الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

اعادة اكتشاف مدينة قرزة الاثرية و نقل بعض منحوتاتها الى متحف اسطنبول


ان قصة اكتشاف لوحات قرزة المنحوتة في العصر الحديث جديرة بالتنويه و ينبغي التعرض لها حتى يتم التعرف على كيفية وصولها الى ذلك المتحف (المتحف الوطني للاثار في اسطنبول). واللافت للانتباه في هذا الشأن ان السكان المحليين المقيمين قرب قرزة كانوا على اطلاع بقرزة واثارها بحكم سكناهم قربها او مرورهم بجانبها بيد انهم لم يدركوا ادراكا صحيحا ماهية تلك الآثار حيث ان خيالهم البسيط حاك حولها الكثير من الاساطير و الخرافات لتفسير المشاهد التي تحملها النحوت البارزة التي تظهر على مباني قرزة خاصة ان تلك النحوتات تجسد مشاهد من الحياة اليومية كالرعي والزراعة تظهر بها اشكال ادمية و حيوانية غير بعيدة عن حياتهم التي يعيشونها ، فيبدو انهم تساءلوا اين ذهب اولئك ولماذا بقيت اشكالهم على تلك المباني ؟ وكان التفسير الذي توصلوا اليه وتنقلوه من جيل الى آخر واشبع فضولهم و تماشى مع بساطة تفكيرهم ان قرزة مدينة مسخوطة سخطها الله بعد ان غضب عليهم و حوٌل سكانها الى اصنام او تماثيل لذا فانهم تجنبوا السكن بقربها او نقل حجارتها المسخوطة خوفا من وقوع اللعنة عليهم وكان هذا مدعاة لحماية اثار هذه المدينة ، وقد سمع الاميرال البحري البريطاني وليام هنري سميث (W .H.Smyth) في عام 1817 ف الكثير من هذا عند اعتزامه زيارة مدينة قرزة الاثرية بعد ان سمع انها مليئة بالتماثيل واستطاع ان يجلب منها بعض المنحوتات البارزة منها لوح يحمل نحت بارز لفارس وميدالية نحاسية رومانية عليها صورة فاوستينا الكبرى اعطاها له احد الاهالي ، أي ان سميث يعد اول من نقل احدى منحوتات قرزة خارجها و اول منحوتة تصل الى اوروبة من قرزة حيث نقلها بواسطة الفرقاطة البريطانية التي تدعى وايماوث (H. M S . Weymouth) في شهر الحرث (نوفمبر) عام 1817 وذلك ضمن الآثار التي تحصل عليها سميث من لبدة و طرابلس والتي وضعت في عشرين صندوقا أرسلت الى بريطانيا .
كما اهتم الرحالة ديكسون دنهام ( D. Denham ) عند زيارته لقرزة في 13/ 1 / 1825 ف بمنحوتاتها حيث قام بعمل رسوم مبدئية (رسم كروكي) لبعض الطنف (الافاريز) و ما تحمله من مشاهد خاصة الافريز الجنوبي في الضريح ب بالمقبرة الشمالية ، والافريزان الشرقي والغربي للضريح ج من نفس المقبرة .


وعمله هذا يعد وثيقة مهمة ساعدت الباحثين على اعادة تركيب المشاهد او لوحات الافريز بعد سقوطها من اماكنها الاصلية ونقل بعضها الى متحف اسطنبول الاثري .
ويبدو انه في منتصف القرن التاسع عشر لم تبقَ بعض اللوحات في مكانها حيث تعرضت بعض الاضرحة لسقوط أجزائها العلوية او انها انتزعت افاريزها مما ادى الى انهيار الجزء العلوي من بعض الاضرحة ، ومن بينها الافاريز التي تحمل المشاهد المنحوتة خاصة في الضريح ب بالمقبرة الشمالية ، أي انه اصبح من السهل نقلها وبالفعل تم نقل مجموعة من المنحوتات الى طرابلس ثم الى اسطنبول تمثلت في ثلاث عشرة لوحة حجرية انتزعت من الضريحين ( ب، ج ) بالمقبرة الشمالية والضريح (و) بالمقبرة الجنوبية، ويبدو ان المسؤولين عن هذا العمل مجموعة من الموظفين الاتراك الذين كانوا يرتادون تلك المناطق لجمع الاعشار و الضرائب من السكان وصادفوا تلك اللوحات فنقلوها الى طرابلس خاصة ان الخرافات التي كانت تحاك على قرزة قد انتهت بعد زيارة الرحالة الأوربيين لها ونقل جزء من منحوتاتها ، عموما قد يكون الهدف من نقل المنحوتات هو ارسالها الى اسطنبول التي بدأ التفكير في انشاء متحف اثري بها و قد ينسب ما حدث في قرزة الى ما قام به سكرتير الوالي علي رضا باشا المدعو كارابيلا افندي بين عامي 1868 - 1869 ف بتجميع مجموعة من الاعمدة والمنحوتات وغيرها من اثار مدينة لبدة وصبراتة ومنطقة طرابلس ، عموما تم الاستحواذ خلال هذه الفترة على عدد ثلاث عشرة لوحة حجرية من اضرحة قرزة ربما بواسطة موظفين اتراك ووفقا لاوامر كارابيلا افندي الذي ارسلها الى اسطنبول مع المجموعات السابقة ، وماتزال منحوتات قرزة تعرض في المتحف الوطني للاثار باسطنبول ، وبصورة عامة وصلت تلك المنحوتات الى اسطنبول قبل عام 1873 حيث تذكر بروجان ان نقشا من قرزة كان معروضا في ذلك المتحف قد نسخ من قبل شخص يدعى ديثييه ( Dethier) قبل السنة المذكورة آنفا ونشره ضمن مجموعة النقوش اللاتينية ( C IL ) اضافة الى نقش لاتيني من قرزة ومن الضريح ب بالمقبرة الشمالية تحديدا قد وصل الى اسطنبول في عام 1868 ف ، ويبدو ان هذين النقشين قد وصلا الى اسطنبول برفقة منحوتات قرزة مع مجموعة كاربيلا افندي ، والجدير بالذكر انه عند وصول تلك المنحوتات الى اسطنبول لم تذكر عنها اية معلومات تتعلق بمصدرها ويرجع الفضل الى الاستاذ ميندل ( G .Mendel)في نسبتها الى قرزة عند اعداده كتالوج منحوتات المتحف المذكور وذلك بعد مقارنتها بما نشره الرحالة الفرنسي ماثزويلكس من صور ضوئية لبعض منحوتات قرزة بعد زيارته لها في عام 1904 ،واستنادا على نصف نقش من قرزة يعرض في ذلك المتحف يؤكد ميندل انه اتى من نفس المكان الذي وصلت منه المنحوتات ، ولقد استطاعت الانسة اولوين بروجان ان تثبت بما لا يدع مجالا للشك انها تنسب الى قرزة بناء على ملاحظات ميندل السابقة اضافة الى الاستعانة بالرسم الكروكي لبعض المنحوتات الذي اعده الرحالة دنهام زد على ذلك العثور على النصف الثاني من النقش المذكور سلفا وملاحظات ترتبط بما تبقى من لوحات الافاريز ومقارنتها بمنحوتات متحف اسطنبول، واستنادا على ما سبق يؤكد نسبة تلك المنحوتات الى قرزة .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

http://www.facebook.com/AtharQrzh