مدينة لبدة الأثرية، لبناء القصور والمباني الملكية في فرنسا، وأسفرت في نهاية الأمر عن نهب تمثال من مدينة بنغازي سنة 1695 يمثل سيدة رومانية وتم نقله إلى قصر فرساي لتزيين قاعة المرايا، وأنتهى به المطاف ضمن معروضات متحف اللوفر بعد قيام الثورة الفرنسية، وهو أول تمثال ليبي يصل أوروبا، وعلى نفس المنوال كان مصير تمثال "أثينا ونيوبيد" ولكن إلى وجهة أخرى نحو متحف أسطنبول هذه المرة، مفتتحاً الطريق أمام " كاربيلا أفندي" الذي عينه الوالي رضا باشا عام 1866 بمنصب سكرتير خاص، للتغطية على قيامه بحفريات في المواقع الأثرية الليبية كافة، لتزويد متحف اسطنبول بالقطع الأثرية، وكانت حصيلة عمله نهب 13 لوحاً حجرياً تحمل أروع النقوش التي كانت تزين أضرحة قرزة اختفى بعضها والآخر مازال ضمن معروضات المتحف، فضلاً عن شاهد قبر من مدينة لبدة، وتمثال من شحات.

وأضاف الهدار : إن عدم اهتمام السلطة العثمانية أو من يمثلها في ليبيا بالمدن الأثرية، ومساومتها بآثار البلاد بإهدائها إلى رؤوساء وملوك الدول الأوروبية، وانتشار ظاهرة إقامة المتاحف الأوروبية أدى إلى الإقبال على اقتناء التحف الأثرية، وتنامي دوافع شراء الأغنياء لتلك التحف ماشجع الرحالة والهواة على البحث في أطلال المدن الليبية الغنية بالآثار،إنشاء القنصليات في ليبيا لتمويل ودعم الرحالة، والمساهمة الفعلية في سرقة الآثار مثلما فعل نواب القناصل الإنجليز "وود"، و"ويري" الذي قام بنهب ونقل 140 قطعة أثرية من مدينة بنغازي، إلى المتحف البريطاني، بالإضافة إلى 35 تمثال "كراكوتا" سنة 1856ودفع ما جلبه ضابطا البحرية الأنجليزية "سميث"، ومساعده الملازم "بورشير"، القنصل الإنجليزي في بنغازي "جورج دينس" 1868– 1865إلى القيام بالتنقيب في مقابر مدينتي شحات، وتوكرا، وقام بنهب نحو 40 إناء، و 118تمثال، و 40تمثالاً صغيراً، من مدينتي بنغازي، وتوكرا، وإرسالها إلى المتحف البريطاني، مايمثل إحدى أكبر عمليات تهريب الآثار الليبية، وتمثل أباريق "أونوخوي" ، ونحو 380 قطعة أثرية، ونحت يصور الأميرة "برنيقي" تقدم قرابين للآلهة، ولوحات من مقبرة وادي بلغدير بشحات قام بقطعها بمنشار، وجدارية من واجهة قبر طفلة صغيرة بمدينة قورينا يرتقي تاريخه للقرن الثاني قبل الميلاد، وتماثيل الأمبراطور "بايوس"، وأواني فخارية مزينة بأعمال فنية تصور عربات تجرها القنطروس، أبرز ماقدمه نائب القنصل الفرنسي في بنغازي "دي بورفيل" سنة 1847إلى المكتبة الفرنسية، ومنها إلى متحف "اللوفر" الذي مايزال يعرض نحو 20 تمثالاً منها حتى الآن، كما قام القنصل الهولندي "فان برغل" عام 1830 بحفر بعض قبور شحات تحصل منها على مجموعة من الأواني الفخارية المزخرفة تعرض الآن في متحفي "ليدن" و"امستردام"، كما يعرض متحف اللوفر نقش مرسوم للأمبراطور البيزنطي اناستاسيوس، نقش هذا المرسوم في طلميثة على ثلاث كتل من الحجر الرملي، كانت مثبتة على واجهة الحصن الذي يمثل المركز الإداري للدوق.


واستعرض المحاضر أبرز عمليات النهب والتهجير للآثار الليبية، على يد الرحالة والمستكشفين، والدور السلبي للقناصل الأوربيين في نهب ماعثروا عليه أثناء تنقيبهم، وماأسفرت عنه المعاهدات بين ولاة طرابلس، والحكومات الأجنبية، لأجل التقارب السياسي، من سرقة وتهريب الكثير من المنحوتات المهمة والعديد من الأواني الفخارية الرائعة وأعداد هائلة من قطع العملة، وتقديم الهدايا المشتملة على قطع ولقى أثرية، حيث أشار الهدارإلى قيام يوسف باشا بإهداء نحو 40 عموداً من مدينة لبدة للملك جورج الرابع لتزيين، منصة "فرجينا وتر" بقصر "وندسور"، بالإضافة إلى مغامرات القنصل الإنجليزي في طرابلس العقيد "وارنجتون"، وسرقته لما تم الكشف عنه في مقبرة داخل بيته بضاحية المنشية، ونقل محتوياتها في 30 صندوقاً إلى المتحف البريطاني، وعرض جزء منها بالمتحف الأسكتلندي، وإسهامه في نقل 40 عموداً نهبها القبطان "وليام سميث" من مدينة لبدة إلى مالطا، ومنها إلى بريطانيا، إلى جانب قيام القناصل الفرنسيين" بنقل 3 أعمدة من مدينة لبدة، سنة 1774 لتزيين كنيسة "روا" بفرنسا، بالإضافة إلى نقل 29 عمود أثري من مدينة لبدة أيضاً، على يد القنصل الفرنسي "كلود لومير" 1866 لتشييد قصر "فرساي"، كمابادر إليه الطبيب الإيطالي "باولو ديلا شيلا" بزيارة مدن أقليم المدن الخمسة، شرق البلاد، مقدماً خلالها الكثير من المعلومات الأثرية ما اجتذب الكثير من الرحالة لزيارتها، ونهب ثرواتها والعبث بآثارها، كما ساهمت رحلة الأخوان "بيشي" عام 1822 ورحلة "جان ريمون باشو" عام 1825 - 1824 إلى التأكيد على غنى المنطقة بالآثار، وتقاطر الرحالة والمستكشفين عليها.
وأوضح الهدار أن القنصل الإنجليزي "وارنجنتون" لعب دوراً بارزاً في تهريب عدد كبير من القطع الأثرية، لاسيما بعد تنظيمه رحلتين الأولى في عام 1826 والثانية في عام 1827 من أجل جلب المنحوتات التي جمعها الأخوان "بيشي" من شحات، من بينها مجموعة متنوعة من الآثار ليست التي جمعها الإخوان "بيشي"فقط، بل تعدى ذلك أي نهب مجموعة من التماثيل الرخامية وشاهد قبر وإناء فخاري مزخرف، وقد وضعت تلك اللقى في خمسة صناديق أرسلت إلى اسكتلندا، ومازالت تعرض في المتحف الملكي باستكلندا.


وشدد المحاضر على دور ضابطي السلاح البحري الملكي البريطاني "سميث" ومساعده الملازم "بورشير"، اللذين قاما بتقديم أكبر كمية من القطع الأثرية، والمنحوتات إلى المتحف البريطاني دفعة واحدة، في رحلة إلى مدينة شحات عام 1861 قام بتمويلها "وارنجتون"، وأسفرت عن العثور على كمية كبيرة من المنحوتات بلغت 148 منحوتا، وعشرة نقوش من أهمها تمثالا للمؤله "باخوس" وآخر للمؤله "ابوللو" حامل القيثارة، وعدة تماثيل لأفروديت، ومجموعة من تماثيل الأباطرة الرومان، وأخرى شخصية، من أهمها رأس من البرونز ذو ملامح ليبية أو أفريقية يرجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد، ونحو 41 لقية، نقلت تلك المجموعة إلى بريطانيا على دفعتين، نظراً لكثرتها، ولاتزال تزدان ببعضها أروقة المتحف البريطاني، والبعض الآخر يقبع في مخازن ذلك المتحف.
وأشار الهدار إلى انتشار ظاهرة بيع الآثار مع بدايات القرن العشرين، مستشهداً بشراء الأثري "ريتشارد نورتون" تمثالاً رخامياً من أحد المواطنين بمدينة بنغازي، وغيرها من القص المماثلة.
واختتم الهدار محاضرته بالكشف عن قائمة ال 50 متحفاً التي تعرض ضمن مقتنياتها قطعاً أثرية ليبية، من أبرزها متحف اسطنبول الذي يعرض نقوشاً من مدينة قرزة، وتمثالاً "أثينا نيوبيد"، وشاهد قبر من مدينة لبدة، وتمثال من شحات، بالإضافة إلى مايعرضه المتحف البريطاني ضمن أجنحته من المنحوتات الرائعة والأواني الفخارية المزخرفة وقطع العملة المنهوبة من ليبيا، من أبرزها تمثال الفتاة "قورينا" وهي تصارع أسداً، ورأس تمثال من البرونز ذي ملامح ليبية أو أفريقية يرجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد، و عثر عليه بمعبد ابوللو بمدينة شحات الأثرية، ووصل إلى المتحف البريطاني عام 1861 ويبدو أن هذا الرأس كان جزءاً من تمثال كامل من البرونز، لم يبقَ منه إلا الرأس و الرقبة بارتفاع 35 سم.

ويضم متحفا "كوبنهاجن" ومدريد، مجموعات عملة، وتماثيل "تيركوتا"، من كنوز الحضارات الليبية، كما يحوي متحف الفاتيكان نحو 600 قطعة أثرية لماقبل التاريخ نقلت أثناء الحرب العالمية الثانية إلى روما، إلى جانب إناء لحفظ رماد الموتى معروض بمتحف فيينا، ويعرض متحف أونتاريو بكندا كوب كورنثي عثر عليه في الفترة من 1965 – 1963 بحرم معبد "ديمترا" بمدينة توكرا، كما يوجد بمتحف المعهد الشرقي بشيكاغو عدد من القطع الأثرية من مدينة طلميثة، بالإضافة إلى مايعرضه المتحف الملكي باستكلندا من مجموعة من التماثيل الرخامية والأواني الفخارية، وبعض القطع الأثرية المختلفة في متاحف فرنسا، تشمل، اللوفر، وسيفر، والمكتبة الوطنية بباريس، التي تعرض مجموعة كبيرة من المنحوتات والأواني الفخارية وكمية هائلة من التميثيلات الطينية وغيرها، فضلاً عن مجموعة من الأواني الفخارية والتميثيلات الطينية في متحفي ليدن وامستردام بهولندا، وتعرض متاحف مالطا، واليونان، وكريت، عدد من التماثيل الجنائزية المكتشفة بمدينة شحات الأثرية، وفي متحف بوسطن بالولايات المتحدة توجد قنينة زجاجية، وعملات أغريقية عثر عليها في مدينة قورينا، كما يعرض متحف "سوانسي" ببريطانيا مجموعة الأثري "ريتشارد نورتون" الذي قام بالتنقيب في ليبيا سنة 1911 ويضم متحف ولاية "بنسلفانيا" الأمريكية تمثال من مدينة شحات يمثل المؤلهة "منيرفا نايكي"، وغير بعيد ينتصب بمتحف جامعة "بنسلفانيا" تمثال "فينوس" الرائع، يصور آلهة الحب في مشهد نادر، وهي تعصر جدائل شعرها، وعلى قائمة المتاحف يبرز متحف مانشستر بماتضمه أجنحته من آثار ليبية، ومايلفت الانتباه أن 25 كأس "بانيثيني"، من بين ال 30 من الكؤوس "البانثينية" يبلغ ارتفاعها نحو 60 سنتيمتر، وكانت تمنح للفائزين بالألعاب البانثينية، عثر عليها في ليبيا، تتوزع على 8 متاحف عالمية من بينها "سيفر" بباريس، وبرلين بألمانيا، ونيويورك، وديترويت، وبروكسل، والأسكندرية، واللوفر، ولاتمتلك منها ليبيا سوى خمسة كؤوس قطع فقط.

وخلص الباحث إلى ضرورة تنشيط البحث عن الوثائق والمعاهدات التاريخية، التي توثق لأهم عمليات تهريب الآثار الليبية، وتعزيز برامج التوعية والتثقيف بأهمية الآثار بين المواطنين، بالإضافة إلى إنشاء مكاتب تابعة للشؤون الخارجية تختص باسترجاع الممتلكات الثقافية المسروقة من ليبيا، وإقامة متحف كبير لصور ونماذج لها، واستثمار تلك الآثار للدعاية والترويج السياحي لليبيا، وتفعيل الوسائل المختلفة لاستعادة واسترجاع القطع الأثرية الليبية، سواء عن طريق التدخل السياسي أو التفاوض، أو العمل على تنظيم حملات بالتعاون مع البعثات الأثرية العاملة في ليبيا، للضغط على المتاحف، والبحث في كيفية وصول القطع إلى المتاحف، وكما يقال رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.. وليبيا سباقة بخطوات في تمهيد الطريق لاستعادة عدد من القطع الأثرية من ايطاليا وفرنسا خلال العقدين الأخيرين.

خارج النص .. اتفاقية استرجاع الممتلكات الثقافية
تجبر اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الدول الموقعة عليها باتخاذ كافة الإجراءات لمنع متاحفها من الحصول على قطع أثرية وفنية بطرق غير مشروعة، كما تجبر في نفس الوقت الدول الموقعة على الاتفاقية على إعادتها إلى بلادها الاصلية، ولا تطبق نصوص الاتفاقية إلا على عمليات تهريب وسرقة الآثار والقطع الفنية التى جرت بعد عام 1970 أما القطع المهربة قبل ذلك التاريخ فإنها خارج اطار قوة هذه الاتفاقية.. ويرى عدد من المتخصصين أنه وفى حال عدم وجود قوانين تعطى الحق للدول باستعادة آثارها وقطعها الفنية التى هربت بشكل غير شرعى فإن الإرادة السياسية تلعب دورا مهماً، في استعادة الممتلكات الثقافية، وقد نجحت ليبيا بفضلها في استعادة تمثالي فينوس لبدة 1999 وفينوس شحات 2008 .

الاثنين، 22 فبراير 2010

الاثرون في العصر البيزنطي


الاثرون (البلدة الحمراء) في العصر البيزنطي


عندما يسير المرء عبرالطريق الساحلي الرابط بين سوسة و درنة فانه يترك الجبل الاخضر على يمينه و البحر على يساره تلفت انتباهه بعض القرى و المناطق الخلابة الجميلة حيث الجبل يعانق البحر ويجعله ينكسر مرتدا الى الخلف ناحتا باصابعه وجه ذلك الجبل ، هذه رأس الهلال بمناظرها الخلابة ، التي عرفت قديما باسم ناوستاثموس، و بعد مغادرتها وعلى مسافة تتراوح ما بين 9 - 10 كم ، يصادف المسافر قرية الاثرون ، التي تحوي بعض المعالم الاثرية قرب شاطئ البحر ، الرابضة على مسافة حوالي 350 مترا من الطريق الرئيسي.

ان هذه التسمية التي عرفت بها هذه القرية هي تحريفا للتسمية القديمة إريثرون (Erythron) التي ذكرها كتاب مسافات البحر الكبير لمؤلف مجهول في القرن الاول ق.م. وذكرها الجغرافي بطليموس في القرن الاول الميلادي ، وتعني التسمية اللون الاحمر لان المنطقة اشتهرت بلونها الاحمر من حيث لون طينتها و لون صخورها الى حد ما ، وقد اشتهر هذا الموقع الاثري في العصر البيزنطي فقد ذكرت اريثرون في بعض رسائل الاسقف سينسيوس (370-413م) حيث اشار في الرسالة رقم 53 الى بعض اساقفتها مثل اوريون (365-366م) والاسقف بول الذي كان معاصرا للفترة التي اصبح فيها سينسيوس مطرانا على الاقليم ، وقد سبق بول الاسقف ساباتيوس الذي مات في 401 م، اضافة الى ذكرها في رسائل ثيوفيلوس بطريرك الاسكندرية ، وهذا يؤكد انها كانت مركز اسقفية في القرن الرابع الميلادي ، وازدادت مكانتها الدينية في القرن الخامس بحضور بعض اساقفتها المجامع المسكونية مثل جالينكوس في مجمع افيسوس عام 449 م و يحتمل ان الاسقف دراكونتيوس الذي حضر مجمع خالقدونيا المنعقد عام 451 م ينسب الى اريثرون ، ولعلها ازدهرت بعد ان اصبحت ابوللونيا (سوزوسا = سوسة حاليا) عاصمة للاقليم في منتصف القرن الخامس الميلادي بسبب قربها المكاني من تلك العاصمة ، وربما رفعت الى مصاف المدن (polis) اسوة بقصر ليبيا التي عرفت بهذه الصفة. ومن المؤكد ان لهذا الموقع اهمية زراعية بسبب خصوبة وادي الاثرون ،وقد اشاد سينسيوس بالمياه العذبة بالاثرون حيث توقف بها هذا الاسقف في طريقه الى الاسكندرية منطلقا من ميناء فيكوس (رأس الحمامة) بعد ان قطع ما يقرب 60 كم بحرا ، حيث توقفت به السفينة التي تقله للتزود بالماء(رسالة رقم 53 تؤرخ قبل عام 398م) ، ويرجح البعض ان الميناء المشار اليه يعد جزء من خليج رأس الهلال لان لاثرون الحالية لا يوجد بها اي مرفأ ، وان المياه العذبة تتطابق مع عين تريتش قرب رأس الهلال ، واذا كان هذا صحيحا ، فان الاتساع المكاني للاثرون يشمل اجزاء من منطقة رأس الهلال ، وان هذا الامتداد لا يتفق مع الموقع الحالي للاثرون بل يتعداه شرقا وغربا ، وهذا يتفق مع ما يذكره سينسيوس عن اريثرون. كما يبدو ان للموقع مكانة دينية جعلت البيزنطيين يهتموا به ويشيّدوا به كنيستان في اوائل القرن السادس الميلادي ، وكان مقصدا للحجيج آنذاك.

وعلى الرغم من ان الاخوين بيتشي اول من زارا هذا الموقع الاثري عام 1821-1822 ولفتا الانتباه الى انه يقابل إريثرون عند بطليموس ، وهذا حال الرحالة باشو عام 1824 الذي توصل الى النتيجة نفسها ، الا ان جودتشايلد يعد اول من لفت الانتباه الى بقايا احدى الكنيستين (الشرقية) عام 1951 ، وهي التي كشف عنها الامريكي والتر ويدرنج (Widring) ما بين 1960-1962 واثناء تلك الحفريات كشف عن الكنيسة الاخرى (الغربية) ، وفي عام 1964 قام مراقبة الاثار بشحات باعمال ترميم لجدران الكنيسة الغربية ، كما اجريت على الكنيستين عدة دراسات من ويدرنج وجودتشايلد وورد بيركنز والاخيرين نشرت الاساتذة رينولدز عملهما عن الاثرون عام 2003 ، كما قامت البعثة الاثرية الفرنسية (2001-2003) باعمال ترميم وحفريات بالكنيسة الغربية نشر عنها البرفسور لاروند وميشيل دراسة قيمة عام 2004 ، وما زالت الاعمال مستمرة في الاثرون حيث انتقل الاهتمام الى الكنيسة الشرقية التي بدأ العمل بترميمها .

ومن اهم معالم الاثرون الاثرية كنيستان يبعدان عن بعضهما مسافة 200 مترا سميت احداهما بالكنيسة الشرقية والاخرى بالغربية وفقا لموقعهما ، وقد بنيا في منطقة مرتفعة عن سطح البحر ، ويجاورهما جبانة تكونت من مجموعة من مقابر في شكل حجرات منحوتة في الصخر تفتح على البحر، اضافة الى وجود معصرة زيتون وبعض البقايا الاثرية. وسيتم التطرق في هذه المقالة الى الكنيستين وستكون البداية بالكنيسة الغربية لانها بفضل الترميمات التي اجريت عليها اصبحت حالتها افضل من الكنيسة الشرقية.

الكنيسة الغربية :

عند النظر الى مخطط هذه الكنيسة يلاحظ انه مستطيل الشكل يمتد ضلعها الطويل من الشرق الى الغرب بمسافة 26 مترا ، ويمتد الضلع القصير من الشمال الى الجنوب بمسافة حوالي 15.65 مترا ، و يتم الدخول اليها من مدخل يتوسط الجانب الشرقي للكنيسة حيث يصادف الداخل قاعة مستطيلة تعرف اصطلاحا باسم (نارثيكس) تمتد بعرض الكنيسة وقد قسمت الى ثلاثة اجزاء بواسطة عقدين تحملها اربع دعامات ، وقد بقى من جدرانها سبعة صفوف حجرية اضيف اليها صفوف اخرى بعد الترميم ، وعن طريق هذه القاعة يتم الدخول الى اجزاء الكنيسة الرئيسة حيث توجد بها ثلاثة مداخل احداهما رئيسي مدعم بعوارض رخامية يؤدي الى الصحن بعد استعمال درجين ، اضافة الى مدخلين صغيرين يؤديان الى الجناحين ، ومن حيث مخططها الداخلي فهو لا يختلف عن سائر كنائس الاقليم اي الطراز البازيلكي الثلاثي الاجنحة حيث ان الكنيسة قسمت الى صحن مركزي (11 × 7.30 مترا) ـ اكبر اجزاء الكنيسة ـ يمتد من الشرق الى الغرب يحيط به جناحان من الشمال الى الجنوب (12.77 ×2.36 مترا)، وقد جاء هذا التقسيم الثلاثي عن طريق صفان من الاعمدة الرخامية يتكون كل صف من خمسة اعمدة التي رفعت على قاعدة حجرية من الحجر الجيري تمتد من الشرق الى الغرب ادت الى فصل الصحن عن الجناحين بارتفاع 63 سم ، يتوج هذه الاعمدة تيجان كورنثية من الطراز الثيوديسي (نسبة الى عصر الامبراطور ثيوديسيوس الثاني 408-450م ) والتي تميزت بأن زخرفتها تمثلت في صفين من اوراق الاكانثوس وزخرفة الوريدة ، يعلو تلك التيجان كتل حجرية مشطوفة الجانبين (او ما يشبه التيجان الايونية)، كل منها يحمل زخرفة صليب ، وبدورها تحمل الاجزاء التي يستند عليها السقف الخشبي . كما يلاحظ ان المسافة الفاصلة بين الاعمدة قد اقفلت بلوحات رخامية يزيد ارتفاعها عن متر زخرفت واجهتها بزخرفة هندسية تمثلت في مستطيلات متداخلة تحصر مُعينات متداخلة ينتهي بعضها بورقة نباتية ، وتحصر المعينات في مركزها صليب لاتيني ، كما زخرفت واجهتها الاخرى بمستطيلات متداخلة يتوسطها طغراء مستديرة تحصر في مركزها زخرفة نباتية ، ويخرج من الطغراء من الاسفل غصنان ينتهيان بورقة لبلاب تلتصق بقاعدة كلا الصليبين اللذين يحيطان بالطغراء.

كما يلاحظ انه في الناحية الغربية من الصحن توجد مساحة فصلت عن بقية الصحن و الحنية ، وهي الهيكل الذي يعرف اصطلاحا باسم (البيما ) ، والهيكل مساحة مربعة الشكل تتوسطها مائدة القرابين الرخامية ، كما يوجد هناك منبر صغير ، وقد حصرت هذه المساحة بواسطة دعامات رخامية مستطيلة مزخرفة الجوانب و ينتهي بعضها من الاعلى بنصف كرة رخامية ، وهي تحصر ما بينها لوحات رخامية لغلق الهيكل من ثلاث جهات زخرفت بزخارف مشابهة للوحات التي تفصل الصحن عن الجناحين ، الا ان بعضها زخرف بزخرفة المعينات المتداخلة وعلى الجانب الاخر زخرفة صليب . يمكن الدخول الى الهيكل عن طريق الحنية ، وعن طريق ممشى يطل على الصحن وهو محصور بدعامات ولوحات مثل بقية الهيكل الا ان دعاماته يعلوها عمود صغير. ويوجد خلف الهيكل حنية في الجدار الغربي في شكل ثلاث ارباع الدائرة بنيت من الحجر الجيري وغير بارزة عن جدار الكنيسة ، يزينها عمودان من الطراز الكورنثي على جانبيها ربما كانت تحمل قوس او ما يعرف بقوس النصر. يحيط بالحنية حجرتان صغيرتان يتقدم كل منهما حجرة امامية صغيرة تفتح على الرواق ،اهم هاتين الحجرتين الحجرة الشمالية التي يبدو انها استخدمت ضريحا حيث كشف بها عن قبر(تابوت) مستطيل على شكل صندوق ذخائر ربما وضعت به مخلفات احد الشهداء او الاساقفة ، وهي بهذا تشبه الكنيسة المركزية في سوسة وكنيسة رأس الهلال.يضاف الى ذلك وجود عدة قبور داخل الكنيسة حفرت اسفل الارضية حيث كشف المنقبين عن قبرين في الجناح الشمالي و قبرين في الجناح الجنوبي و قبر في القاعة الامامية (نارثيكس) ، وفي القبر الاخير عثر على مجموع كبيرة من العظام ترجع الى سبعة بالغين و طفلين ، كما احتوى قبر من قبري الجناح الجنوبي على اماكن تجميع عظام في شكل تابوت صغير مزود بغطاء ، ويبدو ان المقابر الاخرى قد انتهكت قديما ثم اعيد غلقها بعناية. كما تجدر الاشارة الى الاهتمام بتبليط الصحن بلوحات من رخام رمادي مزّرق ، وقد استغل الجزء السفلي من الصحن صهريجا لتجميع المياه واستغلالها في شؤون الكنيسة ، كما عثر على صهريج آخر في الجزء الشمالي من القاعة الامامية يؤدي في المهمة ذاتها . وقد دعم الجدار الشمالي للكنيسة بجدار آخر يبدو انه ليس لغرض دفاعي انما لتدعيم الجدار بسبب الرياح البحرية المحملة بالرطوبة والتي اثرت في متانة الجدار مما استلزم ترميمه. ويرجح ان هذه الكنيسة الجنائزية قد هجرت اولا حيث نقلت رفات الاساقفة التي كانت في الحجرة الشمالية الى حجرة تعميد الكنيسة الشرقية.

الكنيسة الشرقية:

سبقت الاشارة الى انها تقع الى الشرق من الكنيسة الغربية بمسافة 200 مترا ، وانها اقل حفظا منها ، الا انها اكبر حجما من الكنيسة الغربية حيث ان ابعادها 32 × 21.5 مترا ، ومخططها على غرار الكنيسة السابقة اي الطراز البازيليكي الثلاثي الاجنحة الا ان حنيتها تتجه نحو الشرق، وهي اقدم من حيث تاريخ البناء بحوالي 15 عاما على الارجح ، ويمكن ان توصف هذه الكنيسة بشيء من التفصيل من خلال مخططها الافقي و بعض بقاياها المتناثرة داخل الكنيسة وخارجها على النحو الاتي :

للكنيسة مدخل وحيد في الزاوية الشمالية الغربية يقود مباشرة الى القاعة الامامية (النارثيكس) ويبدو انه بديل عن المدخل الاصلي الذي كان يتوسط الجدار الغربي واغلق في مرحلة متأخرة ، و قد قسمت القاعة الى ثلاثة اقسام بواسطة عقود تمتد افقيا ، وتوجد ثلاثة مداخل مزينة جوانبها بالرخام في الناحية الشرقية من القاعة تؤدي بدورها الى الصحن والجناحين الجانبيين (الاوسط بعرض 2.5 مترا و الجانبيين بعرض مترين). المدخل الاوسط يؤدي الى الصحن الذي يعد اكبر اجزاء الكنيسة (21 × 9.5 مترا) والمبلط بلوحات رخامية كبيرة الحجم ، وقد فصل على الجناحين بصفين من الاعمدة الرخامية التي تحمل تيجان كورنثية يعلوها تيجان ايونية التي يفترض انها كانت تحمل الاقواس التي يستند عليها السقف. كل صف يتكون من خمسة اعمدة كان يوجد بينها شاشات رخامية لسد المسافات بين الاعمدة التي تسهم في فصل الصحن عن الجناحين. وقد بلطا الاخيران بلوحات حجرية من الحجر الرملي نفذت بطريقة زخرفية جعلتها تظهر في شكل جمالي بزخارف هندسية رائعة. اما الهيكل فيوجد في النهاية الشرقية للصحن متقدما عن الحنية ، يأخذ الشكل المستطيل (4 × 7.80 مترا) ومحاط بجدران تفصله عن الصحن الا انه مفتوح عن الحنية ويتوسطه مذبح رخامي مرفوع على قاعدة رخامية . وتقع الحنية النصف دائرية في الجدار الشرقية باتساع 2.5 مترا اضيق من عرض الصحن ، ويوجد بها بقايا مدرج (synthronon) ربما توجد علامات تؤكد مكان عرش الاسقف. يحيط بالحنية حجرتان جانبيتان يتقدم كل منهما حجرة صغيرة تفتح على الجناح وهي بهذا تشبه الكنيسة الغربية ، واذا كانت الحجرة الشمالية الشرقية لا تشكل اي اهمية معمارية ومتواضعة فان الحجرة الاخرى اي الجنوبية الشرقية فهي اكثر زخرفة حيث جدرانها كانت مملطة وقد استخدمت حجرة تعميد حيث يوجد في منتصف ارضيتها حوض تعميد صليبي الشكل استغل مدفنا حيث نقلت اليه عظام الحجرة الشمالية بالكنيسة الغربية بعد هجرها ، وقد بلطت ارضية هذه الحجرة بلوحات حجرية على خلاف الحجرة الاخرى التي تركت بدون تبليط وكان بالحجرة الاخيرة مدخلا اقفل فيما بعد يؤدي اليها من خارج الكنيسة في جدارها الشرقي.

ويرجح انها كانت تمثل كاتدرائية الاثرون اي انها كانت مقرا لاسقف هذه القرية. ويلاحظ ان جميع اعمدتها و بقية زخارفها الرخامية منتشرة على سطح الكنيسة وخارجها ، وقد بدأت البعثة الاثرية الفرنسية في ليبيا ترميمها هذا العام وخلال سنوات قادمة يمكن ان تكون في حالة افضل وتظهر نتائج جديدة تسهم في اعادة تركيب سجلها التاريخي.

تعليق على رخام الكنيستين:

من اللافت للانتباه في هاتين الكنيستين كثرة استعمال الرخام فيهما وهذا قد لايتناسب مع كون الكنيستين تقعان في قرية صغيرة ، ومن الصعب ايجاد تفسير منطقي للبذخ في تشييدهما لاسيما الكنيسة الغربية الا اذا اخذ في الاعتبار انها كانت كنيسة مقدسة يحج اليها مسيحي المنطقة ، وربما انفق عليها بعض الاغنياء و المانحين الذين يملكون اقطاعات زراعية لعبت دورا مهما في اقتصاد الاقليم ، كما انه لا يمنع افتراض ان الدولة هي التي صرفت لبناء الكنيستين. وهذا الاقتراح كان معتمدا في الاساس على ان استعمال رخام محاجر جزيرة بروكونيسوس الذي تنسب اليه اعمدة الكنيستين كان احتكارا امبراطوريا الى ان تأكد مؤخرا ان رخامها كان يتاجر فيه ايضا من قبل التجار ويمكن تصديره بدون اذن القسطنطينية .

ومن خلال الشكل العام للاعمدة الرخامية وبقية التجهيزات الاخرى يتضح ان بناء هذين الكنيستين كان مشروعا قد خطط له واستوردت مواد بنائه لاسيما الرخام من الخارج ، فالاعمدة منسجمة مع بعضها من حيث حجمها و طرازها و اصلها مما يوحي انها ليست مأخوذة من مبان سابقة مثل عادة البيزنطيين في اعادة استعمال المباني السابقة (spolia) بل استوردت جاهزة من مصدرها الاصلي ثم ادخلت عليها تعديلات في حجمها مثلا عند بناء الكنيسة .

وقد سبقت الاشارة الى ان الاعمدة مصدرها جزيرة بروكونيسوس والواقع ان هذا صحيح الى ابعد حد بعد ان تأكد ذلك من خلال الدراسة العلمية الدقيقة للرخام ، وكان من الطبيعي ان يتجه رأي الاثريين الذين درسوا الكنيستين الى ان رخامهما من بروكونيسوس وذلك بفحص تلك الاعمدة بالعين المجردة حيث ان ذلك الرخام يعرف من خلال لونه المميز وبعض مواصفاته الاخرى ، وهذا ما دعا وورد بيركنز الذي اهتم بدراسة مصدر الرخام في الاقليم للاشارة الى ان المصدر الرئيسي لرخام ليبيا في العصر البيزنطي كان محاجر جزيرة بروكونيسوس ، لكنه اضاف انه في حالة رخام الاثرون يبدو ان بعضه قد جلب من جزيرة ثاسوس . و تأكدت هذه النتائج من خلال الدراسة المعملية التي قام بها ثلاثة من الباحثين الايطاليين عام 2005 على 27 عينة اخذت من اماكن مختلفة من رخام الكنيستين فحصت عن طريق تحليل الاشعاع النظائري ، ومنظار التحليل الطيفي و البيتروغرافي اضافة الى استعمال الرنين الالكتروني المتوازي المغناطيسية(EPR) ، وقد اتضحت عناصر مكونات الرخام ومميزاته الدقيقة ، وللوصول الى مصدر الرخام قورنت نتائج التحليل بعدد 1346 عينة من 19 موقع اثري مختلف ، وقد بين ان غالبية رخام الاثرون (59%) مصدره محاجر بروكونيسوس ، والبقية (30%) اتت من رخام ثاسوس ، اضافة الى ثلاث عينات من باروس و مليتوس وافيون و العينات الاخيرة يبدو انها مأخوذة من مباني سابقة، ومما يلفت الانتباه ان رخام الاعمدة بقواعدها وتيجانها قد استورد من بروكونيسوس بينما رخام الالواح التي تغلق المسافات بين الاعمدة جلب من محاجر ثاسوس ، وهذا يعني ان الرخام المستعمل في كنيستي لاثرون لم يكن بالمصادفة انما اختير مصدرها عن قصد بحيث ان نوعية رخامها مناسب لوظيفته في الكنيسة ، كما انه قد يكون اقل تكلفة ، وهذا يفسر استعمال نوعين من الرخام وفي مكانين مختلفين في بناء الكنيستين.

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

كنز من العملة الرومانية في مدينة طلميثة الاثرية


على الرغم من ان الانسان لم يعرف سك العملة المعدنية والتعامل بها الا في القرن السابع ق.م. تقريبا ، الا ان تلك القطع المعدنية المعلومة الوزن و المختلفة قيمتها باختلاف معدنها ، والتي اصبحت تحمل صورا ورموزا وكتابات رسمية تعكس نواح سياسية واقتصادية ودينية و فنية و غيرها ، تلك العملة اصبح لها دور كبير وفعال في علم الاثار ، حيث يعول عليها الاثريون كثيرا في تاريخ الطبقات الاثرية وتاريخ اللقى الاخرى التي توجد في ذات الطبقة من فخار و منحوتات وغيرها ، ولعل العملة الرومانية الامبراطورية من ابرز العملات القديمة التي لها اهمية كبيرة بما تحويه من رسومات متنوعة وصور شخصية للاباطرة و بعض افراد اسرهم ، ، كما ان حرص الاباطرة على ان تحمل العملة كتابات تتعلق بالقابهم الرسمية ومناصبهم و تاريخ توليهم لها ، كلها ساعدت في تحديد تاريخ اصدارتهم النقدية بكل دقة ، ومن ثم اصبحت العملات الرومانية يعول عليها من حيث تأريخ المكتشفات الاثرية المصاحبة لها . و لا يعول الاثري على القطعة الواحدة او القطعتين التي توجد في الطبقة الاثرية لانه يخشى الا تكون في مكانها الاصلي لان العملة سهل تحريكها ونقلها من مكان الى آخر ، لهذا فانه يتعامل معها بحرص لكي يعتمدها معيارا للتأريخ . كما يمكن ان يعثر على العملات باعداد كبيرة مع بعضها قد تكون داخل جرة او محفوظة في شيء ما ، وهذه العملات مجتمعة يطلق عليها عادة اسم كنز لانه عادة وضعت مع بعضها لغرض اكتنازها بحيث يطمرها صاحبها لكي يرجع اليها او يستردها فيما بعد واحيانا وفي قليل من المرات يصعب على صاحبها استردادها بسبب موته او نسيانه لمكانها لذا يظل الكنز في مكانه الى ان تأتي معاول الاثريين او تلعب المصادفة الدور في اكتشافها بعد ان مر عليها فترة طويلة بالزمن ، وهي بهذا تصبح دليل تاريخي للمكان الذي وجدت به ويمكن الوثوق في التاريخ الذي يستنتج من خلال تاريخ احدث عملة اضيفت الى الكنز اذا كان الكنز يتكون من عملات ترجع الى فترات تاريخية مختلفة ، اما اذا كانت متجانسة فان تاريخها يعد تاريخ تخزينها او اخفائها في باطن الارض ، ومن ثم تصبح قرينة تاريخية تساعد في تأريخ المخلفات الاثرية التي تعلوها وهي تعد احدث منها زمنيا ، اما المخلفات التي اسفل منها فهي تعد اقدم منها.


وبعد هذه التوطئة لاهمية العملات و لاسيما التي تكون في شكل كنز ، نأتي للحديث عن اهم الكنوز التي اكتشفت في ليبيا ، ولعل من اهمها ذلك الكنز الذي عثر عليه في منطقة الدافنية بمصراته بتاريخ 17/2/1981م ، وقد تكون من 100000 قطعة عملة برونزية عثر عليها مخزنا في جرار كبيرة وصغيرة ، وهو يعد اكبر كنز من العملة يعثر عليه في العالم اذ يبلغ وزنه ستة اطنان ، ويؤرخ ما بين 294-333م ، وقد عرض جزء منه في متاحف السراي الحمراء بطرابلس و جزء آخر في متحف لبدة ، وجزء في متحف مصراته. كما ان هناك كنز من العملة البرونزية عثر عليه في البحر ما بين صبراته و زوارة في منطقة المنقوب عام 1923 و 1938 بلغ عددها 20000 قطعة ، يرجع تاريخ تلك العملة الى عهد الامبراطور ماكسميان (306-312 م) ، يعرض جزء منها في متحف صبراته الكلاسيكي ، وجزء آخر في مجمع متاحف السراي الحمراء. اما في الجزء الشرقي من ليبيا فقد عثر على مجموعة من كنوز العملة الرومانية منها الكنز المتكون من 243 قطعة برونزية عثر عليها الايطالي كاتاني يوم 14/10/1916م في منزل جنوب الاجورا في شحات (قوريني = كيريني قديما) ، و آخر عثر عليه جودتشايلد في شهر مايو 1956 في حفرياته في منزل متواضع قرب مسرح حرم اسكلبيوس بمدينة بلجرا القديمة (البيضاء حاليا) ، وهو يتكون من 259 قطعة عملة برونزية صغيرة تؤرخ ما بين 350 – 361 م ، وهناك كنز آخر عثر عليه مؤخرا في حفريات قسم الاثار بجامعة عمر المختار بمدينة بلجرا ايضا ، اضافة الى كنز عثر عليه داخل جرة عثر قرب البحر غرب مدينة بنغازي ، و اخيرا الكنز الذي عثر عليه في مدينة طلميثة الاثرية (بطوليمايس قديماً) .


و الكنز الاخير الذي عثرت عليه البعثة الاثرية البولندية اثناء حفرياتها في طلميثة عام 2006 في دارة ترجع الى القرن الثالث الميلادي وتحديدا في الناحية الجنوبية من الدارة حيث كشف عن جناح خدمي صناعي يتكون من عدة حجرات عثر في احداها على كنز من العملة الرومانية ، عددها 568 قطعة اغلبها من البرونز (553) باستثناء 15 قطعة من الفضة ، ويبدو ان الكنز كان مخزنا في كيس او جراب صُنع من مادة عضوية زادت في تحلل القطع و اثرت على حالتها حيث وجدت في حالة سيئة من الحفظ يعلوها الصدأ ، وكانت بعض العملات ملتصقة ببعضها ، وقد اجريت على ذلك الكنز صيانة و ازالة للصدأ الذي تجمع على معدن عملاته ، وقد امكن بعد ذلك معرفة ملامحها و تاريخها ، وقد عرض هذا الكنز في جامعة وارسو البولندية بتاريخ 18/12/2008م في شكل نماذج وقطع اصلية ، ونتنمى ان يعرض في فترة قريبة في ليبيا.


وتجرى حاليا دراسة دقيقة لتلك العملات من المؤكد انها سوف تقدم معلومات جديدة عن اقتصاد الاقليم و تطوره النقدي ، ونسبة تدفق النقد الامبراطوري على الاقليم ، اضافة الى نسبة الاصدارات المحلية ومميزاتها.


وقد نشر القائمين على دراسة ذلك الكنز بعض النتائج الاولية العامة نشرت في التقرير الاولي الذي اعد عن حفريات موسم 2006 و الذي متاحا في موقع البعثة على الشبكة العنكبوتية (www)، وقد امكن من خلالها التوصل الى الاتي: ان ذلك الكنز يتكون من قطع مختلفة زمنيا ترجع لعدد من الاباطرة الرومان ، فالقطع الفضية ترجع جميعها الى عهد الاسرة الانطونينية (138-192م) باستثناء واحدة ترجع الى عهد الامبراطور كاراكلا (211-217م). اما العملات البرونزية فقد سكت اغلبها في مدينة روما باستثناء قطعتين سكتا في مدينة قوريني احداهما ترجع الى الامبراطور تراجان (98-117م) و الاخرى ترجع الى عهد الامبراطور ماركوس اوريليوس (161-180م) و قد تميزت ان ظهرها قد حمل صورة لرأس المؤله زيوس امون ، اضافة الى صورة الامبراطور على وجه العملة.


من اقدم عملات الكنز تلك التي ترجع الى الامبراطورين تراجان وهادريان (98-138م)وكانت حالتها سيئة وملامحها غير واضحة ، يليها زمنيا مجموعة كبيرة من العملات التي ترجع الى عهد الاسرة الانطونينية اي الاباطرة انطونيوس بيوس (138-161م) و ماركوس اوريليوس(161-180م) وكومودوس(180-192م) ، وهناك مجموعة من العملات التي ترجع الى عهد الاسرة السيفيرية (211-235م) لا سيما تلك التي ترجع الى عهد الامبراطور سبتيموس سيفيروس (193-211م)، كما ظهرت مجموعة معتبرة من العملة التي ترجع الى الامبراطور الاسكندر سفيروس (222-235م) منها 12 قطعة تحمل صورة زوجته الامبراطورة جوليا مامايا. وهناك عدة قطع ترجع الى عهد الامبراطور بالبينوس (238م) واخرى للامبراطور ماكسيمنوس ثراكس (235-238م) و ابنه ماكسيموس، وهناك كمية كبيرة (اكثرمن 100 قطعة) من العملات ترجع الى عهد الامبراطور جورديان الثالث (238-244م) ، ومجموعة من العملة ترجع الى الامبراطور فيليب العربي (244-249م) وابنه فيليب الثاني ، وعملة ترجع الى الامبراطور تريبونانوس جالوس (251-253م)وعملات هذا الامبراطور احدث عملات هذا الكنز من الناحية الزمنية ، ومن ثم لا توجد عملات سكت بعد عام 251م تقريبا ضمن عملات كنز طلميثة ، وبمعنى آخر فان المجال الزمني لعملات ذلك الكنز يبدأ من نهاية القرن الاول وبداية القرن الثاني (عملات تراجان) وينتهي بمنتصف القرن الثالث الميلادي (عملة الامبراطورجالوس).


وبطبيعة الحال يطرح هذا الكنز عدة تساؤلات منها ما هي الظروف التي جعلت مالك الكنز يضعه في المكان الذي وجد به ؟ ولماذا لم يسترد هذا الكنز و ابقاه في مكانه ؟ وما هي الفترة الزمنية التي استغرقها تجميعه؟ من المؤكد ان التخمين والحدس يلعب الدور الاكبر في الاجابة على بعض تلك الاسئلة ، حيث يرجح ان صاحب الكنز له علاقة بالمكان الذي وجد به الكنز حيث كانت تمارس بعض الانشطة الاقتصادية والصناعية في الحجرات القريبة من مكان الكنز . ويبدو ان مالكه لم يستطع استرداده بعد كارثة حدثت منعته من الاستفادة منه وظل في مكانه ، واقرب حادثة قد يكون زلزال 262 م او زلزال او كارثة وقعت بعد عام 251 وهو تاريخ اخر قطعة عملة في الكنز. ويبدو ان صاحب الكنز كانت اكثر فترة نشاطه المالي في عصر الامبراطور جورديان الثالث(238-244م) لان الكنز احتوى على عدد كبير من العملات التي ترجع الى هذه الفترة.


وقد عد الدارسين لهذا الكنز انه اول دليل اثري ظهر في الاقليم يؤكد حدوث زلزال عام 262م او زلزال منتصف القرن الثالث الميلادي، قياسا على الكنز الذي عثر عليه في بلجرا (البيضاء) عام 1956 و الاخر الذي عثر عليه قرب الاجورا في قوريني عام 1916 و التي برهنت على حدوث زلزال عام 365 م وفقا لدراسة جودتشايلد التي نشرت عام 1966.


واذا كان زلزال عام 365 م مبرهن عليه من خلال المصادر الادبية مثل ما كتبه لبيانوس و مارسيلينوس و سان جيروم ، مدعما بادلة اثرية من خلال المباني التي دمرت في قوريني و طلميثة وتوكرة ، وادلة من النقوش حيث وضح نقش في مقبرة ديمتريا انها ماتت مع ابنها ثيودولوس في زلزال ، من المؤكد انه زلزال 365 وفقا لشكل حروف النقش. لكن زلزال عام 262 م لم توجد ادلة مادية تبرهن عليه اعني لم يستطع المنقبون العثور على ادلة مباشرة تؤكد ان هذا المبنى او ذاك قد تعرض للدمار نتيجة زلزال 262م او زلزال منتصف القرن الثالث الميلادي، وهناك بعض الترجبحات ليس الا . واذا كان هذا الكنز يبرهن على حدوث ذلك الزلزال فهل وجد المنقبون في طلميثة اية ادلة تؤكد حدوث تصدع في المبنى و انهيار جدرانه واعمدته جراء زلزال 262م او قبله ، واذا وجدوا هذا فان الكنز يعد دليلا اضافيا على حدوث ذلك الزلزال ، واذا لم يجدوا فان الكنز لوحده غير كاف دليل لحدوث الزلزال.








جولة في مدينة سوسة الاثرية


تقع هذه المدينة الاثرية الى الشرق من مدينة شحات الاثرية التي تبعد عنها حوالي 18 كم ، كما يمكن الوصول اليها عن طريق مدينة درنة و عبر الطريق الساحلي عبر رأس الهلال ، و هذه المدينة تتمتع بموقع سياحي جذاب من الناحية الطبيعية فهناك البحر و الجبال اضافة الى المدينة الاثرية .



اشتهرت هذه المدينة منذ نهاية القرن السابع ق.م انها ميناء لمدينة كيريني (قوريني-شحات) و سميت بهذا الاسم لانها لم تكن الا ميناء تابعا لمدينة كيريني تستغله للاتصال بالعالم الخارجي بسبب المقومات الطبيعية التي يملكها ذلك الميناء ، وقد ذكرت بهذا الاسم في الكتاب المنحول عن الجغرافي سكيلاكس في القرن الرابع ق.م.، ولقد استغل المغامر الاسبرطي ثيبرون هذا الميناء للاستيلاء على الاقليم (كيرينايكي- قورينائية) برفقة 7000 من المرتزقة الاغريق فقام باحتلاله عام 324 ق. م. و لم يستطع تحقيق اهدافه بعد سنتين من الصراع مع سكان الاقليم ومدنه ، وعندما قبض عليه في توكرة ارسل ليعدم في ميناء قوريني (سوسة) عام 322 ق.م. هذه الاحداث التي رواها المؤرخ ديودورس الصقلي تفصيلا ، وفي العصر البطلمي ازدهر هذا الميناء وتطور الى ان اصبح مدينة و لاسيما في عهد الملك ماجاس (300-250 ق.م.) وخلال هذا العصر ولد في هذه المدينة إراثوسثينيس (276-194 ق.م.)الفلكي الذي استطاع قياس محيط الارض ، وكان امينا لمكتبة الاسكندرية .



و قد انفصلت سوسة عن قوريني واصبحت مدينة مستقلة سميت باسم جديد هو ابوللونيا (نسبة للمؤله الاغريقي ابوللو) في اوائل القرن الاول ق.م حيث ذكرها نقش يرجع لعام 67 ق.م. بهذا الاسم كما ان سترابون ذكرها بذات التسمية ، ثم اصبحت في القرن الاول الميلادي احدى المدن الخمس (البينتابولس) وفقا لما يذكره بليني الاكبر، ومن ابرز الاحداث التي شهدتها هذه المدينة في العصر الروماني وصول القائد الروماني ماركوس توربو مع قواته للقضاء على الشغب الذي اثاره اليهود في الاقليم ما بين 115-117 م ، وعقب هذا يبدو ان الامبراطور هادريان قام ببعض الاصلاحات مما جعل سكان المدينة يصفونه في احد النقوش بالمؤسس ، كما انضمت سوسة الى الرابطة الهللينية (Panhellenion) التي اسسها هادريان عام 137م ، وقد تأكد استمرار سوسة في هذه الرابطة في عهد الامبراطور ماركوس اوريليوس ، ولم تزدهر هذه المدينة الا بعد ان اصبحت عاصمة للاقليم في منتصف القرن الخامس الميلادي (ما بين 431-450م) و استمرت عاصمة حتى الفتح الاسلامي عام 642 م ، وقد كانت تعرف خلال هذه الفترة باسم سوزوسا التي ربما تشير الى السيدة مريم العذراء عليها السلام ، ولكونها عاصمة الاقليم فقد صارت مقرا للحكام البيزنطيين الذين حكموا الاقليم و من بينهم دانييلوس الذي وجه اليه الامبراطور اناستاسيوس عام 501 م مرسوما لتنظيم احوال الاقليم العسكرية وجد جزء منه منقوشا على الرخام ، وكان آخر الحكام البيزنطيين المدعو ابوليانوس الذي هرب امام الزحف الاسلامي الى مدينة تاوخيرا (توكرة) عام 642 م. ومن الطبيعي ان تشهد المدينة حركة معمارية ضخمة بسبب كونها مركزا للاقليم ومقرا لحكامه لذا فقد كشفت المعاول الاثرية على عدة كنائس مزدانة بالرخام والفسيفساء يؤومها المسيحيين بالمدينة ، وهناك قصر للحاكم عرف باسم قصر الدوق ، وهناك احياء سكنية لاستقرار الاهالي و الوافدين على المدينة.



ويبدو ان المدينة لم تنتهِ بعد الفتح الاسلامي حيث استقر بها بعض المسلمين لفترة من الزمن حيث عثر على نقش عربي في صالة قرب الكنيسة الوسطى ، وعلى الرغم من هذا فانه لايعرف التاريخ التي هجرت فيه المدينة وبقائها خالية من السكان، وقد ادى هجرانها الى تدمير مبانيها بسبب تضافر العوامل الطبيعية والبشرية ادت الى اختفاء الكثير منها وصارت اطلالا عبر الزمن ، ونُسيت هذه المدينة العامرة من ذاكرة البشرية حقبة من الزمن الى ان زارها الرحالة وتعرفوا عليها واشاروا الى بعض بقاياها الاثرية ولعل اقدمهم الجراح الفرنسي جرانجيه عام 1734 ثم الطبيب الايطالي دي لا شيلا عام 1817 ، ثم الاخوان بيتشي عام 1822 وباشو عام 1824 ثم هاملتون عام 1852 وغيرهم ، وقد بدأ الايطاليون بالحفر في بعض بقاياها واهتموا باثار هذه المدينة منذ عام 1915 ، كما اهتم الفرنسي مونتي بالتنقيب بها ما بين 1953 -1956 ، اضافة الى مصلحة الاثار التي نقبت فيها برئاسة جودتشايلد ما بين 1959-1961 و بعد ذلك ، اضافة الى فريق من جامعة ميتشجان ما بين 1965-1967 تمخض عمله عن مجلد ضخم عن هذه المدينة ، واخيرا عاد الفرنسيون للتنقيب في سوسة من جديد باشراف شامو منذ 1976 ثم لاروند منذ عام 1981 ولا زالت تنقيباتهم مستمرة حتى الان.



و قد انتجت الاعمال السابقة الكشف عن الكثير من المعالم الاثرية ودراستها ، وهي تعبر عن تاريخ هذه المدينة وتطورها الحضري عبر العصور ومن اهم معالمها : اسوار المدينة و ابراجها التي بنيت في اواخر العصر الهلنيستي وتحديدا في العقود الاخيرة من القرن الثاني ق.م. و التي تمتد لمسافة 800 مترا بادئة من نهاية الاكروبولس شرقا لتنتهي ببرجين دائريين (1 ، 4) غربا و يدعمها 17 برجا مربعة الشكل (10.50 مترا) اضافة الى برج مستطيل قرب المسرح اي انها تحتوي على 20 برجا. هذه الاسوار التي تحصر داخلها جل معالم المدينة باستثناء المقابر الاغريقية والرومانية التي تقام عادة خارج الاسوار ، اهمها تلك الموجودة في الجبانة الغربية بعضها حجرات منحوتة في الصخر ، واخرى قبور فردية عثر في بعضها مؤخرا على كؤوس باناثينية كانت تمنح في اثينا للفائزين في المنافسات الرياضية التي تقام هناك ، التي قد تعكس النشاط الرياضي لسكان هذه المدينة ، كما يوجد ضريح بيزنطي يرجع للقرن السادس الميلادي ملتصقا بالسور الغربي ، كما كشف خارج الاسوار عن مبنى للمسابقات الرياضية (الاستاديوم) الذي يرجع الى القرن الثاني ق.م. يضاف الى ذلك المعبد الدوري المكرس على الارجح لافروديت والذي يرجع الى العصر الهلنيستي ، وهناك المسرح الاغريقي الروماني الذي نحتت جل مدرجاته الثلاثون في الصخر في الجزء الشرقي للمدينة خارج اسوارها ، هذا المسرح الذي بني في العصر الهلنيستي لكنه اتخذ شكله الحالي في عام 92 م حيث زيد في حجمه واجريت عليه الكثير من التعديلات. كما تجدر الاشارة الى الكنيسة التي بنيت خارج السور الجنوبي في القرن الخامس الميلادي وتعد من الكنائس الفريدة في معمارها وتخطيطها.



اما داخل اسوار المدينة فيصادف الزائر عدة معالم بارزة تمثلت في مبان دينية ومدنية تعكس الحياة العامة في تلك المدينة ، وقد تمثلت المباني الدينية في ثلاث كنائس اهمها الكنيسة الشرقية التي بنيت داخل مبنى الاجورا (الساحة العامة) في القرن الخامس ثم رممت في القرن السادس الميلادي بعد ان زينتها الارضيات الفسيفسائية واستخدم في بنائها اعمدة رخامية جلبت من المسرح الذي هجر في العصر البيزنطي ، وهي من طراز الكنائس البازيليكية ذات الاجنحة ، وهي بدورها تختلف عن الكنيستين الاخرتين التي تتجه حنية احداها ناحية الغرب بينما حنية الاخرى تتجه ناحية الشرق وهما يرجعان لعصر الامبراطور جستنيان (527-565م) وقد ازدانت ارضية الكنيستين بالفسيفساء و الرخام . وتعد كنائس سوسة اكثر كنائس الاقليم حفظا وزخرفة واستخداما للرخام.



ومن اهم المباني العامة الحمامات الرومانية المواجهة للبحر والتي بنيت على انقاض مبنى هلنيستي احتوى على حوض سباحة وساحة لممارسة التمارين الرياضية (الباليسترا) هذه العناصر التي ادخلت في مبنى الحمامات بعد اضافة حجرات الحمام البارد و الدافئ و الساخن وحجرات اخرى وقد حدث هذا ما بين 75-125 م ، واستمرت الحمامات في الاستخدام حتى دمرت في زلزال عام 365 م مما جعل ترميمها واجبا ليعاد استعمالها من جديد حتى بناء حمامات اخرى في مكان آخر في القرن السادس الميلادي ظلت مستعملة حتى القرن السابع وربما بعد ذلك .



ومن المباني السكنية والرسمية ما يسمى بقصر الدوق اي مقر حكام الاقليم الذين اتخذوا من سوسة مقرا لهم لادارة شؤون قورينائية (كيرينايكي) اي الجزء الشرقي من ليبيا ، والقصر ان جاز التعبير يتكون من 83 حجرة موزعة على ثلاثة اجنحة ، الجناح الغربي المخصص للاستقبالات والاعمال الرسمية ، والجناح الشرقي المخصص للسكن والحياة الخاصة للدوق (الحاكم العسكري) وحاشيته ، والجناح الجنوبي الذي يمثل الجناح الخدمي للقصر اذ يسكنه الخدم و الجنود الذين يسهرون على خدمة من يقطن بالقصر وحراستهم.وقد ضم هذا المبنى كنيسة صغيرة لاداء القسم القانوني عثر بداخلها على تاوبت رخامي ربما كان يحفظ رفات احد الاساقفة.وقد بني القصر في بداية القرن السادس الميلادي. وقبل ان يتم التنقيب عنه واكتشافه كان المكان يشغل مبنى ايطالي ظل فترة طويلة قبل ازالته للشروع في الكشف عن المبنى و حدث هذا ما بين 1959-1961.



، كما تتميز هذه المدينة بان بعض آثارها غارقة تحت البحر و لاسيما مينائها و مكوناته المتعددة ، ومنذ الثمانينات بدأت الحفريات الفرنسية تحت الماء للكشف عن الميناء و الاثار الغارقة حيث كشفت عن بقايا سفينة صغيرة في الحوض الشرقي للميناء كانت بطول 20 مترا ومن خلال تحليل بقايا الخشب الذي صنع منه المركب والذي كان من خشب الجوز يبدو ان المركب قد صنع محليا في ليبيا وكان يعمل ما بين موانئ الساحل الشرقي وربما اقلع حتى بلاد اليونان او بالاحرى كريت القريبة من الساحل الليبي وذلك قبل ان يغرق في ميناء سوسة في القرن الثاني ق.م. هذا الميناء الذي كان يمتد لمسافة كيلومتر و بعرض 200 مترا ويتكون من مينائين داخلي يقع في الناحية الغربية مستدير الشكل مدخله في الناحية الشمالية و يرتبط بالميناء الخارجي (الشرقي) بممر محمي ببرجين ، كما جهز الميناء بمنارة بنيت في مكان قصي من الناحية الشمالية ، اضافة الى منشآت تخص الميناء بنيت على الشاطئ .



هذه جولة سريعة بين معالم مدينة سوسة الاثرية وتاريخها القديم الذي يمكن ان يقرأ ايضا من خلال التجول بين معروضات متحفها الذي يضم معروضات تعبر عن تاريخ المدينة وحضارتها عبر التاريخ الذي لايزال في حاجة الى اكتمال حلقاتها من خلال مزيد من الدعم المادي لمواصلة الكشف عن معالم المدينة و آثارها ومن ثم معرفة المزيد عن تاريخها ودورها الحضاري في تاريخ ليبيا القديم.

الخميس، 18 يونيو 2009

قائمة دراسات البرفسور اندريه لاروند عن ليبيا (A.Laronde)

بمناسبة الاحتفال ببلوغ البرفسور اندريه لاروند سن السبعين

L'Hellénisme,d'une rive à l'autre de la Méditerranée,

Mélanges offerts à André Laronde à l'occasion de son 70ème anniversaire


صاحب المدونة مع البرفسور لاروند يوم الاحتفال

احتفلت جامعة السوربون (باريس 4) ببلوغ البرفسور لاروند سن السبعين باقامة ندوة على شرفه يوم السبت 16/10/2010 وقد شارك فيها عددا من المهتمين بالاثار الكلاسيكية والتاريخ القديم ، وقد تركزت الكثير من الاعمال المقدمة عن تاريخ وآثار ليبيا القديم ، وعن الاثار الرومانية في شمال افريقيا ، وبهذه المناسبة نقدم اهم دراسات البرفسور لاروند عن ليبيا للفائدة.

Bibliographie d’André Laronde sur Libye

هناك بعض الدراسات يمكنك الاطلاع عليها مباشرة وتحميلها ، تجد في نهايتها كلمة (lire)

Laronde, A.: Sur quelques grandes familles de Cyrène au IVe siècle av. J.C. - in: Actes du colloque d'histoire sociale 1970. (Besançon 1972) 63-74.

Laronde, A.: Histoire et archéologie en Cyrénaique. Perspectives nouvelles. - RA (1974) 190-192.

Laronde, A.: Néron, Apollon et Cyrène. - in: Mélanges offerts à Léopold Sédar Senghor. Langues, littérature, histoire anciennes. (Dakar 1977) 201-213, pl.

Laronde, A.; Dobias-Lalou, C.: Un nouveau fragment de la stèle des συλα de Cyrène. - REG 90 (1977) 1-14, Abb.

Laronde, A.: Première reconnaissance de la route grecque entre Cyrène et son port, Apollonia. - LibyaAnt 15-16 (1978-79)[1987] 187-198, Abb. Taf.

Laronde, A.: Variations du niveau de la mer sur les côtes de Cyrénaïque à l'époque historique. - DossAParis 50 (1981) 60-65, Abb.

Laronde, A.: Kainopolis de Cyrénaïque et la géographie historique. - CRAI (1983) 67-85, Abb.
Laronde, A.: Septime Sévère et Cyrène. - BAntFr (1983) 59-68, pl.

Laronde, A.: Apollonia de Cyrénaïque et son histoire. Neuf ans de recherches de la Mission archéologique française en Libye. - CRAI (1985) 93-115, Abb.

Laronde, A.: Aspects de l'exploitation de la chôra cyrénéenne. - in: Cyrenaica in antiquity. [Papers presented at the colloquium on society and economy in Cyrenaica, Cambridge March - April 1983.] (Oxford 1985) 183-191, Abb.

Laronde, A.: De Cyrène à Timgad. P. Flavius Pudens Pomponianus et sa famille. - AnnMacerata 18 (1985) 47-69, Abb. Taf.

Laronde, A.: Les ports de la Cyrénaïque. Ptolémais et Apollonia. - in: L'Africa romana. Atti del III Convegno di studio, Sassari 13-15 dicembre 1985. (Sassari 1986) 167-177, Abb. Taf.

Laronde, A.: Cyrène et la Libye hellénistique. "Libykai Historiai" de l'époque républicaine au principat d'Auguste. (Paris 1987) 524 S., Abb. Taf.

Laronde, A.: Isocrate et Cyrène. - QuadALibya 12 (1987) 33-39.

Laronde, A.: Prêtres d'Apollon à Cyrène au Ier siècle ap. J.C. - in: L'Africa romana. Atti del IV Convegno di studio, Sassari 12-14 dicembre 1986. (Sassari 1987) 469-484, Abb. Taf.

Laronde, A.: Recherches sous-marines dans le port d'Apollonia de Cyrénaïque. - BAntFr (1987) 322-330, pl.

Laronde, A.: La Cyrénaïque romaine, des origines à la fin des Sévères (96 av. J.C. - 235 ap. J.C.). - in: Aufstieg und Niedergang der römischen Welt, 2, 10, 1. (Berlin 1988) 1006-1064, Abb. Taf.

Laronde, A.: Le port de Leptis Magna. - CRAI (1988) 337-353, Abb.

Laronde, A.: Prêtesses d'Héra à Cyrène. - in: L'Africa romana. Atti del V Convegno di studio, Sassari 11-13 dicembre 1987. (Sassari 1988) 279-286, pl.

Laronde, A.: La vie agricole en Libye jusqu'à l'arrivée des Arabes. - LibSt 20 (1989) 127-134, Abb.

Laronde, A.: Aspects méconnus du voyage de Granger en Cyrénaïque au XVIIIe siècle. - BAntFr (1990) 185-198, Abb.

Laronde, A.: Cyrène sous les derniers Battiades. - in: Cirene. Storia, mito, letteratura. Atti del [IV] Convegno della Società italiana per lo studio dell'antichità classica, Urbino 3 luglio 1988. (Urbino 1990) 35-50.

Laronde, A.: Greeks and Libyans in Cyrenaica. - in: Greek colonists and native populations. Proceedings of the First Australian Congress of Classical Archaeology, Sydney 9 - 14 July 1985. (Oxford 1990) 169-180, Abb. Taf.

Laronde, A.: Recherches sous-marines dans le port d'Apollonia de Cyrénaïque. Aperçu préliminaire. - in: Giornata lincea sulla archeologia cirenaica. Roma, 3 novembre 1987. (Roma 1990) 75-81.

Laronde, A.: Une inscription de Tunisie retrouvée. - in: L'Africa romana. Atti dell'VIII Convegno di studio, Cagliari 14 - 16 dicembre 1990. (Sassari 1991) 277-281, pl.

Laronde, A.: Recension de: "Greek constitutions of early Roman emperors from inscriptions and papyri." REG 104 (1991) 275-276.

Laronde, A.: La Cyrène grecque et romaine. - DossAParis 167 (1992) 6-15, Abb.

Laronde, A.: Les ports de Ptolémaïs et d'Apollonia. - DossAParis 167 (1992) 54-63, Abb.

Laronde, A.: La redécouverte de Cyrène. - DossAParis 167 (1992) 44-49, Abb.

Laronde, A.: Claude Le Maire et l'exportation des marbres de Lepcis Magna. - BAntFr (1993) 242-255, Abb.

Laronde, A.: Les emporia de la Cyrénaïque. - in: L'emporion. (Paris 1993) 89-97, pl.

Laronde, A.: Cités, ports et campagnes de la Cyrénaïque gréco-romaine. - RA (1994) 166-169, Abb.

Laronde, A.: Nouvelles recherches archéologiques dans le port de Lepcis Magna. - CRAI (1994) 991-1006, Abb.

Laronde, A.: Zeus Ammon en Libye. - in: Hommages à Jean Leclant, 3. Etudes isiaques. (Le Caire 1994) 331-338, Abb.

Laronde, A.: Apollonia de Cyrénaïque. Archéologie et histoire. - JSav (1996) 3-49, Abb.

Laronde, A.: Les Cyrénéens dans les Cyclades du IVème au Ier siècle av. J.C. - in: Le Cicladi ed il
mondo egeo. Seminario internazionale di studi, Roma 19 - 21 novembre 1992. (Roma 1996) 113-119.

Laronde, A.: L'exploitation de la chôra cyrénéenne à l'époque classique et hellénistique. - CRAI
(1996) 503-527, Abb.

Laronde, A.: Le silphium sur les monnaies de Cyrène. - in: Scritti di antichità in memoria di Sandro Stucchi, 1. La Cirenaica. La Grecia e l'Oriente mediterraneo. (Roma 1996) 157-168, Abb.

Laronde, A.: Claude et l'extension de la cité romaine à Cyrène. - in: Claude de Lyon, empereur
romain. Actes du colloque Paris - Nancy - Lyon, novembre 1992. (Paris [1998]) 333-339.

Laronde, A.; Sintès, C.: Recherches récentes dans le port d'Apollonia. - in: La Cirenaica in età antica. Atti del convegno internazionale di studi, Macerata 18 - 20 maggio 1995. (Pisa 1998) 301-310.

Attiyah el Jiteily, H.B.; Laronde, A.: L'Useita. La route de Cyrène à Phycous et la campagne avoisinante. - Karthago 24 (1999) 125-133.

Laronde, A.: La guerre à Cyrène au IVème siècle av. J.C. - in: Πoικιλμα. Studi in onore di Michele R. Cataudella in occasione del 60º compleanno. (La Spezia 2001) 641-650.

Laronde, A.: Cyrène et Apollonia. - in: Greek archaeology without frontiers. (Athens 2002)
223-234.

Laronde, A, Quelques sites de la Libye antique et Ibn Battuta, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 2003, fasc. 1. [Site Persée consulté le 22.06.09]. Lire

Laronde, A, Un nouveau portrait de Ptolémée III à Apollonia de Cyrénaïque, Comptes rendus de
l'Académie (CRAI)
, AIBL, 2001, fasc. 2. [Site Persée consulté le 22.06.09]. Lire

La mosaïque de l'Afrique antique, synthèse de la matinée, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 2001, fasc. 1. [Site Persée consulté le 18.06.09]. Lire

Le port de Lepcis Magna, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 1988, fasc. 2. [Site Persée consulté le 18.06.09]. Lire

L'exploitation de la chôra cyrénéenne à l'époque classique et hellénistique, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 1996, fasc. 2. [Site Persée consulté le 22.06.09]. Lire

Nouvelles recherches archéologiques dans le port de Lepcis Magna, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 1994, fasc. 4. [Site Persée consulté le 22.06.09]. Lire

Apollonia de Cyrénaïque et son histoire. Neuf ans de recherches de la mission archéologique française en Libye, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 1985, fasc. 1. [Site Persée consulté le 18.06.09]. Lire

Kainopolis de Cyrène et la géographie historique, Comptes rendus de l'Académie (CRAI), AIBL, 1983, fasc. 1. [Site Persée consulté le 22.06.09]. Lire

Audio (classement chronologique, du plus récent au plus ancien)

André Laronde : un archéologue en Libye. Les ruines grecques, romaines et byzantines de Libye, Canal Académie. Mise en ligne novembre 2007. [Site consulté le 22.06.09]. Écouter

هذا لقاء مع البرفسور لاروند عن الاثار الليبية:



Laronde, A ,Mission archéologique française en Libye : Leptis Magna, les thermes du Levant, campagne d'Août 2003. Le mobilier céramique 2003

Laronde, A , Mission archéologique française en Libye : rapport préliminaire sur la campagne 2002 à Apollonia de Cyrénaïque ; rapport de fouilles Apollonia, recherches sous-marines ; rapport préliminaire sur la campagne 2002 à Leptis Magna ; note de synthèse sur les opérations projetées en 2002-2003

Laronde, A.: L'Afrique romaine (Ier siècle av. J.-C.- IVe siècle ap. J.-C.)Pallas (Pallas. Revue d'études antiques / Université de Toulouse-Le Mirail - Toulouse) 2005

Laronde, A, Leptis Magna, la splendeur et l'oubli, Paris:2005

ملخص باللغة الانجليزية لكتاب خالد الهدار ، دراسة القبور الفردية و اثاثها الجنائزي في توكرة / تاوخيرا


Elhaddar Khaled , A study of the individual graves and their funeral furniture at Tocra from the late fifth Century B.C. to the first Century A.D. , Benghazi:2006


This study is concerned with a certain type of tombs the individual graves or what is normally termed as Cist-Graves - and its funeral furniture in a specific site "Tocra" and during a specific period from the late fifth Century B.C to the first Century A.D. When this type of tombs was dominate in Tocra.
The study coves all the individual graves and their furniture excavated at Tocra from the time of G. Dennis 1865-1867 up to the excavations carried out by the writer of this research between 1988 - 1990.
Those excavations furnished adequate archaeological material which motivated such a study of this type of tombs.
Some of those excavations were published but they have not received proper study and consequently requires reconsiderations and further investigations like those of Dnnis, Robester 1944, Brown 1947 and the excavations of write 1956.
Others represent novel archaeological material like the tombs excavated in 1967, 1968, 1972, 1987 and those of 1988-1990.
This type of tombs was particularly chosen because it was insufficiently investigated at neither the region of Cyrenaica nor Tocra's levels. The individual graves of this city were especially chosen because they were the dominate type of tombs in Tocra during a long period of time; this undoubtedly helps in studding the burial rites and its developments if existed at all.
The nature of the material "the tombs" and the method adopted in studding it led to dividing the thesis into two main parts: part one deals with the individual graves and part two deals with the funeral furniture found in those tombs. Each part is subdivided into three chapters as follows:

Part one
Chapter one: Historical and Geographical background of Tocra
This chapter deals with:
The historical and geographical aspects of the city of Tocra and it is therefore an introductory chapter. It is at the same time indispensable for it gives the study of the tombs a time and place dimensions.
The geographical location of the city as well as the natural factors which played a part in founding it.
The importance of the fossil dunes where the individual graves were dugout.
The soil of the city and how it contributed to the manufacturing of pottery in Tocra.
The ... of settlement in the city before the coming of the Greeks in order to establish the existence of Libyans in this region in pre-historical times and during the Greeco-Roman settlements.
The renomations of the city during this long period.
The historical periods up to the first century A.D when this type of tombs ceased to be practiced.
The relationship between the Libyans and the Greeks.
And Lastly the urban developments of Tocra and its main monuments.

Chapter two: A study of the individual graves
This chapter is concerned with the individual graves in Tocra and is divided into an introduction and eight topics.
The introduction deals with the emergence and the prevalence of the individual graves in both the ancient world and in Cyrenaica. It also deals with reasons behind the emergence and prevalence of those graves at Tocra in particular as compared to other cities in Cyrenaica.
Topic I deals with recovering the individual graves. This serves as an introduction to the study of those tombs for the history of discronvering them includes all the excavations carried out in those graves which are the subject of our research. Those excavations were evaluated and criticized in order to reveal this a vantages and disadvantages. It also deals with the method of work and the way of digging adopted in the 1988-1990 excavations which is believed to be as the ideal method in digging such tombs.
Topic II is concerned with the choice of site for the individual graves in Tocra and why such sites were chosen as well as the method employed in preparing and designing the graves.
Topic III gives description of the tombs from Dennis's to 1988-90 excavations. Every single descriptions gives the location and general descriptions of all the tombs including orientations, type of tomb, covering, number, dimension, manner of burial, position of decease and any other particularity of each tomb. The description includes a list of findings and the number of each item in the catalogue.
Topic IV studies the different designs figured out through a study of the major characteristics of all the graves. Two main type were established. Each has numerous forms and styles. Each style is then given a definition, the location of its tombs in Tocra cemeteries, orientations, interior and exterior descriptions, size, and dimensions.
The date of each style compared to other tombs in or outside the region are also discussed.

Topic V studies the human remains found in the tombs with emphasis on determining the sex and age of the deceased and why the remains were not fully and scientifically examined.
Topic VI studies the re-use of the tombs. It was noticed that a number of tombs were later re-used. This phenomena is fully reviewed; namely where, how, why and when this phenomena was practiced.

Topic VII is termed the community of Tocra through its individual graves. Some social aspects deducted from the study of the individual graves are presented starting with the inhabitants of Tocra and determining the class that were buried in those tombs and attempting to determine the size of the population through the tombs.
The study of the tombs also revealed some social organizations concerned with family relations and economic and class disparity.
Topic VIII deals with the history of the individual graves. Here, the methods of dating these graves are generally criticized and a new method of dating Tocra graves is propose. The history of Tocra individual graves of each excavation is given based on the dates of findings. These finding are fully discussed in part two. Tombs already published are redated.
It was then important to discuss the Greek burial rites with their application to Tocra graves. Chapter three of this study is therefore is devoted to this subject. This chapter is divided into three main topics:

Topic I deals with the Greek outlook to death, burial, and the underworld.

Topic II deals with the funeral rites and customs where procedures followed from the time of death until the burial and the subsequent rites.

Topic III is concerned with the funeral furniture namely what the furniture is, why it is placed in the tombs and its different kinds in general with emphasis on the furniture found in Tocra individual graves with regard to its deferent types, position, number of items, its relation to the decease's economic status and sex.
To acquaint the reader with all the graves discovered special catalogues describing the tombs and all relevant material-fully discussed in chapter two and three are attached.

Part two
This part deals with the funeral furniture found in the individual graves and is consequently related to part one. Here the furniture is looked at in terms of its types, its vase "forms and styles" and its tools. These are classified and dated.
The method adapted in studding the furniture is introduced in the beginning of this part.

Chapter one of part two studies decorated and glared pottery (1-34). These vases are classified as Panathenaic amphorae, red-figure vases, miscellaneous and black-figure vases. Each is separately discussed.
The Panathenaic amphorae (1-6) are viewed by giving a brief account of the celebration in which the Panathenaic amphorae were granted and how such amphorae reached Tocra.

The decorated elements of the Panathenaic amphorae are comparatively and analytically studied and then dated.
The re-figure vases (7-12) are classified according to their form like the Lekythoi ... etc. The names of different vases, their usage in daily life and burial rites are presented. The main decorated elements of each vase and their origins are also dealt with. They are then compared with similar examples found in other sites and dated according to their style.

The some method is applied in studding the miscellaneous (3-17) like the Corinthian cups and the black-figure vases (18-34).

Chapter two is devoted to vases made of coarse pottery (35-140). The importance of this kind of pottery in general and to Tocra in particular is introduced. The classification of different vases as well as the components and their characteristic are experimented in the lab by the writer are also given. The method of dating is then pointed out.
Coaise pottery is divided according to its forms and functions, drinking, transporting vases ... etc. Each type is further subdivided into styles in accordance to their developments.
The method followed in studding coarse pottery is the same as that applied in studding the decorated and black-glazed pottery. Lastly, the manufacturing of coarse pottery at Tocra from the fifth century B.C to the first century A.D is discussed.

Chapter three deals with other finds (150-228) such as lamps, Terra-cottas, marbles, Glass and metals. Each class is discussed separately: Lamps (150-174) for example are divided into two groups, imported and local. They are then classified into various types according to their forms and origins as well as the general development of Greek lamps and their characteristics. They are then compared to similar models to date them. In the end, the percentages of imported to locally made lamps is presented. Lastly, the artistic influences on the locally made lamps are viewed.
The method applied in studding the lamps is also adopted in studding the items manufactured in terra-cotta (175-211) like the terra- cotta figurines and other make-up objects with emphasis on Tanagra style which is very common.
Marble, Glass (212-215) and metal finds (216-228) are similarly studied with concentrations on the function of each object in daily life and consequently their value in the burial rites and customs.
The research ends with main conclusions reached by the writer through studding the individual graves.

Separate volume of numerous appendixes is attached to the thesis.
Appendix one lists all the funeral furniture studied. It identified the finding, its catalogue number, source, current place and its number in the storeroom or museum files.
Appendix two (the catalogue)) gives a minute and comprehensive description of each finding in terms of dimensions, source, full description and other extra information not included in the paper. This means that the catalogue complements part two of the research; so that if the researcher wants to know more about any finding he or she can refer to this appendix.
Appendix three gives a detailed accounts of the components of the pottery through a petrological analytic.
There is also another chart which presents some statistics of the ratios and percentages of certain perfume bottles the inguentaria dimensions.
Appendix four gives a list of names and number of cities as they appear in the maps.
Appendix five is devoted to maps, figures and illustrations of tombs, some of which are prepared by the writer himself, others were prepared by the late Dr. F. Shaaban. The writer's wife Muna Bel Khair has helped in producing most of the illustrations in their final forms.
Appendix six gives charts designed according to Excel 5 system and is concerned with the graves and their funeral furniture.
Appendix seven gives plates and forms of the graves and their funeral furniture.

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

ما يجب ان تعرفه عن آثار قصر ليبيا



نشرت في صحيفة قورينا بتاريخ 1/3/2009

يراجع عن صور قصر ليبياالرابط التالي
http://garyounis.edu/arts/archaeology/gallaries/gallary/qasr_libya/index.html :

قد لا يعرف الكثير من المارين بقرية قصر ليبيا انها تحوي على اثار رائعة و فسيفساء حيرت مشاهدها الدارسين لها ، هذه القرية التي تقع في احضان الجبل الاخضر غرب مدينة البيضاء بمسافة 50 كم تقريبا ، وهذه المقالة توضح اقل ما يمكن ان يعرف عن هذه المنطقة الاثرية المهمة التي تقع شمال الطريق الساحلي بمسافة كيلومترين تقريبا.

و تجدر الاشارة ان تلك المنطقة الاثرية لم يعِرها الاثريون اهتمامهم الا بعد عام 1957 عندما كان احد الفلاحين يقوم بالحفر و العمل في ارض زراعية في منطقة مرتفعة قرب القلعة التركية الايطالية ، حيث ادى معوله الى الكشف عن جزء من ارضية فسيفسائية كانت مردومة بالتراب منذ امد بعيد ، و سريعا ما وصل خبر الاكتشاف الى الاستاذ ريتشارد جودتشايلد مراقب اثار المنطقة الشرقية آنذاك الذي سريعا ما زار مكان الاكتشاف و اتضح له اهمية ذلك الموقع مما جعله يصدر الاوامر بالبدء في اعمال الحفريات التي نفذها فريق التنقيب بمراقبة آثار شحات باشرافه خلال عامي 1957-1958 ، والتي اسفرت عن الكشف عما اصبح يعرف فيما بعد بالكنيسة الشرقية بارضياتها الفسيفسائية الرائعة ، و بعد هذا الاكتشاف اهتم الاثريون بهذه المنطقة و آثارها ، وبحثوا عن التسمية القديمة لهذا الموقع فربط جودتشايلد بين التسمية الحديثة أي قصر ليبيا و بين اسم قرية او مركز اسقفية ذكرها الاسقف سينسيوس في بداية القرن الخامس الميلادي في الرسالة رقم 76 باسم اولبيا (Olbia) و كأن التسمية الحديثة تحريفا لاسم اولبيا القديم ، الا ان التسمية الي عرفت بها هذه المنطقة في عصر الامبراطور جستنيان (527-565 م)هي ثيودورياس (Theodorias) نسبة الى الامبراطورة ثيودورا (527-548م) زوجة جستنيان التي كانت مستقرة في الاقليم محضية لحاكمه قبل زواجها من جستنيان ، ويبدو ان المدينة جددت و اعيد بناؤها في ذلك العصر في موقع قديم ربما كان مستعملا بواسطة الاغريق منذ القرن الرابع ق.م. ، وقد شغله فيما بعد حصن او كنيسة محصنة صليبية الشكل (الكنيسة الغربية) التي نقب عنها ما بين 1965-1969، ثم اضيفت بجانبها الكنيسة الشرقية برعاية الامبراطور جستنيان او زوجته ثيودورا على الرغم انه لا يوجد ما يؤكد اسهامه في بناء الكنيسة وتزيين ارضياتها ، الا انه يرجح ان بعض التجهيزات مثل الرخام و العمال قد تكون منحة امبراطورية او انها استوردت على نفقة المحسنين الذين انفقوا على بناء الكنيسة وتزيينها بالفسيفساء ، ويعد الاسقف مكاريوس المشرف الرئيسي على هذه الاعمال حيث اشرف على تزيين فسيفساء صحن الكنيسة في ما بين 538-539 م ، و بعد وفاته عهد الامر الى الاسقف الجديد ثيودوروس الذي كان شماس الكنيسة و اسهم في الاشراف على تزيين الحجرة الشمالية الشرقية وعلى فسيفساء الساحة المقدسة التي بنيت بعدها ، هذا ما استنتج من النقوش التذكارية التي زينت الفسيفساء و يمكن مشاهدتها معروضة في المتحف الصغير الموجود هناك ، اضافة الى الكنيسة يبدو انه اضيفت بعض المباني الاخرى التي لم يكشف عنها حتى الان ،و يمكن تأكيد اهمية الموقع من الناحية العسكرية اذ اتخذ نقطة مراقبة بعد تحصين الموقع ، الا ان هذا الموقع قد سلبت احجاره عند بناء الحصن التركي – الايطالي فيما بعد ، ومن ثم اختفت الكثير من معالمه القديمة .

ومما تقدم فان ابرز ما يشاهد في هذا الموقع الاثري هي الكنيسة الشرقية بفسيفسائها الرائعة ، والكنيسة الغربية بطرازها الفريد ، واساسات مباني اخرى . وقد ظلت تلك الفسيفساء في مكانها ردحا من الزمن مما عرضّها للرطوبة والاملاح التي هددت بتلفها و بعد استشارة متخصصين من اليونسكو تقرر ان تنقل لوحاتها الخمسون من مكانها لتعرض في متحف صغير اقيم لهذا الغرض بجوار الكنيسة الغربية ، افتتح رسميا في 18/4/1972 م .وقد شملت معروضاته الاتي : 1- خمسون لوحة فسيفسائية ابعادها 65×65 التي كانت جزء من فسيفساء صحن الكنيسة الشرقية و هي تحمل مشاهد حيوانية وآدمية واسطورية وعمرانية ونباتية و بحرية الى جانب بعضها كتابات اغريقية ، وقد حيرت هذه المشاهد الدارسين لها عندما حاولوا ايجاد تفسير منطقي مترابط بين اللوحات و الكنيسة التي وجدت بها مختلفين بين التفسير الكهنوتي و التفسير الناسوتي ، ويبدو ان هناك اتفاق على ان بعض اللوحات قد تعبر عن اعادة بناء هذه المدينة من جديد تحت اسم ثيودورياس في القرن السادس الميلادي ، واجمالا تعد هذه الفسيفساء اروع ما عثر عليه من فسيفساء في ليبيا في العصر البيزنطي من حيث موضوعاتها الزخرفية وتنوع مشاهدها ، و تجدر الاشارة الى احدى اللوحات النادرة التي تصور جزء من منارة الاسكندرية ـ احدى عجائب الدنيا السبع القديمة ـ التي بنيت في عهد بطليموس الثاني (285-246 ق.م.) ودمرت في زلزال عام 1302 م ، ولم يبق الا هذه اللوحة لتوضح شكلها.


2- ارضية فسيفسائية عثر عليها في الحجرة الشمالية الشرقية من الكنيسة الشرقية عرضت في ارضية المتحف حملت مشاهد متنوعة اغلبها لحيوانات وطيور و زخارف هندسية وكتابة تشير الى انها نفذت في عصر الاسقف ثيودوروس ، هذا الاسقف الذي تولى بعد الاسقف مكاريوس الذي نفذت في عهده فسيفساء الصحن المشار اليها اعلاه.


كما ينبغي الاشارة الى ارضية فسيفسائية اخرى كانت تزين الساحة المقدسة في الكنيسة الشرقية عرضت حاليا في الكنيسة الغربية التي حولت الى قلعة تركية ثم استعملت اثناء الاحتلال الايطالي ، وقد زخرفت تلك الارضية بعدة صلبان يحيط بها وعول برية وحيوانات اخرى ، وتوجد بها زخارف هندسية متنوعة.


ومما تقدم يؤكد اهمية آثار قصر ليبيا التي ينبغي زيارتها و التمتع بالمشاهد التي تحملها اللوحات الفسيفسائية المعروضة في متحفها المتواضع الذي ينبغي تطويره.


يراجع عن متحف قصر ليبيا الرابط التالي:
khaledelhaddar.maktoobblog.com/1318965/
شاهد فسيفساء قصر ليبيا على (you tube)
www.youtube.com/watch?v=JoJ1I8w90TY