السبت، 20 سبتمبر 2008

عودة تمثال فينوس قوريني





ليبيا تستعيد تمثال فينوس قوريني من ايطاليا


في غمرة الاحتفالات بالعيد التاسع و الثلاثين لثورة الفاتح العظيمة ، شهدت مدينة بنغازي صبيحة 30/8/2008 استعادة الشعب الليبي لاحدى منحوتاته الرائعة التي نهبها الاستعمار الايطالي منذ ما يقرب من قرن من الزمن وذلك على هامش الاحتفال الكبير الذي اعلن فيه رئيس وزراء ايطاليا سيلفيو بيرليسكوني الاعتذار الرسمي لشعبه ودولته عن حقبة الاستعمار الايطالي و تقديم التعويضات المناسبة لليبيين عما اقترفه الايطاليون من جرائم و مآسي ضد المواطنين الليبيين.
وتمثلت هذه المنحوتة في تمثال رخامي للمؤلهة فينوس (افروديت) مؤلهة الحب والجمال في الاساطير الكلاسيكية ، وقدعثر عليه الجنود الايطاليون الذين كانوا مستقرين في الحرم الديني بمدينة شحات الاثرية (قوريني- كيريني) في صباح يوم 28/12/1913 ، وتحديدا في منطقة الحمامات العامة التي بنيت في عهد الامبراطور تراجان وذلك قبل الكشف عنها ، حيث لاحظ بعضهم ان الامطار الغزيرة والمياه المنهمرة من النبع في الليلة السابقة قد ادت الى ابراز كتلة رخامية كادت تهشمها السيارات العسكرية التي كانت تتجول في المنطقة الاثرية ، وقد اتضح للجنود بعد قلب الكتلة و تنظيفها انها تمثل تمثال رائع بدون رأس للمؤلهة فينوس ، هذا الرأس المفقود بحث عنه طويلا وكان سبباً لاكتشاف منطقة الحرم الديني بالكامل ولكن دون العثور عليه ، وبسبب اهمية هذا الاكتشاف فقد نقل التمثال على وجه السرعة الى بنغازي بحراً ليعرض فيها مؤقتاً ، وبعد ذلك صدرت الاوامر سريعا ً بنقله الى العاصمة الايطالية روما ليعرض بها حتى يحمس المجندين المترددين في الذهاب للقتال في ليبيا ، وبالفعل عرض في المتحف الوطني الروماني وظل معروضا في روما عشرات السنين دون ان تستطيع ليبيا استرجاعه الا بفضل جهود قائد الثورة الذي جعل قضية استعادة الاثار التي نهبتها ايطاليا من ليبيا ضمن الاعلان المشترك بين البلدين في9/7/1998م الذي تعهدت فيه ايطاليا بإعادة التحف والقطع الأثرية التي نقلت من ليبيا أثناء الاستعمار الإيطالي لهذا البلد الطيب ، وبداية في تنفيذ تلك الاتفاقية قام رئيس وزراء إيطاليا السابق ماسيمو داليما أثناء زيارته لطرابلس في 2/12/1999 م بارجاع تمثال فينوس الذي نهب من لبدة في عام 1939 واهداه الحاكم الإيطالي بالبو بأمر من السفاح موسوليني إلى المارشال الالماني جورنبج تقربا منه (يعرض في متاحف السراي حالياً). ويعد تمثال فينوس قوريني التثمال الثاني الذي تعيده ايطاليا الى ليبيا بمناسبة توقيع معاهدة الشراكة بين البلدين و اعتذار ايطاليا عما فعله الايطاليون من مظالم في حق الشعب الليبي.
اما عن ماهية هذا التمثال و اهميته فانه يعد من التماثيل المشهورة للمؤلهة افروديت آنادوميني (أي الخارجة من الحمام)، اذ يبلغ ارتفاعه 1.56 متراً ، وعلى الرغم من ان التمثال بدون راس وذراعين الا ان هذا لم يقلل من اهميته ، حيث صورت المؤلهة ـ في قمة الجمال الانثوي ـ وهي خارجة من الاستحمام في البحر الذي رمز له بالدلفين الذي تضع عليه ثيابها أو قد يرمز لميلاد المؤلهة من زبد البحر ، وفي الاصل فان المؤلهة جسدت وهي تشطف شعرها بعد خروجها من البحر ، ولعل شهرة هذا التمثال الروماني جاءت من انه نسخة مستوحاة من تمثال أغريقي يرجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد من أسلوب النحات الأغريقي المشهور براكستليز ، ويتضح في المنحوت تأثير مدرسة الاسكندرية في النحت التي اشتهرت في العصر الهلّينِستي ، كما انه يعبر عن براعة النحات المحلي الذي قام بنحته ، عموما التمثال يؤرخ بالقرن الثاني الميلادي و تحديدا عصر الاباطرة الانطونيين (138-192 م) ، وبسبب اهمية هذا التمثال فقد استحق ان يسمى فينوس قوريني تمييزا عن تماثيل فينوس التي عثر عليها في أماكن أخرى من العالم ، ويعد من التماثيل المشهورة في العام لفينوس ، فمرحبا بعودة هذا التمثال الى وطنه بعد غربته الطويلة .

ليست هناك تعليقات: