القيت هذه المحاضرة على هامش احتفالية عودة بعض الاثار الليبية المهجّرة التي اقيمت في متحف ليبيا بين يومي 26-27 / 5 / 2010
لعل ابرز ما يميز المقابر الرومانية المنتشرة في محاجر مدينة توكرة الاثرية هي نقوشها الجنائزية التي نقشت على واجهاتها او داخلها او على شواهد منفصلة ، ويعد الرحالة الاجانب اول من لفت الانتباه اليها ، فهذا الاخوان بيتشي في 1822 ينسخون بعضها ويفسرون ما تحويه تلك النقوش ، اما باشو فقد نسخ ما يربو عن 120 نقشا ونشرها في كتابه الصادر عام 1827 وهذا العمل الرائد جعل الدارسين يهتمون بهذه النقوش وينشرونها في مجموعات النقوش العالمية مثل (CIG) عام 1853 ، كما ان عمله مكن الدارسين من التعرف على النقوش التي ضاعت بسبب العوامل الطبيعية ، ومن اهم الاعمال التي اجريت على تلك النقوش ذلك المسح الذي اجراه الايطالي غاسبارو اوليفيرو والذي نشره عام 1936 حيث سجل جميع النقوش التي كانت ظاهرة وقام بدراستها ، وسريعا ما اعيد نشر عمله في ملحق النقوش الاغريقية (SEG) ، ثم توالت الدراسات على تلك النقوش التي اهمها ما قامت به عالم النقوش جويس رينولدز من اعادة قراءة النقوش التي سبق نشرها كما نشرت نقوش جديدة في ملاحق النقوش الاغريقية الاعداد 16 ، 20 ، 33 . كما ان الباحث خالد محمد الهدار قد اعاد نشر تلك النقوش في ملحق خاص في كتابه عن مدينة توكرة الاثرية (تحت الطبع) ترجم فيه جميع تلك النقوش ، وخلال الاعوام 2006-2010 قام الباحث نفسه باعادة مسح النقوش الجنائزية في جميع محاجر المدينة البالغ عددها حوالي 30 محجرا ، وقد اسفر ذلك المسح على العثور على عدد كبير من النقوش الجديدة التي لم تنشر من قبل ، واعيدت قراءة نقوش سبق نشرها ، وقد وثقت جميع النقوش بالتصوير وحددت اماكنها بالـ (GPS) ووضعت على خرائط المحاجر، وقد مكنت الاعمال السابقة من النتائج الاتية:
- يبلغ عدد النقوش الجنائزية اكثر من 400 نقشا و بهذا فان مدينة توكرة تعد اغنى مدينة اثرية في ليبيا بالنقوش الجنائزية .
- غالبية هذه النقوش نقشت باللغة الاغريقية لان الثقافة السائدة في العصر الاغريقي والروماني هي الثقافة الاغريقية ، ويوجد نقشا وحيدا كتب بالاتينية.
- هذه النقوش تعد بمثابة الشواهد التي تعبر عن المدفونين في مقابر الحجرات التي استعملت خلال العصر الروماني والبيزنطي في مدينة توكرة الاثرية.
- احتوت النقوش على تاريخ الوفاة باليوم والشهر والسنة ، واسم الميت واسم والده وعمره عند الموت.
- استعملت الشهور المصرية القديمة في تأريخ تلك النقوش (ثوت ، ميخير ، ميسوري وغيرها ).
- وضحت لنا الاسماء الشخصية الواردة في النقوش الجنائزية اصل الاموات و ديانتهم ، حيث كان اغلبهم اغريق وهناك رومان وليبيين و يهود، تفاوتت ديانتهم من الوثنية الى اليهودية و المسيحية.
- تبين من خلال تلك النقوش ان سن الموتى تفاوت من شهور الى 100 عام ، وان الكثيرمن الموتى قد ماتوا وهم في العشرينيات من عمرهم مما قد يعكس تردي الاوضاع الصحية بالمدينة.
- لقد عكست هذه النقوش تاريخ المقابر والدفن في مدينة توكرة الاثرية في العصر الروماني.
- وجهت المحاضرة الدعوة الى العناية بهذه النقوش وحمايتها لانها توجد في العراء تحت التأثير السيء للعوامل البشرية والطبيعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق