السبت، 8 فبراير 2014

مشروع توثيق الموروث الثقافي الليبي



 

نشرت المقالة في العدد 12 من صحيفة افاق اثرية الصادر في ديسمبر 2012
http://www.afaqatherya.com


مشروع توثيق الموروث الثقافي

تركز الدول من خلال هيئاتها المسؤولة عن الموروث الثقافي من آثار وتراث على حماية هذا الارث او الموروث بشقيه المادي المتمثل في المخلفات الاثرية او المعنوي الذي يتناقله الرواة من شعر وأمثال وحكم، وتتمثل هذه الحماية في المحافظة عليه لاسيما المادي وصيانته وإيداعه مخازن لتخزينه بأحدث الطرق او بعرضه في متاحف تطبق القواعد العلمية للعرض والحماية، وهذا وحده غير كاف لان المخازن او المتاحف عرضة للسطو والاعتداء عليها وتحريك المقتنيات من مكان كان معلوما الى آخر اصبح مجهولا ، وهنا يأتي دور الاجهزة الامنية للبحث والتقصي محليا ودوليا عن طريق المنظمات الدولية مثل الانتربول، لكن هذا الامر يتطلب انه عندما تبحث عن شيء يجب ان تكون بحوزتك صورة له ومواصفات كاملة ، وفي انعدام الصورة يصبح الامر مجرد خيال وفي حكم المستحيل، وهذا واجهنا عندما سرق ما يعرف باسم كنز بنغازي وهي الوديعة التي كانت في المصرف التجاري الوطني ونهبت خلال الانفلات الامني في مدينة بنغازي إبان ثورة 17 فبراير المجيدة عام 2011، ووصل المنهوب منها الى حوالي 8000 قطعة، والتي للأسف جلها لم يكن موثقاً، وكان اغلبها يمثل وديعة كانت في حوزة ادارة الاثار في سيرينايكا (اقليم برقة) التي كان يرأسها ج. بيشي فعند اندلاع الحرب العالمية الثانية نقلها الى بنغازي للمحافظة عليها ثم الى ايطاليا لحمايتها وبقت هناك الى عام 1961 عندما طالبت الحكومة الليبية باسترجاعها من ايطاليا وبالفعل وصلت الى ليبيا واعد بها قائمة بمثابة الجرد لها وأودعت البنك التجاري دون وجود اي ضمانات ولم يقوموا المعنيين بتوثيقها على الوجه المطلوب اقلها توثيقها من حيث الصور، وهكذا تركت هذه الوديعة القيمة بدون توثيق علمي لها ، كما ان مجموعة اخرى اضيفت اليها من بنغازي تحوي اشياء قيمة ايضا لم توثق بصورة جيدة ولم يصور الا جزء بسيط منها، وها هي ضاعت فكيف يتم التبليغ عنها وإرجاعها ونحن لا نملك صور لها، ومن هنا يتأكد قيمة التوثيق وان عدم الاهتمام به ادى الى كارثة كبيرة.
ودعونا ننظر للموضوع من زاوية اخرى حيث تنتشر المواقع الاثرية انتشارا كثيفا في الكثير من المناطق الليبية مثلا في الجبل الاخضر وسهل بنغازي وفي الاودية الليبية بصورة عامة هناك ألاف المواقع الاثرية الصغيرة التي كانت مزارع محصنة او ابراج او مستوطنات صغيرة وهي حاليا تقع داخل املاك بعض المواطنين وبسبب كثرتها فهي غير موثقة وبعضها ازيل سواء من قبل مواطنين ام الدولة بحجة اقامة مشاريع عمرانية وهذا ادى الى ضياع جزء من الموروث الثقافي المعماري في فترة حضارية معينة، ومن هنا فان غياب التوثيق يجعل فقدان هذه المواقع الحضارية كارثة لأنها احيانا تزال وليس عليها اي دليل يشار اليها. ودعونا نتحدث من زاوية اخرى ايضا حيث المخازن الاثرية وما تحويه من ذخائر ومقتنيات بعضها منذ الحفريات الايطالية وبعضها ينسب الى حفريات اقيمت في فترة ما ووضعت مقتنياتها بدون توثيق كامل. والأدهى ان نجد بعض المتاحف تعرض بها مقتنيات غير مسجلة وموثقة فالكثير من المتاحف تحتاج الى توثيق معروضاتها وهذا نوع من الحماية لها.
وفي خضم هذا الواقع ما الذي نحتاجه للتوثيق التراث الثقافي الليبي لاسيما المادي  فمصلحة الاثار المشرفة بحكم القانون على الاثار الليبية هي المسؤولة على توثيق التراث المادي اي الاثار الثابتة المنتشرة على الارض الليبية بنماذجها المتنوعة وفتراتها الزمنية المختلفة ، وهذا يتأتى من خلال وضع خطة للمسح الاثري يقوم به الباحثون من خلال تشكيل فرق عمل وتجهيزهم بوسائل وتقنيات المسح الحديثة وعلى سبيل المثال يحدد شهرين في السنة في الربيع او في الصيف مثلا بحيث تنطلق حملة تسجيل المواقع الاثرية في جميع المراقبات مع وجود لجنة عامة تشرف على هذا العمل  تحدد خطوطه العريضة بحيث تقسم ليبيا الى مربعات في شكل شبكة ترقم مربعاتها،بحيث يتم العمل من خلال هذا التقسيم بمجموعات من الباحثين والمساحين الذين يجب تجهيزهم بالبرامج الخاصة التي تسهل عملية التسجيل بطريقة موحدة وايجاد قاعدة بيانات موحدة تعمم على الجميع لتطبيقها ، وهذا يُمَكّن في النهاية من وضع خارطة اثرية لليبيا ولنا فيما عملته تونس من عمل مميز في هذا الصدد خير مثال ويمكن الاستعانة بهم والاستفادة من تجربتهم. ولقد بدأت مصلحة الاثار في اعداد باحثيها بدورات تخص المسح الاثري والتوثيق بالـ GPS تشرف عليها البعثة الامريكية في شحات. وهولاء يعول عليهم في قيام هذا المشروع، كما اننا نحتاج الى توثيق الاثار المنقولة الموجودة في المخازن والمتاحف ويمكن ان يكون فصل الشتاء الفصل المناسب لقيام حملة تسجيل موحدة للمتاحف والمخازن مع وجود قاعدة بيانات خاصة بذلك ويمكن الاستعانة بالقواعد التي طبقها الايطاليون والفريق الليبي في توثيق مخازن السراي الحمراء. إضافة الى مطالبة جميع البعثات توثيق ما يعثرون عليه والاتفاق على الية معينة بحيث يتم تسجيل اللقية الاثرية ووضع رقم لها سيكون مرافقا لها منذ العثور عليها حتى وصولها الى المخزن او المتحف، والتركيز في عملية التوثيق على التصوير بحيث يكون لكل قطعة صورة او اكثر إضافة الى ما تتطلبه التوثيق من وصف واشياء اخرى تذكر في البطاقة او النموذج الموحد الذي يعد ويجب ان تزود به كل لقية ويسجل كتابيا ثم يتم ادخاله في قاعدة بيانات قد تكون اقليمية وترتبط بقاعدة بيانات رئيسية على مستوى ليبيا. هذا ما نطمح له حتى توثق الاثار الليبية ويمكن الاستعانة بالعمالة المؤقتة مثل طلاب الاثار وخريجي الاثار غير العاملين في مصلحة الاثار بحيث الاستفادة منهم في اعمال التوثيق التي تحتاج الى الكثير من الايدي العاملة المدربة.وبهذا المشروع نحمي موروثنا الثقافي ويكون من السهل استرجاعه اذا تعرض للنهب والسرقة، ويكون عندنا الوثائق المطلوبة اي سند الملكية للمطالبة به ، التي من خلالها نعرف ما نملكه من آثار ثابتة ومنقولة تبنى عليها الدراسات الاثرية وتقام من خلالها المتاحف.
   

اعادة اكتشاف نقش اغريقي في اجدابيا



نشرت المقالة في العدد 12 من صحيفة افاق اثرية الصادر في ديسمبر 2012
http://www.afaqatherya.com



اعادة اكتشاف نقش اغريقي في اجدابيا

طالعتنا صحيفة اخبار بنغازي في عددها  رقم 2495 السنة 17 الصادر يوم الثلاثاء الموافق 18/9/2012 بمقالة صغيرة  تحت اسم " اكتشاف نقش اثري في مدينة اجدابيا" يشير فيها كاتبها الى اكتشاف نقش جديد في الايام الماضية قدم معلومات عن مكانه وابعاده كما نشر صورة له، والواقع انه بعد مطالعة الخبر ومشاهدة صورته وقرأت جزء منه اتضح انه يمكن ان يكون قد نشر من قبل ، وبالفعل بعد مراجعة المقالة التي نشرها سلفيو فيري عام 1925 عن نقوش اجدابيا:S.Ferri, "Firme di Legionari della Siria nella Gran Sirte" Rivista della Tripolitania, 2 (1925-1926)pp.362-386.
   اتضح انه نفس النقش الذي عثر عليه فيري عام 1924 الى جانب مجموعة اخرى من النقوش المنقوشة على الصخر في اماكن متفرقة من اجدابيا. وقد تأكدنا من ذلك من خلال زيارتنا للموقع بتاريخ 29/9/2012 حيث اتضح ان النقش عبارة عن نقش تذكاري بحروف كبيرة الحجم (30-40 سم) نقش على الارض الصخرية الى جانب نقوش اخرى مختفية الان وبجانبه بعض الصهاريج والابار ، يتكون النقش من ثلاثة اسطر غير متساوية الطول حيث ان السطر الاول بطول 5 امتار و الثاني بطول 7.10 مترا والثالث بطول 6.10 مترا ، ويتاوفت عرضه ما بين 68 سم و1.33 مترا .ومن خلال ما نشره فيري واعيد نشره في العدد التاسع من ملحق النقوش الاغريقية (Supplementum Epigraphicum Graecum) تحت الرقم 775 (SEG.IX,775) فالنقش يقرأ على النحو الاتي:
(Ἔτους) πβʹ, Μεχεὶρ ζʹ. Ἥκω
 Μαγίων Ἀρτεμιδώρου κεντυρίων
 Ἀπαμεὺς τῶν ἀπὸ Συρίας.
 ويترجم النقش انه في السنة الثانية والثمانون في اليوم السابع من شهر مخير اتيت انا قائد المائة ماجيون بن ارتيميدروس الابامي (من مدينة اباميا) من سوريا.
والسنة المشار اليها في  النقش تعادل سنة 51 م  والسابع من شهر مخير يعادل يوم 14 فبراير. ومن هنا فان تاريخ النقش منتصف القرن الاول الميلادي. وتجدر الملاحظة ان بداية النقش بشكل يشبه حرف (L) اللاتيني هو رمز للكلمة الاغريقية (Ἔτους) أي سنة وهي طريقة معروفة للتأريخ عند الاغريق والرومان في الاقليم وفي اماكن اخرى من العالم.
والنقش وثيقة مهمة اذ انه يشير الى جزء من فيلق روماني جاء من سوريا لحماية الحدود الغربية في اجدابيا التي كانت تسمى كورنيكلانم وكان بها حصن روماني مهم يدافع عن حدود كيرينايكي او المدن الخمس الغربية، ربما هولاء الجنود تابعين للفيلق الابامي الاول COHORS I APAMENORUM الذي توجد ادلة على وجوده في مصر في منتصف القرن الثاني الميلادي.
وبسبب اهمية هذا النقش يفضل المحافظة عليه وان تنظف المنطقة المحيطة به جيدا لانه حسب الخارطة التي اعدها فيري لمكان هذا النقش كانت توجد بجانبه نقوش اخرى مختفية الان فمن الضروري البحث عنها ، وعدم البناء عليها ، اي ان منطقة النقش منطقة اثرية يجب المحافظة عليها وبناء غرفة اعلى تلك النقوش للمحافظة عليها.

حمامات هادريان في لبدة



نشرت المقالة في العدد 12 من صحيفة افاق اثرية الصادر في ديسمبر 2012
http://www.afaqatherya.com/

حمامات هادريان في لبدة


تمثل حمامات الإمبراطور هادريان الحمامات الرئيسة بمدينة لبدة ومن بين المباني الضخمة بها حيث تشغل مساحة ثلاثة هكتار (بما فيها الملعب او البالايسترا) ، وقد كشف عنها الايطاليون بعد الحفريات التي اجريت بها ما بين 1920-1927م باشراف ريناتو باتروتشيني الذي نشر كتاب عنها عام 1929، ويمكن مقارنتها من حيث الضخامة والزخارف بالحمامات الامبراطورية التي بنيت في مدينة روما مثل حمامات نيرون وحمامات تيتوس وحمامات تراجان التي افتتحت عام 109 م والاخيرة أثرت في تخطيط حمامات لبدة وأقرب لها زمنيا ، حيث شيدت هذه الحمامات  في عصر الامبراطور هادريان و افتتحت في نهاية عهده وتحديدا عام 137 م تحت اشراف البروقنصل بوبليوس فاليريوس بريسكوس حيث يشير النقش التأسيسي الى ذلك، ويبدو ان اعمال البناء كانت قد بدأت في عام 123م حيث عثر على اختام على بعض القوالب القرميدية تشير الى هذا التاريخ. وقد اجريت ترميمات على الحمامات في عصر الامبراطور كومودوس (180-192م) وعصر الامبراطور سيفيريوس (193-211م). 
وعند النظر الى مخطط حمامات هادريان يلاحظ ان مخططها يتميز بالتناظر والتناسق بين عناصره لاسيما مكوناته الثانوية التي توجد في الناحية الشرقية والغربية على جانبي حجرات الحمام الرئيسة (الحمام البارد والدافيء والساخن والتعريق) والتي تقع على امتداد المحور الرئيسي للحمامات الذي يمتد من الشمال الى الجنوب. وقبل ان توصف اجزاء الحمامات تنبغي الاشارة الى ارتباط الحمامات بمبنى ملتصق بها من الناحية الشمالية استغل كملعب لممارسة الرياضة يعرف اصطلاحا باسم البالايسترا (رقم 8 في المخطط) وهو ساحة مفتوحة تنتهي نهايتيها من الشرق والغرب بحنية ، ويوجد بداخل الملعب رواق كبير محمول على 72 عمودا من الطراز الكورنثي من الرخام الابيض ورخام  الشيبولينو الاخضر اللون، وقد قسمت الساحة المفتوحة من الملعب الى اجزاء بواسطة احجار من الحجر الجيري تمارس فيها انواع مختلفة من الرياضة، وعلى الجانب الشمالي من الملعب توجد قاعتين في شكل مستطيل تنتهي بحنية في جدارها الشمالي (رقم 9 في المخطط) ، ويوجد بداخلها رواق مربع الشكل وقد خصصت حنية للاله ليبرباتر والاخرى للبطل المؤله هيراكليس، كما زين جزء منها بتماثيل بعض النبلاء وزوجاتهم .
ومن عدة مداخل في الجانب الجنوبي من الملعب يمكن الولوج الى الحمامات حيث يقابل الزائر حوض السباحة (رقم 7 في المخطط)  الذي يوجد في مساحة مكشوفة ابعادها 41 × 25 مترا يتخللها رواق مقام على اعمدة رخامية وردية اللون من الطراز الكورنثي من ثلاث جهات، وتوجد دعامات ضخمة من الناحية الجنوبية ، اما الحوض فهو يتوسط هذا الرواق وابعاده 27.8 × 14.55 مترا وبعمق 1.75 مترا وهناك درج للنزول اليه كما بلط الحوض بمكعبات فسيفسائية بيضاء اللون. ومن الناحية الجنوبية من هذا الرواق يمكن الدخول الى حجرة الحمام البارد(الفريجيداريوم) (رقم 4 في المخطط) عبر ممر يمتد من الشرق الى الغرب (رقم 2 في المخطط) ، والحمام البارد قاعة كبيرة ابعادها 30.35 × 15.40 مترا يتكون من صالة مبلطة بالرخام ومدعمة بثمانية اعمدة شيبولينو ارتفاعها 8.65 م وقطرها 1.20 م تحمل عقود من الكونكريت تحمل بدورها السقف وتدعمه، وعلى جانبي هذه الصالة يوجد حوضين للسباحة مبطنة بالرخام ومزخرفة باعمدة جرانيتية خضراء، وزينت بمجموعة كبيرة من التماثيل. وما يلفت الانتباه وجود ممر او دهليز بعرض 4 م يدور حول الحمام البارد (رقم 2 في المخطط) ذُكر في نقش باسم كريبتا (Crypta) ويفصل الحمام البارد عن بقية ملحقات الحمام وهذه ظاهرة معمارية لم تشاهد في حمامات رومانية اخرى.وهناك مدخل مقنطر او بقوس في الناحية الجنوبية من صالة الحمام البارد يؤدي الى حجرة الحمام الفاتر (التيبيداريوم) (رقم 3 في المخطط) التي كانت مفصولة عنها بممر يمتد على طول الحمام البارد ، وقد قسّم الرواق في فترة لاحقة الى حجرتين تابعة للحمام الفاتر اضافة الى الحجرة المركزية التي كانت الاصل للحمام الفاتر عند بناء هذه الحمامات. ويمر من مدخل في الجدار الجنوبي من تلك الحجرة المركزية الى حجرة الحمام الساخن(الكالداريوم) (رقم 2 في المخطط) التي تتكون من حجرة مستطيلة ابعادها 22.15×10.90 م يوجد في جدارها الجنوبي خمسة احواض منها ثلاثة بمداخل معقودة وهي تظهر في شكل اقبية وكانت من اهم اجزاء الحمامات بروزا قبل التنقيب عن هذه الحمامات حيث رسمها رحالة القرن التاسع عشر، تصل المياه الساخنة الى هذه الاحواض عن طريق الافران التي تقع الى الجنوب منها. وهناك نقش تذكاري اضافة الى الادلة المعمارية على ان هذه الاحواض تعد اضافات لاحقة تنسب الى اصلاحات الامبراطور كومودوس بواسطة روسونيانوس(صورة مرفقة). وتوجد مداخل في الحمام الساخن تؤدي الى حجرات التعريق (لاكونيكا) وعددها اربع حجرات صغيرة متناظرة تقع  كل اثنين منها على جانبي الحمام الفاتر ، وكانت هذه الحجرات تزود بالهواء الساخن الذي يمر تحت ارضيتها المرفوعة على دعامات قرميدية كما يمر الهواء الساخن عبر انابيب قرميدية تتخلل جدرانها.ويستطيع المستحم ان يعبر من هذه الحجرات الى الحمام البارد عن طريق مداخل في جدرانها الشمالية. كما توجد عدة حجرات اخرى منتشرة في اجزاء متفرقة من الحمامات لا تعرف وظيفتها على وجه الخصوص من بينها حجرات تقع على جانبي الحمام البارد ربما يستعمل بعضها لخلع الملابس (ابوديتوريوم) (رقم 6 في المخطط)، وبعضها قد يستخدم للاجتماعات واخرى للاستقبال وتناول الاطعمة. ويلاحظ وجود حجرة مراحيض عامة (فوريكا) خاصة بالرجال في اقصى الناحية الشرقية (رقم 5 في المخطط) من الحمام البارد مقاعدها من الرخام وتمر امامها سواقي المياه للتنظيف، بينما مراحيض النساء وهي اصغر حجما تقع في الناحية الغربية من الحمام البارد ايضا (رقم 5 في المخطط).كما توفرت المياه لهذه الحمامات عن طريق مجموعة من الصهاريج والخزانات تقع في الناحية الجنوبية الشرقية من الحمامات،ويفهم من نقش عثر عليه هناك ان احد اثرياء المدينة المدعو كوينتوس سرفيلوس كانديدوس قد انفق بعض امواله لتزويد لبدة والحمامات بالمياه. ويلاحظ الاهتمام بحجرات الحمام الساخنة و الفاترة وحجرات التعريق حيث كانت اسقفها برميلية متقاطعة مبطنة بالفسيفساء بالوان متعددة منها الازرق والاخضر والذهبي.
واللافت للانتباه تلك التماثيل التي تزين حجرات هذه الحمامات وعثر عليها موزعة بين تلك الحجرات و لاسيما في حجرات الحمام البارد والفاتر، والتي بلغ عددها 40 تمثالا متنوعا بين تماثيل دينية واسطورية وتماثيل اباطرة وتماثيل شخصية لبعض الاعيان، اهمها نسخ رومانية لاعمال نحتية مشهورة لنحاتي اغريق، وجل هذه التماثيل في حالة جيدة وتعرض في متحف لبدة ومتحف ليبيا والمتحف الوطني بطرابلس ، من اهمها تمثال ساتير (من اتباع باخوس او ديونسيوس اله الخمر) بارتفاع 178 سم، وهو نسخة رومانية من تمثال النحات الاغريقي براكستليز في القرن الرابع ق.م.، تمثال الاله ابوللو  باتفاع 169 سم وهو نسخة رومانية لاصل اغريقي يرجع للقرن الخامس، وتمثال آخر للاله ابوللو ارتفاعه 215 سم نسخة رومانية لاصل من نحت براكستليز، وقد استبدل رأسه فيما بعد برأس الشاب انطونيوس معشوق الامبراطور هادريان الذي مات غرقا، وهناك تمثال إله الحرب مارس بورغيزي بارتفاع 218 سم ، تمثال يمثل إله التجارة ميركوري او هرمس ارتفاعه 175 سم، تمثال الساتير مارسياس بارتفاع 200سم،تمثال ابوللو حامل القيثارة ، تمثال عاصب الجبين وهو نسخة رومانية لاصل اغريقي للنحات بوليكلايتوس في القرن الرابع ق.م.، تمثال للالهة البحر امفتريت ارتفاعه 168سم ، تمثالان ينسبان لفاوستينا الكبرى زوجة الامبراطور انطونيوس بيوس ، ارتفاع الاول 170 سم والثاني 174 سم ، نسخة رومانية من تمثال حامل الرمح للنحات الاغريقي بوليكلايتوس، نسخة رومانية من تمثال الاله هرمس للنحات الاغريقي ليسيبيوس في القرن الرابع ق.م.ارتفاعه 142سم، تمثال الالهة افروديت ارتفاعه 1.63 م، تمثال طفل ربما ساتير صغير ارتفاعه 82 سم، تمثال إله الطب اسكلبيوس ارتفاعه 149 سم، تمثال الهة النصر فيكتوريا ارتفاعه 95سم، تمثال صغير يمثل ديوسكوري ارتفاعه 89 سم،تمثال الاله باخوس ارتفاعه 97.5سم ، تمثال قاضي ارتفاعه 175سم ، تمثال فيكتوريا ارتفاعه 81 سم، تمثال افروديت ارتفاعه 144سم ، تمثال امرأة ارتفاعه 141 سم، تمثال الالهة ايزيس ارتفاعه 124 سم.والمجموعة الاخيرة تعرض في المتحف الوطني بطرابلس.كما يعرض في متحف لبدة تمثال لاسكلبيوس مؤله الطب واحد رعاة الحمامات، وتمثال للبطل هيراكليس، وتمثال الاله مارس جالسا، ويعرض في متحف ليبيا تمثال افروديت الذي اهداه موسوليني الى المارشال الالماني جورنج بمناسبة زيارته لبدة عام 1938 وأعيد التمثال الى موطنه عام 1999 ليعرض في متحف السراي (الوطني حاليا) ثم نقل الى متحف ليبيا الذي افتتح عام 2009.   
يراجع عن هذه الحمامات:
R. Bartoccini, Le Terme di Lepcis (Afrika Italiana: Monografie a cura del Ministero delle Colonie, IV), Bergamo, 1929.