خلال زيارات متعددة لقاعة الميداليات بالمكتبة الوطنية بباريس الواقعة حاليا في المعهد الوطني لتاريخ الفن بشارع فيفيان ، بحثا عن المقتنيات الاثرية الليبية التي كانت تعرض بها و التي اشترتها تلك المكتبة من القنصل الفرنسي فاتييه دو بورفيّل في منتصف القرن التاسع عشر، كانت من بين المعروضات التي لفتت الانتباه في الحجرة الثانية ذلك القدح الذي اشتهر باسم قدح اركسيلاوس ملك قوريني وهو يظهر مشرفا على وزن نبات السلفيوم؟ ، والواقع ان هذا القدح عثر عليه في الاصل في مدينة فولشي في اقليم اتروريا (توسكانيا حاليا) في ايطاليا ، واشترته المكتبة الوطنية عام 1836 ليعرض بها تحت رقم التسجيل 4899 (N°189) بعد ان كان في متحف دوران (Durand)، وعلى الرغم انه عثر عليه في ايطاليا الا انه لم يصنع بها ، انما انتج في بلاد الاغريق وتحديدا في اقليم لاكونيا الذي كانت عاصمته اسبرطة ، ومن ثم فان هذا القدح ينسب الى الفخار اللاكوني المبكر ذو الصور السوداء .
يبلغ ارتفاع هذا القدح 25 سم وقطره 29 سم ، و 38 سم بالمقابض . وهو في حالة جيدة من الحفظ باستثناء ان الطلاء قد ازيل في بعض الاماكن بسبب الظروف التي واجهت القدح عندما كان مدفونا تحت سطح الارض مدة طويلا من الزمن.
يطلق على هذا الطراز من الاكواب اسم كيليكس (Kylix) ويبدو انه كان مستعملا لشرب السوائل اهمها الخمر ، هو ينسب الى فخار الصور السوداء حيث زخرف القدح من الداخل و الخارج بصور متنوعة في لون اسود او قاتم عموما على ارضية حمراء او باهتة اللون ، والواقع ان القدح مزخرف بالكامل بالرسوم المتنوعة منها النباتية والهندسية و الآدمية ، ويمكن تفصيلها على النحو الاتي :
نظمت زخارف القدح من الخارج داخل حقول او اطارات افقية تبدأ من قاعدة القدح حتى تنتهي عند حافته من الاعلى ، التي زينت بحزام عريض زخرف بصفين من فاكهة الرمان يتوسطهما صف من اشكال مربعة ترتبط مع الرمان من الاعلى والاسفل بخطوط حتى ظهرت في شكل شبكي ، كما ان صف المربعات بالخطوط التي تنطلق من زواياه اخذ شكل المعينات التي تحصر داخلها مربعات ، كل معين يحصر مربع ، يوجد اسفل هذا الحزام زخرفة خطية اسفلها منطقة المقبضين التي زخرفها صف من براعم اللوتس ، كما ان على جانبي كل مقبض توجد زخرفة تمثلت في ورقة لوتس محززة. اسفل هذا الحزام شريط لونه اسود على ارضية حمراء اسفله حزام به زخرفة في شكل خطوط اشعاعية ، اسفل هذا الحزام زخرفة خطية اسفلها عند قعر القدح حزام به زخرفة الالسنة ، ثم تأتي قاعدة القدح التي طليت باللون الاسود تتخللها اشرطة قرمزية على الجذر الذي يفصل القدح عن قاعدته. وهذه الزخارف النباتية والهندسية شاعت على غالبية اكواب الفخار اللاكوني ومن امثلتها التي عثر عليها في حفريات حرم ديميتر في توكرة وشحات وفي نوقراطيس بمصر.
اما زخرفة القدح من الداخل فان حافة القدح قد زخرف بصف من براعم اللوتس المترابطة مع بعضها من الاسفل يعلوها ويفصلها عن المشهد الرئيسي زخرفة خطية في شكل اشرطة او احزمة . والمشهد الرئيسي جسد على ارضية القدح وتمثل في مشهد من الحياة اليومية يظهر به بعض الاشخاص و حيوانات وطيور استخدم فيها اللونين الاسود و البني المحمر اضافة الى الحزوز لابراز التفاصيل التشريحية ، و يمكن وصف المشهد تفصيلا على النحو الاتي: يلاحظ في البداية ان المشهد قسم الى قسمين غير متساويين عن طريق خط افقي مقوس يفصل بينهما كأنه يمثل خط الارض او سطح مركب ، حمل كل قسم مشهد مختلف لكنه مرتبط بالاخر او يكمل الاخر في سرد روائي للمشهد المصور اعلى سطح الارض واسفلها.
تمثلت الشخصية المركزية في المشهد في شخص جالس على كرسي او عرش بدون مسند على يسار المشهد العلوي صور في حجم اكبر من بقية شخصيات المشهد دليلا على اهميته التي استدل عليها من خلال لباسه المميز المزين بكنار في اسفله ، ومن خلال صولجانه ذو القمة الثلاثية الذي يمسكه باليد اليسرى ، وقبعته المذببة ، وشعره الطويل المنسدل على ظهره و لحيته المذببة ، وبفهده (قطه البري) المربوط اسفل العرش الذي يجلس عليه ، كما انه يجلس تحت مظلة او خيمة تقيه حرارة الشمس ربطت من جوانبه المتعددة ، كما يظهر خلفه سحلية او بوبريص يتسلق حائط او جوانب الخيمة التي يجلس اسفلها ، الواقع انه لم يكن من الصعب على الباحثين الذين درسوا هذا القدح منذ عام 1833 (دوق دو ليُن) ان يتعرفوا على هذه الشخصية التاريخية حيث رسمت كلمة اغريقية قرب رأسه تشير الى اسمه اي اركسيلاوس ، وهذا الاسم عرف به اربع من ملوك قوريني (كيريني) ، وربما المقصود هنا هو اركسيلاوس الثاني ( 570ـ 559 ق.م. ) رابع ملوك الاسرة الباطية ، ان التعرف على الشخصية المصورة هنا في القرن التاسع عشر بعد العثور على هذا القدح جعل الدارسين ينسبون هذا القدح والاواني الذي تنسب الى طرازه الى مدينة كيريني ، وظهر مصطلح الفخار القوريني / الكيريني ، الذي عاش فترة طويلة حتى اتضح بطلان هذا المصطلح وان كيريني ليست مصدرا لهذا الطراز من الفخار و لاسيما بعد ان عثر الاثريين على افران تصنيع هذا الفخار في اقليم لاكونيا في اليونان ، وهذا ما دعا الى نسبة هذا القدح وغيره من اوانِ هذا الطراز الى لاكونيا ، وبسبب ان مصور هذا القدح مجهول فقد اطلق عليه دارسو الفخار اسم فنان اركسيلاوس نسبة الى هذا القدح ونسبت الكثير من الاواني الى هذا الفنان الذي رسمه ما بين 569-568 ق.م. او حوالي العام 560 ق.م. ، ومن ناحية اخرى هناك تأرجح بين العلماء في نسبة هذا القدح الى اركسيلاوس الاول والثاني مع ان المقومات الفنية جعلت ترجيح نسبته الى اركسيلاوس الثاني هي الاقوى ، وقد يعزز ذلك ظهور اسم اركسو الذي كتب مقلوبا بخط كبير فوق احدى الشخصيات المرسومة مما جعل البعض (شاوس) يرجح انه ربما يكون اسم زوجة اركسيلاوس الثاني التي ثأرت لمقتل زوجها ، وان وضع اسم الملكة فوق شخصية ذكورية ربما قصد به نوعا من الفكاهة والسخرية او ان الاسم يكون به نوع من التلاعب اللفظي اذ ان المقصود كلمة اخرى وفق لما يراه بعض الدارسين وسيأتي بيانه فيما بعد.
اذاً اركسيلاوس ملك كيريني يجلس مراقبا لمشهد امامه يتكون من خمس شخصيات متجمعة حول ميزان بكفتين مشدودتان باربع خيوط او حبال تتدلى من عارضة خشبية افقية مربوطة في عارضة اخرى من المنتصف التي لعلها كانت مربوطة في سقف او ما شابه ذلك ، يقف فوق العارضة قردا يحيط به طائران ربما يكونان حِدَأة يقفان على جانبي العرضة، كما يوجد طائر آخر يطير اعلى العارضة ، اضافة الى طائر الكركي الذي يطير اسفلها. وبالعودة الى وصف العمال و العبيد فهم يرتدون ملابس بسيطة تختلف فيما بينهم ربما تعكس مكانتهم او تسلسلهم الوظيفي ، تمثلت في قميص او مئزر يصل الى اعلى الركبتين ، ويمكن ان توصف الاعمال التي يقوم بها هولاء والتي دلت عليها الاسماء التي تعلو تلك الشخصيات والتي تشير الى وظائفهم او مهامهم ، حيث يوجد اربعة منهم بين كفتي الميزان ثلاثة في الواجهة وواحد في خلفية المشهد لم يبرز منه الا القليل من جسده ، اثنان منهم بجانب الكفة التي على يمين المشهد احداهما في وضع وقوف تماما يشير بيده اليسرى بينما اليمنى تمسك كيس او زكيبة ـ صنعت من اغصان الصفصاف غالبا ـ اسفل منه كتب اعلاه (سلفيوماخوس) اي الذي يعد او يجهز السلفيوم ، يقابله شخص آخر يساعده في ربط الكيس الذي يمسكه بكلتا يديه بعد ان مليء بالمادة التي يتم وزنها تعلوه اسم اركسو، وتبدو ان مهمته تسليم الكيس بعد ربطه للعامل الذي يحمل الكيس ويظهر في خلف المشهد، هذا العامل لم يظهر منه الا القليل يحمل كيسا اشير اليه بكلمة (ايرموفوروس) اي حامل الكيس او السلة ، ويتوسط المشهد قرب الكفة الاخرى للميزان عامل تبدو مهمته وضع المادة المراد وزنها على كفة الميزان والتحكم في عملية وزن هذه المادة التي تظهر متكومة اسفل منه ، وقد اشير الى وظيفته بكلمة ظهر منها بعض الحروف التي تشير الى الميزان (.. ست اثموس) ، وهناك شخص او عامل يقف قرب الملك مشاركا اياه في المظلة لباسه يتميز بوجود كنار مزخرف اسفل ثوبه يشير بالة او سكين في اتجاه الملك ويبدو ان وظيفته مراقبة عملية الوزن وتبليغ الناتج للملك ، وقد اشير الى وظيفته تلك بالكلمة الاغريقية التي تعلوه (اسو فروتوس) اي مُعادل او ضابط الميزان.
هذا ما يظهر في الجزء العلوي من المشهد ، اما الجزء السفلي فهو مرتبط بالمشهد السابق حيث يبدو المكان انه مكان التخزين بعد الفراغ من عملية الوزن ووضع الشيء الموزون في اكياس تحمل بواسطة العمال في مكان كأنه قبو للتخزين ، لهذا المكان حارسا ومشرفا صور جزئيا عند مدخله في الناحية اليسرى للمشهد ، واشير لوظيفة هذا الشخص بكلمة (فيلاكوس) التي تعني الحارس. وقد صور داخل المخزن اثنان من العمال كلاهما يحمل كيسا على كتفه الايسر يجري به نحو مكان التخزين الذي صور في النهاية اليمنى للمشهد من الاسفل تمثل في اربعة اكياس مكدسة فوق بعضها ربما ثلاثة منها كانت مربوطة بحبال امتدت افقيا. تظهر خلف العامل الثاني كلمة اغلبها ممحو تشير الى وظيفته ، اضافة الى كلمة اخرى تتقدم العامل الاول وهي تكاد الكلمة الوحيدة التي نقشت في القدح و لاتنتهي بحرف (س) الاغريقي اي ان جميع الكلمات التي اشير اليها سلفا كتبت في حالة الفاعل ، باستثناء الكلمة الاخيرة (مين) التي اشار بعض الدارسين انها ربما لاتكون كلمة اغريقية قد تكون كلمة محلية ليبية او مصرية كتبت بالاغريقي.
المتفق عليه في هذا المشهد انها عملية وزن او مشهد من الحياة اليومية التجارية باشراف ملكي او احد الشخصيات المهمة تسمى اركسيلاوس، ولكن المختلف عليه بين الدارسين لهذا القدح هو المكان الذي يصوره المشهد ، والاهم هي المادة التي توزن وتوضع في اكياس ثم تخزن. وفي هذا الشأن كان المتفق عليه بين الدارسين ان المكان المصور على القدح يمثل احدى الاماكن في كيريني على اليابسة حيث كانت تتم هذه العملية التجارية وفق ما توصل اليه الاستاذ شامو في كتابه المنشور عام 1953 مفندا الرأي الذي كان متفق عليه بين العلماء في ان المشهد صوّر على ظهر مركب تجاري ربما في ميناء سوسة لتصدير السلفيوم باشراف الملك اركسيلاوس والادلة التي ساقوها على ذلك ان الميزان كان معلقا في لوحة الصاري وهي تبدو كذلك ، وان المظلة التي يجلس تحتها الملك ما هي الا الاشرعة اضافة الى ان بعض الطيور التى تعلو الصاري هي طيور بحرية تتجمع في الموانيء وقرب البحر ولاسيما طائر الكركي الذي يطير حاملا في رجليه ما اصطاده من البحر، كما ان مكان التخزين اعتبر جوف المركب او اسفله ، الا انه قد يعيق هذا التفسير هو ظهور البوبريص خلف الملك الذي لا يمكن ان يكون معلقا في الهواء انما صوّر يجري او يزحف على جدار ، كما ان الخط الفاصل بين المشهدين ظهر في شكل مقوس و ليس مستقيم مما يوحي ان مكان التخزين كان قبو او كهف وهذا لايتناسب مع المشهد قد صوّر على ظهر مركب ، وهذا ما دفع البعض الى ترجيح ان المشهد صوّر في اجورا كيريني وان الكهف او القبو كان يقع اسفل رواق اغسطس ، اي انها مناجم حقيقية للسلفيوم كما وصفها ثيوفراستوس ، وقد تمت هذه العملية باشراف الملك اركسيلاوس الذي يشرف على عملية وزن مادة من المؤكد ستكون ثمينة اذا كان الشخص المصور الملك نفسه ، وفي هذا الصدد ان الشكل التي ظهرت به المادة لا يمكن ان تكون باي حال من الاحوال نبات السلفيوم (سلفيون بالاغريقي) لانها المادة المصورة الموضوعة على الميزان بيضاء اللون او شبه بيضاء مما دفع بعض الدارسين الى تفسير انها صوف او قطن (رأي بوردمان و لاين) ، او قوالب ملح (ستوكي) ، وفي هذه الحالات فان نوعية المادة لا تتطلب اشرافا ملكيا على وزنها وتخزينها بسبب قيمتها العادية ، وعند لاين يمثل الشخص الجالس احد تجار الصوف في اسبرطة ، ولعل ما دفع ستوكي الى هذا الرأي هو تفسير كلمة اركسو التي فسرها البعض انها مشتقة من الفعل ( اوريسّو ) الذي يعني يحفر او يدفن الذي يتناسب مع استخراج الملح من اسفل الارض بالحفر في المناجم او ما شابه ذلك ، اما القول بان المادة الموزونة هي السلفيوم فهو يرتبط في الاصل مع كون الملك اركسيلاوس يشرف على وزن هذه المادة التي كانت احتكارا ملكيا ، ومن الطبيعي ان يشرف الملك على وزن السلفيوم هذه المادة التي كان يعادل وزنها فضة و كانت من النباتات النادرة التي اشتهر بها الاقليم وكان مطلوبا في اسواق العالم القديم ، كما ان ظهور كلمة سلفيوماخوس التي فسرها شامو انه الذي يجهز السلفيوم او يعالجه مما عزز القول بان المادة الموزونة كانت السلفيوم ، على الرغم ان نبات السلفيوم لم يكن ابيض اللون ، مما دعا المفسرين الاخذ بالقول ان المادة البيضاء الموزونة كانت عجينة السلفيوم او بذور السلفيوم بعد عجنها او تقشيرها اي انها مادة مشتقة من السلفيوم عملت هكذا ليسهل تخزينها ثم تصديرها ، وفي هذه الحالة فان الفعل (اوريسّو) يعني انه يحفر ليستخرج جذور السلفيوم اي الحفار مع ان الشخص الذي كتبت اعلاه لا تدل حركته على الحفر ، ومن ثم فان هذه الكلمة ستظل غامضة وقابلة للتأويل من باحث الى آخر.
وليس غريبا ان يمثل نبات السلفيوم على الاعمال الفنية حيث كان شعارا لاقليم كيرينايكي ممثلا على عملته من القرن السادس الى الثالث ق.م. وظهر تحمله مؤلهات ليبية جسدت في تميثيلات طينية من القرن الرابع ق.م. اضافة الى ظهوره في العصر الروماني منحوتا الى جانب رأس باتوس الاول على تاج عمود في قوريني ، ونحته منفردا على تيجان معبد اسكلبيوس في بلغرا (البيضاء) . والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا رسم هذا الموضوع على قدح من لاكونيا في القرن السادس ق.م. و الذي صدر فيما بعد الى فولشي بايطاليا ، و لم يصدر الى ليبيا لانه سيكون له رواجا هناك بسبب موضوعه الزخرفي الذي له علاقة بليبيا ، اضافة الى ماهية الفنان الذي رسم القدح وزخرفه ، وما المصدر الذي اشتق منه موضوعه الزخرفي ؟ من خلال النظر الى زخارف القدح يلاحظ ان بها بعض التأثيرات المصرية فشكل الميزان تكرر ظهوره في رسوم جدارية في الفن المصري القديم ، كما ان تصوير القرود كان غير شائعا في الفن الاغريقي يقابله انتشاره في الفن المصري حيث كان يرمز للمؤله المصري توت الذي يظهر في شكل قرد جالسا اعلى الميزان اي مشابه لما ظهر في قدح اركسيلاوس ،كما ان شكل القط البري المستخدم في الصيد كان معروفا في الفن المصري ايضا. على الرغم من هذا فان ملامح القدح الزخرفية هي ملامح اغريقية فالكتابة على القدح كتبت وفقا لطريقة الكتابة الاغريقية في لاكونيا وليس مثل شكل الكتابة في كيريني ، مما ينفي القول ان الفنان اصوله من كيريني وهاجر الى لاكونيا بعد ان مكث ردحا من الزمن في مصر ، لكن هذا لايستبعد انه زار كيريني و اقام بها بعض من الوقت حيث شاهد الملك اركسيلاوس في احد المشاهد الموسيمية عند اشرافه على وزن نبات السلفيوم ، ويرجح البعض ان هذا المشهد ربما كان مصورا في شكل رسم جداري رسمه ذات الفنان او فنان آخر في كيريني ، وقد فضّل مزخرف هذا القدح ان يرسم المشهد على الفخار بعد عودته الى لاكونيا.
ان ما اشير اليه اعلاه يستند على ترجيح الذي قد يصل الى مرحلة اليقين ان ملك كيريني اركسيلاوس يشرف على وزن نبات السلفيوم الذي استلم كجزية من الليبيين حيث يتحقق من وزن الجزية و تسجيلها ثم تخزينها.
. ومن ناحية اخرى قد كانت هناك علاقات تاريخية قوية بين لاكونيا وكيرينايكي تؤكدها الكميات الكبيرة من الفخار اللاكوني التي عثر عليها في قوريني و توكرة ، وكانت اعداد كبيرة من مهاجري لاكونيا قد استوطن في الاقليم ، ويبدو ايضا ان بعض سكان الاقليم قد هاجر الى لاكونيا فهناك نحات ترك اسمه او لقبه الكيريني على قاعدة رخامية في لاكونيا ، ومن ناحية اخرى عثر على شقفة فخارية من الفخار اللاكوني في حرم ديميتر في قوريني عليها حروف كتبت بالشكل الكيريني و ليس اللاكوني مما يعزز القول ان الفنان اصوله من كيريني وهاجر الى لاكونيا ، يضاف الى بعض الموضوعات الكيرينية الصميمة التي رسمت على فخار لاكونيا مثل اسطورة الحورية قوريني وهي تصارع اسد ، كما يوجد في المتحف البريطاني قدحا من فخار لاكونيا مختلف حول الموضوع المرسوم عليه ، تمثل عند البعض في الحورية قوريني تمسك بفرع من نبات السلفيوم.
وعلى الرغم مما قيل فانه من الصعب تفسير ظهور هذه الموضوعات ذات الصبغة الكيرينايكية على الفخار اللاكوني التي منها قد يكون قدح اركسيلاوس ، وفي الختام هذه ملخص تأملات دارسي الفخار في هذا القدح الذي سيظل الدارسين في جدل حوله دون التوصل الى يقين حول تفسير مشهده الرئيسي.